د. فايز أبو شمالة
لن أصدق القائلين: إن خلافاً مذهبياً بين أهل السنة والشيعة يقف خلف اصطفاف بعض الحكومات العربية مع الصهاينة وأمريكا في حربهم ضد إيران، فيكفي أن يقول المسلم: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، لتزول الخلافات، وتذوب الفوارق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، بينما لا ترى عقيدة اليهودي إلا "ياهو" إلهاً خاصاً ووحيداً ومتميزاً لليهود، ولا علاقة له بباقي البشر، ولا علاقة لباقي البشر برب اليهود.
ولن أصدق القائلين: إن لإيران أطماعاً سياسية في المنطقة العربية، ولهم شهوة التسلط، وبسط النفوذ، وعليه يصير اصطفاف بعض حكام العرب مع أي جهة تلجم الأطماع الإيرانية، حتى ولو كانت أمريكا متحالفة مع الكيان الصهيوني، وهنا أقول: يكفي بعض حكام العرب أمناً، أنهم استمدوا قيمتهم المكانية، وحضورهم السياسي من صعود إيران قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة، ويكفي هؤلاء الحكام أن يقفوا متفرجين على صراع الفيلة، لئلا يكونوا العشب الذي يداس بالأقدام، أو لعلهم يخرجون من هذا التناطح سالمين، وأكثر قوة وحضوراً.
ولن أصدق القائلين: إن قوة إيران العسكرية تخيف دول الخليج، وتبتزهم، فيكفي أن نراجع السنوات العشر الأخيرة، لنكتشف أن لهجة التصعيد الإيرانية قد انصبت على دولة الصهاينة، بل استطاع الدعم العسكري الإيراني المباشر للمقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني وفي قطاع غزة، استطاع أن يهزم الكيان الصهيوني، وأن يمرغ أنفه في العفن.
ولكنني أصدق القائلين: إن للشعب الإيراني المسلم مصلحة في تحرير المسجد الأقصى من اليهود، تماماً مثل مصلحة الشعوب العربية، وإن الإيرانيين يلتقون مع العرب على مبدأ رفض الوجود اليهودي برمته فوق تراب فلسطين، وإن للإيرانيين جذوراً في أرضهم الإيرانية لا يقل زمنياً عن الوجود العربي فوق أرضهم العربية، ويعرف الإيرانيون أن أي صراع مع العرب سيجر عليهم الدمار والخراب، ويعرفون أن مذهب الشيعية الذي يؤمن فيه غالبيتهم، لا يمكنه في يوم من الأيام أن يقضي على مذهب أهل السنة الذي يمثل الأكثرية في بلاد العرب، ويعرفون أن أي إثارة للمشاكل الإقليمية أو المذهبية في المنقطة العربية لن تعود عليهم بالفائدة، بل ستجر عليهم الخراب، والطعن السياسي بالحراب.
ومع ذلك، فإنني لا استبعد التنافس السلمي الحر بين الشعوب، ومحاولة الحكام التأثير في مجريات الأحداث؛ بما يخدم مصالح شعوبهم، ولا أستبعد أن يكون للإيرانيين رغبة في إثبات أنفسهم كأمة لها ماضيها، وأن يسعوا لنشر ثقافتهم في أكثر من مكان، وهذا يجب أن يكون محفزاً لأمة العرب كي تأخذ دورها بين الأمم، لا أن يردد بعضهم مقولة: إن إيران أشد خطراً على أهل السنة من اليهود، وإن إسرائيل وإيران وجهان لعملة واحدة، فهذا كلام لا يدخل رأس من اغتصب اليهود أرضه، وطردوه لاجئاً في أصقاع الأرض، مقاوماً يردد: إن النتن المنبعث من الحذاء الإيراني أطيب ريحاً من عطر اليهود.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت