القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء
استبشر الكاتب والباحث والقائد في حركة فتح احمد غنيم بالثورات العربية في المنطقة خيرا ، رغم الضبابية التي تكتنفها ومحاولة اعتراضها والسيطرة عليها وحرفها عن توجهاتها ومساراتها الثورية الحتمية بعيدة المدى على طريق التأسيس والتأصيل لموجة ديمقراطية ثورية على مستوى العالم ربما يكون العرب اذا استثمروها جيدا هم من يقود هذه الموجة الديمقراطية المشتعلة الثالثة في التاريخ الحديث .
وشرح غنيم في البرنامج الثقافي – قراءة في كتاب – في الصالون الثقافي – المكتبة العلمية بالقدس بادارة الاعلامي محمد زحايكة رئيس نادي الصحافة المقدسي ، فلسفة الكتاب الذي اعتبره الشاعر والكاتب د. المتوكل طه وكيل وزارة الاعلام الفلسطيني بأنه الاول بهذا الزخم والقراءة المتأنية التحليلية المستفيضة على مستوى الوطن العربي وليس فلسطين فقط وذلك خلال الاطلالة والقراءة السريعة على الكتاب التي قدمها د. طه في بداية اللقاء.
الارهاصات الاولى..
واشار غنيم إلى أن الارهاصات الاولى لهذا الكتاب جاءت من خلال نشاطه ومشاركاته الثقافية وما لاحظه من خلط بين المفاهيم لدى الكثيرين في توصيف ما يحدث اضافة إلى اطلاعه ودراسته الاكاديمية عن ثورات عالمية ما زالت تأثيراتها بادية للعيان سواء الفرنسبة والروسية و الصينية والفيتنامية والعديد من التجارب الثورية إلى جانب الاشتباك الحي مع الاحتلال الإسرائيلي عبر محطات النضال المختلفة التي كان له شرف المساهمة فيها سواء في بيروت والانتفاضات الفلسطينية والمعتقلات الإسرائيلية.
وأكد على أنه كي نفهم الظاهرة يجب فهم وتحليل ومراجعة المفاهيم بدقة وعناية ومن هنا كان التكثيف والتركيز على هذا البعد ليحمل اسم الكتاب – المفهوم المكون للثورات العربية. وكان لا بد من التركيز على مفهومي التغيير والتحول وما يتميز به كل واحد منهما عن الآخر. إذ أن التغيير عملية بطيئة ومستمرة وهو الثابت الوحيد في الحياة ويشمل جميع النظم والبنى والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها ومن الممكن أن يلعب فيه الأفراد دورا محوريا ، تجربة الثورة المصرية بقيادة عبد الناصر في إطار الصيرورة التاريخية في عملية التغيير . في حين يتجلى مفهوم التحول في الانتقال السريع من حالة إلى أخرى نقيضة أي بمفهوم القفزة التاريخية .
وبينّ غنيم الفروقات بين العديد من المفاهيم كالثورة المسلحة والثورة الشعبية السلمية وشروطهما بامتلاك قاعدة ومعسكر دولي مساند خاصة فيما يتعلق بالاولى وحلّل جذور الثورات الحالية تاريخيا بسبب نجاح الشعوب العربية من التخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطني ولكنها لم تستطع تحقيق الحرية على مستوى الاقطار العربية الداخلية التي استقلت ولكنها فقدت بالمقابل الاطار الوحدوي الجامع . وتناول خصوصية كل قوى من الثورات وطبيعة القوى المشاركة في الثورة االمضادة لهذه الثورات التي ما زالت تحاول انتاج النظام القديم بديكور أو صيغة جديدة في بعض الثورات وغياب البنية الحاملة للثورة كما في الحالة الليبية. وأكد غنيم على ضرورة أن تعي الشعوب والجماهير العربية الثائرة دورها للوصول بثوراتها إلى النتيجة المرجوة ومنع سرقة ثوراتها أوتجييرها لقوى مناهضة أو معادية. وأشار إلى أن المشهد الماثل امامنا الآن هو تشكل منظومة عربية جديدة ذات بعد حقيقي وهي بكل تأكيد معادية لإسرائيل وأميركا في حين أن العالم يشهد اختلالا ما ، حيث القوة العسكرية في جهة أميركا والغرب والقوة الاقتصادية الصاعدة في جهة أخرى الصين وروسيا وهذا شيء لا يستقيم .
رواية القدس الحزينة..
وكان د. طه في مقدمته قد أشاد بالكتاب وصاحبه غنيم الذي ليس غريبا أن يصدر عنه مثل هذا البحث المهم لأننا عرفناه أكاديميا مفكرا التحق بالثورة في بيروت وسجن سنوات طويلة وشغل عددا من المناصب المهمة في الثورة وفي السلطة الفلسطينية حيث شكلّ لديه هذا الاحتكاك الواعي بكم من التجارب اكسبته ميزة تجعله من اهم المفكرين الفلسطينيين وغيرهم الذين نفرح بانتاجهم فرحا تاريخيا كبيرا ونفتخر به ونغبطه على هذا الفكر الواعد الاصيل. وأكد على أن الكتاب هو الاول عربيا بهذا العمق والتحليل لما يجري اليوم على الأرض العربية التي تؤسس كما ورد في الكتاب إلى موجة ثالثة من الديمقراطية العالمية.
وأشار إلى بعض شروط تحديد انتصار ثورة ما وهي مشاركة كل طبقات الشعب وجغرافيته الوطنية وتصاعد مطالب الثورة حتى تتبلور بشكلها النهائي واضح المعالم والحراك ذي الطابع الاستمراري وصولا إلى تحقيق الأهداف الديمقراطية في التغيير الحقيقي للنظام القائم وان يكون الإعلام الجديد قادرا على إحداث التغيير البنيوي والهيكلي في جسم الدولة والمجتمع وترسيخ العدالة الاجتماعية والاقتصادية ومنظومة كاملة ثقافية تربوبة تنتج انسانا جديدا .. فنظام مبارك مثلا انتج " شعبولا" ونظام عبد الناصر انتج عبد الوهاب ونجيب محفوظ .
وقال د. طه إن الكتاب لم يغفل الثورة المضادة المكونة من بقايا النظام والقوى الدولية الداعمة لها لاجهاض الثورة وتشويهها ومنعها من تحقيق اهدافها الثورية والديمقراطية وان الثورة ليست وليدة اللحظة بل هي تراكمات سابقة من المخزون الهائل وكل ثورة ترهص بالثورة التي تعقبها على امتداد الوطن العربي كما رأينا سواء في القرن العشرين أو اليوم .
وأضاف بأن الكتاب قادنا بوعي إلى فضاء الثورات وخصوصية وملامح كل ثورة وان الكتاب جعلنا نسير على خط من الضوء للوصول إلى غايتنا بشكل ديمقراطي حر دون إكراه أو فرض آراء أو تعسف . وانتقد د. طه التقصير الرسمي في التعاطي مع المشهد الثقافي الفلسطيني والمقدسي بشكل خاص وكشف عن رواية مقدسية تتحدث عن طفولة غنيم في حواري القدس العربية التي كلما اطل عليها اشعر كمن يعود إلى رحم أمه .. ويسعدني ويشرفني أن " اتطفل" في هذا المساء الضافي البهيج ، لنحتفل سويا بواحد من ابداعات الكاتب والباحث احمد غنيم.