رام الله - وكالة قدس نت للأنباء
أكد رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية برام الله سلام فياض على أن إحياء يوم المرأة العالمي يأتي هذا العام والشعب الفلسطيني يتقدم بخطى حثيثة نحو انتزاع حقوقه رغم تصاعد عنف الاحتلال وإرهاب مستوطنيه، وقال: "شعبنا بكل فئاته، وفي مقدمتهم نساء فلسطين، مصمم على الخلاص من الاحتلال وانتزاع حقه في تقرير مصيره، وفي ذات الوقت، تواصل المرأة نضالها الاجتماعي لنيل حقوقها والقضاء على كل مظاهر العنف الذي مازالت تتعرض له".
ووجه رئيس الوزراء التحية إلى الأسيرة هناء الشلبي التي تواصل إضرابها عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري الذي تمارسه إسرائيل بحقها وحق المئات من الأسرى، وأكد أن الشلبي باتت نموذجاً لإصرار المرأة الفلسطينية ونضالها من أجل نيل الحرية والاستقلال، وقال:" أتوجه بالتحية إلى الأسيرة هناء الشلبي المُضربة عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع تعبيراً عن رفضها للاعتقال الإداري الجائر بحقها وبحق المئات من الأسرى، وتأكيداً على حقها وحق أبناء شعبنا في الحياة والكرامة الإنسانية كباقي شعوب الأرض" وتابع: "لقد أصبحت هناء نموذجاً لإصرار المرأة الفلسطينية على نيل الحرية وكسر قيود الاحتلال".
ودعا فياض المجتمع الدولي للتدخل الفاعل من أجل وإطلاق سراحها، وإلزام الحكومة الإسرائيلية بإلغاء الاعتقال الإداري والإفراج عن كافة الأسرى، وفي مقدمتهم أسرى ما قبل أوسلو والأطفال والنساء والمرضى والنواب، وكذلك إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها التي تتناقض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومع أبسط قواعد حقوق الإنسان التي كفلتها كافة المواثيق الدولية.
جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الذي خصصه رئيس الوزراء هذا الأسبوع لمناسبة الثامن من آذار، حيث هنأ المرأة الفلسطينية وحيا صمودها ونضالها المتواصل مع كافة أبناء الشعب الفلسطيني لتحقيق أهداف المشروع الوطني والخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال.
وشدد فياض على أن السلطة الفلسطينية أولت خلال الأعوام الماضية اهتماماً مُفصلاً بتعزيز مكانة المرأة وتطوير وسائل حمايتها وإرساء المفهوم القائم على أن الحقوق الطبيعية للمرأة في المساواة الكاملة هي مكون أساسيّ من مكونات حقوق الإنسان، وأكد أن السلطة الوطنية سخرت الكثير من الجهد، بالتعاون مع المؤسسات النسوية، لتغيير الثقافة النمطية إزاء مكانة المرأة وحقوقها، وقال: "إن النهوض بواقع المرأة في بلادنا وتعزيز مكانتها في مواجهة ثقافة الإقصاء والتهميش وكل أشكال موروث الظلم الاجتماعي الذي لحق بها، وترسيخ حقها في المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، بما في ذلك حقها في الأجر المتكافئ عن العمل المُتماثل، تُشكل أحد أهم معايير جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة".
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تواصل الخطى لجسر الفجوة في سوق العمل، وضمان الوصول بخدماتنا الصحية والتعليمية والتوعوية إلى النساء في كافة المناطق المُهمشة والريفية والمُتضررة من الجدار والاستيطان.
واعتبر رئيس الوزراء أن قضية المرأة وتمكينها وحمايتها وصون حقوقها الطبيعية والقانونية والمدنية شكلّت حلقةً أساسية من برنامج عمل السلطة الوطنية، وأكد على أن إعطاء الأولوية للقضايا الوطنية الكبرى المتمثلة في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة، لا يعني إغفال المسؤولية المباشرة في القضاء على العنف الذي تدفع المرأة ثمنه الأكبر، وقال: "مواجهة الاحتلال وطغيانه لا يُمكن أن تكون على حساب اهتمامنا بمواجهة ما تتعرض له المرأة من عنفٍ داخل الأسرة والمجتمع، فلا بد من القضاء على هذا العنف، واستنهاض كامل طاقات المرأة في عملية بناء المجتمع، وترسيخ مقومات دولة فلسطين الخالية من العنف، وبحيث تسود فيها قيم العدالة والإنصاف والمساواة والكرامة الإنسانية، والالتزام الصارم بمبادئ حقوق الإنسان".
واستعرض فياض خلال حديثه المحطات الهامة التي تم تحقيقها في مجال الحماية الاجتماعية للنساء، بدءاً بالمرسوم الذي صادق من خلاله الرئيس أبو مازن على قرار الحكومة بإلغاء الأحكام المُخففة بحق مرتكبي الجرائم على خلفية ما يُسمى بقضايا الشرف، ومروراً بإقرار الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، وأخيراً تحسين الحماية الاجتماعية والخدمات الصحية المُقدمة للنساء المُعنفات من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية.
وقال: "إن سلطتكم الوطنية ماضية في استكمال رزمة التعديلات التشريعية اللازمة لضمان حقوق المرأة وتوفير الحماية لها من خلال نظام حماية وطني شامل بمشاركة المؤسسات الحكومية والأهلية والنسوية والحقوقية، وبالاستناد إلى كافة الاتفاقات الدولية، بما فيها اتفاقية إلغاء كافة مظاهر التمييز ضد المرأة (سيداو) وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة والتي نسعى لتوطينها في المنظومة القانونية والتشريعية لدولتنا العتيدة".
وشدد فياض على أن المرأة الفلسطينية التي عانت مع الشعب من ظلم الاحتلال وقساوته تستحق من الجميع الوقوف إلى جانبها للتخلص من هذا الظلم، لا أن نكون أداة ظلمِ إضافية ضدها وضد حقوقها. وأكد على أن الحكومة لن تتوانى عن القيام بمسؤولياتها للتغلب على الأعباء والتحديات التي تُكبل المرأة وتحاول عزلها وتهميشها أو إقصاءها.
وحول التحديات الماثلة أمام متطلبات النهوض بواقع المرأة، أكد فياض على أن "ممارسات الاحتلال وسياساته القمعية وحصاره الظالم ضد شعبنا وخاصةً في قطاع غزة أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية فيه، وبالتالي انتشار العديد من الظواهر الاجتماعية والنفسية بفعل تفاقم معدلات الفقر والبطالة ومظاهر العنف ضد المرأة. ودعا فياض المجتمع الدولي للتدخل الفاعل لإلزام إسرائيل برفع الحصار الظالم، ووقف جميع انتهاكاتها ضد شعبنا والتقيد بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني."
وجدد رئيس الوزراء في ختام حديثه التحية للمرأة الفلسطينية، وشكّر كافة المؤسسات والناشطين في هذا المجال على الجهد الحيوي والهام الذي يبذلونه على طريق إنصاف المرأة والارتقاء بمكانتها ورفع الظلم عنها وتوسيع مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقال: "كلي أمل أن نحتفل العام القادم بيوم المرأة العالمي، وقد اختفت كافة أشكال التمييز والعنف الذي تُعاني منه المرأة في فلسطين، وفي كل بقاع الأرض".