نتنياهو سافر إلى أمريكا ليبتز اوباما في عام انتخابات الأخير.. لكن الايباك كان أذكى من نتنياهو والعن منه، ولذلك نجح الايباك في ابتزاز المواقف من اوباما في دعم إسرائيل والوقوف إلى جانبها سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا ووقف اوباما على منصة الايباك وهو يتسول دعمهم له ويستعطفهم للوقوف إلى جانبه مغدقا عليهم الوعود بالعطايا والمواقف، بينما فشل نتنياهو في الحصول على دعم أمريكي له في مخططه للهجوم على إيران لان موقف مؤيد من اوباما لهجوم إسرائيل على إيران يعني توريط أمريكا بوحل جديد بعد العراق وأفغانستان .. الايباك طلب المستطاع وقايضه بالغير مستطاع طلب الدعم لإسرائيل ولم يتشدد بطلب دعم الهجوم الإسرائيلي على إيران..
وعلى ضوء هذه الزيارة فان المرجح هو عدم إقدام إسرائيل على هجوم عسكري على إيران.. واعتقادي هذا ناجم عن حاجة إسرائيل لمشاركة أمريكية قوية لها أو حتى مساعدة لوجستية في عمليتها .. وهذه المشاركة الأمريكية غير ممكنة الآن بسبب الإدارة الأمريكية بالانتخابات العامة، فالرئيس اوباما حريص على عدم الدخول في مغامرات عسكرية وهو ذاهب لأخذ أصوات شعبه .. وهو ( أي الرئيس الأمريكي ) يعتبر خروج معظم قواته من العراق وكذلك بدء العد العكسي لتواجدها في أفغانستان انجاز يحسب له وورقة انتخابية قوية سيقدمها لشعبه بعد الاستنزاف الكبير لهذه القوات وآلاف القتلى الذين سقطوا منها مما جعل الشارع الأمريكي يتحرك ضد الرؤساء السابقين..
كما أن الولايات المتحدة تعتبر العمل العسكري الإسرائيلي عامل إجهاض لجهودها من اجل خلق اصطفاف-- عربي ومذهبي سني-- ضد إيران، فدخول إسرائيل على هذا الخط سيحرج الأطراف العربية والقوى الإسلامية السنية التي يبدو أن الولايات المتحدة نجحت إلى حد ما باحتوائها، ومن هنا جاءت أقوال الرئيس بوش لنتنياهو في لقائهما الأخير بان الضغوط والعقوبات بدأت تؤتي ثمارها..
وحتى لو اتخذت القيادة الإسرائيلية المتغطرسة قرارا بشن حرب أو القيام بعدوان محدود على إيران.. فان هذا العدوان لن تتوقف حدوده عند إيران وإسرائيل، ومن الطبيعي ان تعمل إيران على توسعته فتقدم على المساس بمصالح حلفاء إسرائيل وهم الولايات المتحدة وعموم دول الغرب، عن طريق إلحاق الضرر بإمدادات النفط العالمية ..
كما أن إسرائيل تعرف أن الربيع العربي قد أجج المشاعر ضدها، وممكن جدا أن تتجاوز الشعوب العربية محاولات الفتنة المذهبية، وتكتشف مخاطر سياسة فرق تسد الأمريكية الإسرائيلية للإيقاع بين العرب وإيران.. إن عدم استقرار الأوضاع في العالم العربي يجعل من الصعوبة الرهان على عدم حصول ردة فعل شعبية عربية ضد المصالح الأمريكية ..
إنني اغلب هذا الاحتمال ( بعدم قيام إسرائيل بهجوم على إيران ) رغم وجود عوامل أخرى تعزز هذا الاعتقاد، وهي وجود قيادة يمينية متطرفة مغامرة في إسرائيل .. ووقوع إسرائيل في مأزق سياسي بسبب رفض الغالبية من أعضاء المجتمع الدولي لسياستها ضد الفلسطينيين، وقناعة هذا المجتمع بان إسرائيل ليس لديها مشروع سلام يحقق السلام العادل والدائم مع الفلسطينيين.. إن وقوع إسرائيل في هذا المأزق يجعلها تفكر بتصدير أزمتها.. لكن هذه العوامل اضعف من أن تدفع إسرائيل للقيام بمغامرة تعرف إسرائيل أن ثمنها غير بسيط، وتعرف بالتأكيد أن إيران سترد وتدافع عن نفسها وتلحق الضرر الكبير بإسرائيل.. ثم يبدو أن الولايات المتحدة لديها المعلومات بان المشروع النووي الإيراني لم يصل إلى مرحلته النهائية أي مرحلة صناعة الأسلحة النووية..
مخيم الفارعة – 7/3/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت