اعتبر رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية برام الله سلام فياض أن التهميش الذي تمر به القضية الفلسطينية في هذه المرحلة هو أخطر ما يواجهها، وشدد على ضرورة الخروج من دائرة التهميش من خلال إجراء الانتخابات البلدية والعامة التشريعية والرئاسية، وقال إن "التقدم نحو الخيار الديمقراطي وإجراء الانتخابات يمكن أن يشكل رافعة أساسية لمواجهة هذا التهميش، وإعادة الاعتبار لمكانة قضيتنا دولياً".
جاء ذلك خلال مداخلة فياض أمام قمة الشباب الثانية للمجالس المحلية الشبابية،اليوم الأربعاء، والتي ينظمها منتدى شارك الشبابي، في مدينة رام الله، بحضور وزير الحكم المحلي خالد القواسمي، وسمير حليلة الرئيس التنفيذي لشركة باديكو القابضة، وممثلة برنامج الأمم المتحدة للسكان، وبمشاركة المئات من الشباب يمثلون المجالس المحلية الشبابية المنتخبة، بالإضافة إلى ممثلين عن المجالس والبرلمانات الشبابية، وممثلي عدد من المنظمات الدولية والسفارات والمانحين وممثلي المجالس البلدية والمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص.
واعتبر فياض بأنه آن الأوان لممارسة الضغط على من يعيق تقدم جهود إنهاء الانقسام، وشدد على ضرورة الابتعاد عن التراشق الإعلامي والاتهامات، دون أن يعني ذلك استمرار التعميم التي تتلخص إما بالإشادة بالجميع أو اتهام الجميع.
ودعا إلى ضرورة إجراء مساءلة موضوعية لأي طرف يخل بالالتزامات المطلوبة منه من أجل إحراز التقدم المطلوب لإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن. وقال "آن الأوان لمساءلة موضوعية لكل من يخل بالالتزامات المطلوبة نحو إنهاء الانقسام والابتعاد عن التعميم أو التراشق الإعلامي الضار".
وأضاف "هذا الأمر يتطلب من الجميع مواجهة كل ما يعيق جهود إنهاء الانقسام, واعتقد انه لربما آن الأوان في أن يكون هناك درجة أفضل من المساءلة في هذا المجال، والتحرك باتجاه مساءلة أي طرف لا ينفذ ما يتوقع منه من التزامات"
وأكد فياض على ضرورة بذل كل ما هو ممكن لإنهاء هذا الانقسام وإعادة توحيد الوطن ومؤسساته، من خلال تشكيل حكومة قادرة على العمل في كافة أنحاء الوطن في قطاع غزة والضفة الغربية وبما يشمل القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وبما تضمن تحديد موعد محدد للانتخابات بالسرعة الممكنة.
وقال "اعتقد أن لقطاع الشباب الكثير مما يمكن أن يطالب به باتجاه أن نتحرك جميعا بالفعل لتنفيذ هذا الاستحقاق، والانتخابات بكل تأكيد هي استحقاق للمواطن على النظام السياسي برمته، هذا استحقاق طال أمده وأعتقد انه كي يتم تحديد هذا الموعد، فإن الأمر يتطلب بكل تأكيد تمكين لجنة الانتخابات المركزية من العمل في قطاع غزة وفي أسرع وقت، وتحديد أيضاً موعد الانتخابات المحددة الذي يجب أن يلتزم به الجميع، وبكل تأكيد فإن هذا يستدعي بان تكون هناك درجة كافية من الثقة تمكّن اللجنة المركزية للانتخابات من إكمال العمل والتحضير اللازم للانتخابات واستكمال السجل الانتخابي في قطاع غزة".
وشدد رئيس الوزراء على أن النهوض الشامل بواقع الشباب وفتح أفاق المستقبل أمامهم، يستدعي بذل أقصى الطاقات والمضي قدماً نحو إنهاء الانقسام وواقع الانفصال، وتوحيد الوطن ومؤسساته، باعتبار أن ذلك شرطاً لا يمكن بدونه النجاح في تحقيق أهداف مشروعنا الوطني، وفي مقدمتها الخلاص التام من الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
وأكد فياض خلال مداخلته على أن مشاركة الشباب في المجالس المحلية الشبابية تمثل إطارا هاماً لتمكين الشباب من الإسهام في تحقيق التنمية على المستوى المحلي، وتعزيز المسؤولية المجتمعية، وتعميق مسيرة العمل الديمقراطي في فلسطين، والمساهمة في صناعة القرار، ورفد المؤسسات المحلية بخبرات وطاقات شبابية جديدة وإبداعية.
وقال إن "تشكيل المجالس المحلية الشبابية بطريقة ديمقراطية يشكل نموذجاً لوعي الشباب تجاه احتياجات المرحلة الحرجة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، وفي مقدمتها ضرورة صون وحماية المنجزات الديمقراطية له"، وأضاف " في هذا ما يبعث على الكثير من الأمل وبواقع الأمر استطيع القول أن الربيع الفلسطيني ليس قادم بل هو قائم".
وأضاف فياض "أعتز كل الاعتزاز بكم وبتجربتكم الرائدة في هذه المجالس التي انتخبتم لها، واعبر عن سعادتي البالغة وشكري العميق لهذه الفرصة"، وتابع "أشعر بسعادة خاصة بوجود ليس فقط تلفزيون فلسطين، وإنما تلفزيون وطن الذي عاد للبث مرة أخرى، وفي هذا رسالة تحدي واضحة"، وتابع "سيعود تلفزيون القدس التربوي إلى البث يوم غد أو بعد غد على أبعد تقدير، وفي هذا رسالة تحدي هي نفس الرسالة التي يحملها الشباب، والتي مثلتها وتمثلها وما تزال الأسيرة هناء شلبي التي تخوض إضراب مفتوح عن الطعام. فكل التحية والتقدير لها وللمرأة الفلسطينية ونحن على بعد يوم واحد فقط من الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة فكل عام وانتم جميعا بخير".
وأكد فياض على أن روح التحدي التي يسطرها الشعب الفلسطيني وخاصة الشباب منه هي نفس روح التحدي الذي مثلها الشاب محمد تيسير أبو عواد من بيرزيت الذي يرقد على سرير الشفاء"، وقال "نستذكر أيضاً من سقطوا شهداءً من شبابنا على مدار الأسابيع القليلة الماضية ونتحدث هنا عن طلعت رامية من بلدة الرام، ومصطفى التميمي من قرية النبي صالح وغيرهم ممن سبقهم على هذا الدرب من منطلق الوفاء لهم ولتضحياتهم ومن سبقوهم من شهدائنا ولمن وقفوا وضحوا ودافعو عن هذا المشروع وعن مسيرته".
وشدد رئيس الوزراء على أن السلطة الفلسطينية تسعى، وبكل إمكانياتها، لتطوير دور هيئات الحكم المحلي، وتعزيز مبادئ الديمقراطية والحكم الصالح والرشيد في إدارتها، وما يتطلبه ذلك من ضرورة الإسراع في تنفيذ استحقاق الانتخابات المحلية، والحفاظ على دوريتها وفقاً للقانون، وأشار إلى أن المجالس المنتخبة هي بالتأكيد أكثر قدرة على نيل ثقة المواطنين وتلمس احتياجاتهم، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم.
وقال إن" إجراء الانتخابات، وبالإضافة إلى أنه حق للمواطن واستحقاق على النظام السياسي برمته، فهو أيضاً رسالة مهمة لشعبنا أولاً، وللمجتمع الدولي كذلك، بأن روح الديمقراطية وحرية الاختيار والتعددية هي الخيار السياسي والاجتماعي للنظام السياسي الفلسطيني، كما أنها مظهر هام من مظاهر السيادة الوطنية، سيما ونحن نتقدم يومياً لانتزاع حق شعبنا في الحرية والاستقلال وتجسيد السيادة الوطنية الكاملة على أرض دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله.
وحول مشاكل المياه التي تطرق إليها ممثلي المجالس الشبابية من محافظة الخليل، أكد رئيس الوزراء إصرار السلطة الفلسطينية على توفير المياه لكافة المناطق، والمتابعة الجادة لمعالجة مشكلة نقص المياه، وإيجاد الحلول الفعالة وخاصة في منطقة الخليل والجنوب، وأشار إلى أن حل هذه المشكلة تطلب الكثير من المثابرة والإصرار.
وأكد على أن ذلك يشكل أولوية أساسية لعمل السلطة الوطنية الفلسطينية، بالرغم من العراقيل والعقبات الإسرائيلية. وشدد فياض على أن التحسن الكامل في توفير المصادر المائية لن يتحقق إلا بانتهاء الاحتلال وظلمه وطغيانه، ووضع حد لنظام التحكم والسيطرة المفروض على الشعب الفلسطيني، وبما يمكننا من السيطرة الكاملة على مواردنا الطبيعية، وبصورة خاصة حقنا في المياه وفقاً لقواعد القانون الدولي.
وأشار إلى سعي السلطة الفلسطينية الحثيث لزيادة ما هو متاح من الموارد المائية، والسيطرة على الفاقد من هذه المياه، وقال "لا بد أيضاً من الحد من التجاوزات غير المشروعة والتعدي وكل أشكال سرقة المياه"، كما أكد فياض على ضرورة البحث عن حلول طويلة الأمد لمشاكل المياه، وشدد على صعوبة الوضع المائي في قطاع غزة، وأشار إلى الجهود المبذولة لتحسينه، وخاصة مشروع تحلية المياه.
وحول الحوار الاقتصادي أوضح رئيس الوزراء أنه تم التوافق على عدد من الخطوات الهامة للخروج من الأزمة الحالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، وإطلاق مراجعة لقضايا السياسات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة، والوصول إلى توافق حولها بمشاركة جميع الإطراف دون استثناء بهدف تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، والحقوق الأساسية، والحد الأدنى للأجور وتحسين المناخ الاستثماري، وتقاسم العبء وتحقيق العدالة في تحمل المسؤوليات الوطنية وتصليب الوحدة الوطنية والتضامن الاجتماعي، وتدعيم عناصر وشروط الصمود، وتمكين الشباب والتشغيل.
ووأشار فياض إلى الممارسات والعراقيل التي تضعها إسرائيل أمام جهود السلطة الفلسطينية للقيام بمسؤولياتها في مختلف المناطق وخاصة في المناطق المسماه (ج)، والاستمرار في السيطرة على مواردها وإعاقة تنفيذ المشاريع التنموية في أكثر من 60% من الأرض المحتلة، وما يولده ذلك من فقر واستمرار في ارتفاع معدلات البطالة التي يعاني منها الشباب الفلسطيني.
وشدد فياض على أن هذا الواقع شكل سبباً إضافياً لمضاعفة جهودنا في التصدي لهذه القضايا، والاستجابة لاحتياجات الشباب ومطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا بل، والسياسية أيضاً. وقال "نحن نسعى في نهاية المطاف إلى بناء جيل قادر على المساهمة في تحقيق أهداف مشروعنا الوطني، والمتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف".