فياض: آن الأوان لوضع حد لسيطرة شعب على شعب آخر

بيت لحم – وكالة قدس نت للأنباء
أكد رئيس الوزراء بالسلطة الفلسطينية سلام فياض على أنه قد آن الأوان لوضع حد لسيطرة شعب على شعبٍ آخر، ومصادرة أرضه وتطلعاته الوطنية وحقه الطبيعي كباقي شعوب الأرض في الحرية والحياة الآمنة والعيش بأمن وسلام وبكرامة في وطنٍ له، وقال: "شعبنا بحاجة، وأكثر من أي وقت مضى، للأمل وتجديد الثقة بحتمية الخلاص من أطول احتلال عسكري استيطاني في التاريخ المعاصر".

وشدد فياض على أن "إسرائيل يجب أن تتوقف عن حرمان المؤمنين من شعبنا، مسيحيين ومسلمين على حد سواء، من ممارسة عباداتهم ومعتقداتهم الدينية، وعن منعهم من الوصول إلى كنائسهم ومساجدهم".

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء فياض أمام المؤتمر العالمي المسيحي "المسيح أمام الحاجز"، والذي تنظمه كلية بيت لحم للكتاب المقدس، بحضور محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل، والقس سانك بوك رئيس الاتحاد الانجيلي العالمي، وأكثر من 300 شخصية من رؤساء الكنائس والمؤسسات المسيحية.

وأكد فياض على أن حضور ضيوف هذا المؤتمر إلى فلسطين والإطلاع على واقع الحياة فيها يُشكل رسالة تضامن، ليس فقط مع الشعب الفلسطيني، بل ومع كل المناضلين من أجل خير البشرية وقضية السلام والحرية والعدل في العالم، وقال إن "حضوركم إلى فلسطين وخاصةً في هذه اللحظات الصعبة والمؤلمة والكارثية التي يُعيشها شعبنا، إنما يُشكل رسالة دعم وتضامن ضد الظلم والقتل والقهر والاضطهاد والاحتلال بكل صوره، وهو في نفس الوقت رسالة أمل بأن شعبنا ليس وحيداً، أو معزولاً في تطلعه للحرية والحياة الكريمة، لا بل، فإن الاحتلال والظلم هما المعزولان ولا بد لهما من نهاية".

واستعرض فياض خلال كلمته الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وخاصةً في القدس الشرقية وبيت لحم اللتان يُحاصرهما الجدار والاستيطان، وكذلك إصرار الحكومة الإسرائيلية على إخراج أعداد كبيرة من السكان خارج ما يُسمى بحدود القدس لتغيير الطابع الديمغرافي بهدف فرض حقائق إحتلالية احلالية لتقرير مصير الأراضي المقدسة.

واعتبر أن الاجتياحات العسكرية المتكررة لمناطق السلطة الفلسطينية إنما يهدف إلى تقويض مكانة السلطة ومنجزاتها، وقال إن "إمعان قوات الاحتلال في استمرار الاجتياحات العسكرية لمناطقنا يتناقض بصورة جوهرية مع الاتفاقات الموقعة، ومع الإقرار الدولي، لا بل، والإسرائيلي بما حققته السلطة الوطنية من استقرار ومن نجاح في بناء مؤسسات قوية وقادرة على تحقيق هذا الاستقرار وعلى تقديم الخدمات لمواطنيها."

كما أطلع فياض المؤتمرين على استمرار إسرائيل في سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم المنازل، وعرقلة جهود السلطة الوطنية لتنمية المناطق المُسماة (ج)، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، والتي تتزامن مع تصاعد اعتداءات المستوطنين الإرهابية على حياة أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاتهم ومصادر رزقهم وأماكن عبادتهم التي تُشكل في مجملها انتهاكاً صارخاً لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي وتستهدف وجود أبناء شعبنا في هذه المناطق، والتي تُشكل ما يزيد عن نسبة 60 % من مساحة الضفة الغربية، ودفعهم للرحيل عنها.

وشدد على أن ما يجري على الأراضي الفلسطينية بات يُظهر للعالم أجمع طبيعة الصراع على أرض فلسطين، ويُظهر المشهد على حقيقته كصراع بين إرادة البناء والحرية والحياة لشعب يسعى للحرية والانعتاق، وبين الإفلاس الأخلاقي لقوة المحتل الآيلة إلى زوال.

وأشار إلى أن تقريري ممثلي الاتحاد الأوروبي إزاء ما تتعرض له القدس الشرقية وما يعانيه أبناء شعبنا من سياسة منهجية فيها، وفي المناطق المسماة (ج)، حيث تستهدف إجراءات الاحتلال الوجود الفلسطيني في هذه المناطق جاءا ليؤكدا ما كنا قد صممنا على نقله للعالم، بل وتكريسه في الوعي المحلي والدولي، على حدٍ سواء، إزاء متطلبات شعبنا واحتياجاته في القدس الشرقية، وفي المناطق المسماة (ج).

وقال فياض إن " هذا الموقف يُشكل خطوةً متقدمة لتسليط الضوء على ممارسات الاحتلال ضد أبناء شعبنا. ونأمل، أن يمُهد هذا الموقف الطريق لاتخاذ خطواتٍ عملية ذات مغزى وكفيلة بوضع حد للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أرضنا ومواردنا، وما يتطلبه ذلك أيضاً من ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي وخاصة اللجنة الرباعية، مسؤولياته الكاملة لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الشرعية الدولية، وحتى للاتفاقيات الموقعة بين الطرفين".

وعبّر رئيس الوزراء عن إدانته الشديدة لإمعان إسرائيل في "استخدام العنف ضد الاحتجاجات السلمية التي يقوم بها أبناء شعبنا، والتي أدت اليوم إلى اصابة الطالب محمد تيسير أبو عواد باصابة خطيرة بالقرب من بلدة عطارة شمال رام الله، وهو يصارع من أجل الحياة، بعد أن تعرض لإصابة مباشرة بقنبلة غاز أطلقها جنود الاحتلال على رأسه، وكذلك الذي سقط ضحية هذه الاعتداءات قبل أقل من أسبوعين الشهيد طلعت رامية من بلدة الرام شمال القدس، وسبقها استشهاد الشاب مصطفى التميمي من قرية النبي صالح قبل حوالي شهرين".

وحيا فياض الأسير خضر عدنان والأسيرة هناء شلبي، اللذان باتا يُشكلان نموذجاً في نضال الشعب الفلسطيني وإصراره على نيل حريته واستقلاله، وكسر قيود الاحتلال، ودعا المجتمع الدولي، وكافة المؤسسات الدولية للتحرك الفوري من أجل إلزام إسرائيل بإلغاء الاعتقال الإداري، والذي يُشكل أحد مظاهر الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني، وإطلاق سراح جميع الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال، وخاصة المعتقلين إدارياً والنواب والأطفال والنساء.

وقال: "هذه الانتهاكات يجب أن تستحوذ على اهتمام جدي، وتحرك ملموس من قبل المجتمع الدولي وخاصةً اللجنة الرباعية، حيث لم يعد بالإمكان استمرار التسليم بمقولة تركيز الجهد على عملية سياسية في الوقت الذي يُدرك فيها الجميع أنها لن تكون قادرة على تحقيق أهدافها في ظل تعنت إسرائيل، وإمعانها في الاستمرار في انتهاكاتها، سيما أن ذلك يتم على حساب الاهتمام بما تجلبه هذه الانتهاكات من مخاطر حقيقية، سواء على شعبنا وأرضه ومصادر رزقه وحياة أبنائه، أو على مستقبل السلام برمته في هذه المنطقة".

وشدد رئيس الوزراء في ختام كلمته، على أن الشعب الفلسطيني، وبالرغم من الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، مصمم على المضي، وبإرادة لا تلين، في تعزيز وتعميق الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، والتي لن تكتمل إلا بإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وقال: "سنظل نعمل ونبني بأقصى طاقاتنا لتعزيز وتطوير البنية التحتية لتلك الدولة التي سترى النور قريباً، بأذن الله وتوفيقه، وبهمة وتصميم شعبنا، ودعم كافة الأشقاء والأصدقاء ومحبي العدل والحرية والسلام ومناصري الديمقراطية في العالم".

وهذه ترجمة لكلمة رئيس الوزراء
يسعدني ويشرفني مشاركتكم اليوم في افتتاح المؤتمر العالمي المسيحي، والذي يعقد للمرة الثانية تحت عنوان " المسيح أمام الحاجز". واسمحوا لي أن أرحب باسمكم جميعاً بضيوف فلسطين المشاركين في أعمال هذا المؤتمر تحت شعار "رجاء في وسط النزاع". وآمل أن تُكلل أعماله بالنجاح في إبراز قيم العدالة وحقوق الإنسان، والتي تمثل مدينة بيت لحم رمزاً لهذه القيم التي كرسها شعبنا بمسيحييه ومسلميه منذ قرون عديدة، وأن يتمكن المؤتمر أيضاً من تسليط الضوء على مدى الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له شعبنا وهو يواصل رحلة كفاحه لينل الحرية والاستقلال، واستعادة قيم العدالة والسلام في هذه الأرض المقدسة.

واسمحوا لي، في هذه المناسبة، أن أنقل إليكم تحيات الأخ الرئيس أبو مازن على حضوركم ومشاركتكم في هذا المؤتمر الذي يعقد في مدينة المهد، بكل ما لهذه المدينة من أهمية تاريخية وسياسية ودينية وثقافية واقتصادية واجتماعية، وخاصة في ظل سعي شعبنا المتواصل لحماية تراثها وإرثها التاريخي للبشرية جمعاء. واسمحوا لي كذلك أن أنقل لكم مشاعر الفخر والاعتزاز التي يشعر بها أبناء شعبنا الفلسطيني، وأهل مدينة بيت لحم، مدينة المحبة والسلام والأمل، وهي تستضيفكم رغم الاحتلال والاستيطان، ورغم الحصار والعزل والجدار. ولعل في حضوركم هذا واطلاعكم على واقع الحياة في بلادنا يشكل بحد ذاته رسالة تضامن، ليس فقط مع شعبنا، بل ومع كل المناضلين من أجل خير البشرية وقضية السلام والحرية والعدل في العالم.

نعم، إننا نرى في حضوركم إلى فلسطين، وخاصة في هذه اللحظات الصعبة والمؤلمة والكارثية التي يعيشها شعبنا، إنما يشكل رسالة دعم وتضامن ضد الظلم والقتل والقهر والاضطهاد والاحتلال بكل صوره، وهو في نفس الوقت رسالة أمل بأن شعبنا ليس وحيداً، أو معزولاً في تطلعه للحرية والحياة الكريمة، لا بل، فإن الاحتلال والظلم هما المعزولان ولا بد لهما من نهاية. لقد آن الأوان، أيها السيدات والسادة، لوضع حد لسيطرة شعب على شعب آخر، ومصادرة أرضه وتطلعاته الوطنية. لا بل، وحقه الطبيعي كباقي شعوب الأرض في الحرية والحياة الآمنة والعيش بأمن وسلام وبكرامة في وطن له فشعبنا، أيها السيدات والسادة، بحاجة، وأكثر من أي وقت مضى، للأمل وتجديد الثقة بحتمية الخلاص من أطول احتلال عسكري استيطاني في التاريخ المعاصر.

نعم، لقد آن الأوان لإنهاء هذا الاحتلال. كما آن الآوان للتوقف عن حرمان المؤمنين من شعبنا، مسيحيين ومسلمين على حد سواء، من ممارسة عباداتهم ومعتقداتهم الدينية، والتوقف عن منعهم من الوصول إلى كنائسهم ومساجدهم. وإن حضوركم لفلسطين وبيت لحم بصورة خاصة يشكل فرصة كي تطلعوا على معاناة شعبها والمؤمنين فيها. فقد أصَّل شعبنا الفلسطيني في هذه الأرض قيم التسامح، وسار على خطى الأنبياء انطلاقاً من الوفاء الكامل لتراثها الروحي والحضاري والثقافي، وأهمية التعايش بين الأديان عبر قرون طويلة، وحافظ شعبنا الفلسطيني، بمسيحييه وبمسلميه على ثقافة وقيم التسامح والتعايش، بالرغم من الظلم التاريخي الذي تعرض له منذ ما يزيد عن ستين عاماً... هي سنوات النكبة والتشرد منذ عام 1948، وأكثر من أربعة وأربعين عاماً من الاحتلال العسكري، ومصادرة الأراضي وأبسط الحقوق التي كفلها القانون الدولي والشرائع والرسالات السماوية لكل بني البشر.

فبيت لحم، أيها السادة والسيدات، التي تعانق كنيسة المهد فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة في مدينة القدس المحتلة، تعانيان كلاهما من جدار بشع يحول بينهما وبين حق شعبنا في كافة المدن والبلدات والقرى والمخيمات في حرية التنقل والعبادة والعمل. ورغم احتضان المدينتين وتنميتهما لقيم التعايش على مدار العصور، فإن أهلها يعانون من آلام العزل والتمييز وهدم البيوت، ومصادرة حتى أراضي المقابر، وهم يتطلعون إليكم والى كل المؤمنين وقوى الحرية والسلام والعدل في العالم لإنهاء قيود الاحتلال والظلم الذي لم يجلب، ولن يجلب سوى الكراهية والخوف والتعصب والتطرف.

يأتي انعقاد هذا المؤتمر، وشعبنا الفلسطيني يتعرض لأوسع هجمة استيطانية تستهدف تقويض حقوقه الوطنية المشروعة، وخاصة حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967. ومع ذلك فهو مصمم على مواصلة مواجهة هذه السياسة التوسعية الاستيطانية، وانتزاع حقوقه كافة كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، وحقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وكذلك حق اللاجئين في العودة، وقد سبق وأن عبر رؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة دوماً، سواء في تصريحاتهم أو بياناتهم عن استيائهم وقلقهم ورفضهم للسياسة المنهجية لسلطات الاحتلال الهادفة إلى فرض حقائق إحتلالية كولونيالية من محاولة منها، ومن طرف واحد لتقرير مصير الأراضي المقدسة، وتحديداً في مدينتي القدس وبيت لحم، بما في ذلك حصارهما بالاستيطان والجدار العنصري، وإخراج أعداد كبيرة من السكان خارج ما يسمى بحدود القدس لتغيير الطابع الديمغرافي فيها. بالإضافة إلى ما تتعرض له مدينة القدس المحتلة من محاولات لطمس هويتها الإنسانية كمهد للديانات والحضارات ونموذج لتعايش الأديان، وتغيير ممنهج لطابعها العربي الفلسطيني وتحويلها ومحيطها إلى بيئة طاردة للوجود الفلسطيني، ولعزلها بشكل تام عن محيطها الفلسطيني، وذلك بفعل إصرار حكومة إسرائيل على المضي بمشروعها الاستيطاني التوسعي الذي يستهدف تغيير معالم المدينة التاريخية والدينية والحضارية.

إن إمعان قوات الاحتلال، أيها السيدات والسادة، في استمرار الاجتياحات العسكرية لمناطقنا يتناقض بصورة جوهرية مع الاتفاقات الموقعة، ومع الإقرار الدولي، لا بل، والإسرائيلي بما حققته السلطة الوطنية من استقرار ومن نجاح في بناء مؤسسات قوية وقادرة على تحقيق هذا الاستقرار وعلى تقديم الخدمات لمواطنيها، فهذه الاجتياحات ليس لها أي مبرر سوى تقويض مكانة السلطة الوطنية ومنجزاتها. هذا بالإضافة إلى ما يخلفه الاستمرار في هدم وإخلاء المنازل من معاناة لآلاف العائلات، ناهيكم عن الاستمرار بفرض المزيد من القيود على الجهود التنموية للسلطة الوطنية، وتضييق الخناق على أبناء شعبنا خاصة في القدس الشرقية، وفي الأغوار، ومناطق خلف الجدار، ومجمل المناطق المسماة (ج). سيما أن ذلك كله بالتزامن مع تصاعد اعتداءات المستوطنين الإرهابية على حياة أبناء شعبنا وممتلكاتهم ومصادر رزقهم وأماكن عبادتهم التي تشكل بمجملها انتهاكاً صارخاً لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي. وهي في الواقع تستهدف وجود أبناء شعبنا في هذه المناطق، التي تُشكل ما تزيد نسبته عن 60 % من مساحة الضفة الغربية، ودفعهم للرحيل عنها.

إن ما يجري على أرضنا بات يظهر للعالم أجمع طبيعة الصراع على أرض فلسطين ، ويظهر المشهد على حقيقته كصراع بين إرادة البناء والحرية والحياة، وإرادة شعب يسعى للحرية والانعتاق، وبين الإفلاس الأخلاقي لقوة المحتل الآيلة إلى زوال بإذن الله. وقد جاء تقريري ممثلي الاتحاد الأوروبي، إزاء ما تتعرض له القدس الشرقية وما يعانيه أبناء شعبنا من سياسة منهجية فيها، وفي المناطق المسماه (ج) حيث تستهدف إجراءات الاحتلال الوجود الفلسطيني في هذه المناطق، ليؤكدا ما كنا قد صممنا على نقله للعالم، بل وتكريسه في الوعي المحلي والدولي، على حدٍ سواء، إزاء متطلبات شعبنا واحتياجاته في القدس الشرقية، وهذه المناطق المسماه (ج)، حيث أدان التقرير بشدة السياسة الإسرائيلية التي تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني في المناطق (ج)، بل، واعتبره يقوض حل الدولتين. وأكد على ضرورة تركيز المشاريع التي يدعمها الاتحاد الأوروبي على تلبية احتياجات شعبنا فيها.

إن هذا الموقف الذي نُرحب به ونُحييه، إنما يُشكل خطوةً متقدمة لتسليط الضوء على ممارسات الاحتلال ضد أبناء شعبنا. ونأمل، أيها الأخوات والأخوة، أن يمُهد هذا الموقف الطريق لاتخاذ خطواتٍ عملية ذات مغزى وكفيلة بوضع حد للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أرضنا ومواردنا، وما يتطلبه ذلك أيضاً من ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي وخاصة اللجنة الرباعية، مسؤولياته الكاملة لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الشرعية الدولية، وحتى للاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، حيث أن إسرائيل ما زالت تمعن في استخدام العنف ضد الاحتجاجات السلمية من قبل أبناء شعبنا، والتي أدت إلى الكثير من الإصابات والضحايا، وكان آخرها الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، والتي أدت إلى استشهاد الشاب طلعت رامية من بلدة الرام شمال القدس المحتلة، وسبقها قبل حوالي شهرين استشهاد الشاب مصطفى التميمي من قرية النبي صالح، بالإضافة إلى الاستمرار في سياسة التوسع الاستيطاني، سيما في مدينة القدس الشرقية المحتلة ومحيطها، والاعتداءات المتكررة على حياة المواطنين، هذا بالإضافة إلى عدم التزام حكومة إسرائيل بأي بند من بنود خارطة الطريق، وخاصة الاجتياحات العسكرية لمناطق السلطة الوطنية، والاعتقالات اليومية. وهنا لا بد لي من التأكيد على ضرورة إطلاق سراح جميع الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال، وخاصة المعتقلين إدارياً والنواب والأطفال والنساء، وفي هذه المناسبة أيضاً لا بد من التوقف أمام النموذج الذي صنعه الأسير خضر عدنان، وأن أحيي أيضاً صمود الأسيرة هناء شلبي، وأؤكد على ضرورة إطلاق سراحها فوراً، وأدعو كافة المؤسسات الدولية للتحرك الفوري من أجل إلغاء الاعتقال الإداري، والذي يشكل أحد مظاهر الانتهاكات الخطيرة بحق شعبنا. فهذه الانتهاكات يجب أن تستحوذ على اهتمام جدي، وتحرك ملموس من قبل المجتمع الدولي وخاصة اللجنة الرباعية، حيث لم يعد بالإمكان استمرار التسليم بمقولة تركيز الجهد على عملية سياسية يدرك الجميع أنها لن تكون قادرة على تحقيق أهدافها في ظل تعنت إسرائيل، وإمعانها في الاستمرار بهذه الانتهاكات، سيما أن ذلك يتم على حساب الاهتمام بما تجلبه هذه الانتهاكات من مخاطر حقيقية المخاطر، سواء على شعبنا وأرضه ومصادر رزقه وحياة أبنائه، أو على مستقبل السلام برمته في هذه المنطقة.

إن شعبنا الفلسطيني، وبالرغم من الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، مصمم على المضي وبإرادة لا تلين لتعزيز وتعميق الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، والتي لن تكتمل إلا بإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته. وسنظل نعمل ونبني بأقصى طاقاتنا لتعزيز وتطوير البنية التحتية لتلك الدولة التي سترى النور قريباً، بأذن الله وتوفيقه، وبهمة وتصميم شعبنا، ودعم كافة الأشقاء والأصدقاء ومحبي العدل والحرية والسلام ومناصري الديمقراطية في العالم.

إن أسوار البلدة القديمة في مدينة القدس، وهي تحتضن في رحابها مآذن المسجد الأقصى وأجراس كنيسة القيامة، تشكل، ومع كل حجر وركن في شوارعها وأحيائها، خلاصة القدرة الهائلة على التعايش بين الحضارات والثقافات، ومبعث الأمل لأهلها بالخلاص من قيود الاحتلال. فلا تتركوا الأمل الذي يحتاجه شعبنا في بيت لحم وفي القدس المحتلة، وفي كل مدينة وقرية ومخيم ومضرب بدو، بأن يتهاوى، وهذه مسؤوليتنا جميعاً. في الختام أشكركم مرة أخرى على عقد هذا المؤتمر الهام، وأؤكد لكم أننا سنواصل القيام بمسؤولياتنا حتى يتمكن شعبنا من انجاز حقوقه والتحول من ضحية التاريخ إلى الشريك الكامل الذي يساهم في صنعه. وكلنا ثقة بوقوفكم معنا ومساعدتنا على تحقيق ذلك.

شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله