القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
أكد رئيس الوزراء بالسلطة الفلسطينية سلام فياض على أن التهميش الذي تمر به القضية الفلسطينية في هذه المرحلة هو أخطر ما يواجهها، وشدد على ضرورة الخروج من دائرة التهميش من خلال إجراء الانتخابات البلدية والعامة التشريعية والرئاسية، وقال إن "التقدم نحو الخيار الديمقراطي وإجراء الانتخابات يمكن أن يشكل رافعة أساسية لمواجهة هذا التهميش، وإعادة الاعتبار لمكانة قضيتنا دولياً".
وأضاف فياض خلال كلمته أمام هيئة مجالس جامعة القدس، والذي عُقد بعنوان "جامعة القدس: نجاحات، معيقات، وآفاق مستقبلية"، عصر اليوم، في جامعة القدس "لقد كان للربيع العربي تأثير مباشر وغير مباشر على قضيتنا الفلسطينية، فالتأثير المباشر تمثل في انشغال العالم بهذه الظاهرة على حساب القضية الفلسطينية، أما التأثير غير المباشر فقد تمثل بانشغال الدول بأوضاعها الداخلية، هذا بالإضافة إلى الانتخابات الأمريكية وانشغال الإدارة بها، وكذلك ما يواجهه الاتحاد الأوروبي من أزمة مالية".
وتابع "أما اللجنة الرباعية فبدلاً من أن تقوم بالمسؤولية التي تشكلت على أساسها لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المستمرة ضد شعبنا وحقوقه، وضرورة مسائلتها على هذه الانتهاكات المتمثلة في استخدام العنف ضد احتجاجات شعبنا السلمية، وتصاعد إرهاب المستوطنين ضد أبناء شعبنا ومصادر رزقهم ومقدساتهم، بالإضافة إلى الاجتياحات العسكرية الإسرائيلية لمناطق السلطة الوطنية، وغير ذلك من الانتهاكات، بدلاً من أن تقوم بهذه المسؤولية فقد استمر تركيز الرباعية الدولية، فقط على محاولات إحياء العملية السياسية، رغم علمها أنه لا أفق لذلك بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية ورفضها الاستجابة للاستحقاقات المطلوبة منها، والمتمثلة في أساساً في إنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقريره مصيره ونيل حقوقه كافة"، وشدد فياض على أن إعادة المصداقية للجهد الدولي يتطلب بصورة جوهرية إلزام إسرائيل أولاً وقبل كل شيء بوقف هذه الانتهاكات والتصدي لمخاطرها.
وأكد فياض، على ضرورة بذل كل ما هو ممكن لإنهاء الانقسام وإعادة توحيد الوطن ومؤسساته، من خلال تشكيل حكومة قادرة على العمل في قطاع غزة والضفة الغربية وبما يشمل القدس الشرقية المحتلة العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وتحديد موعد محدد للانتخابات وقال "الانتخابات هي استحقاق للمواطن على النظام السياسي برمته، وهذا الاستحقاق طال أمده"
واستعرض رئيس الوزراء الأوضاع الراهنة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، وتطرق إلى جوهر خطة العامين التي عرضت خطوطها العريضة في جامعة القدس في حزيران عام 2009، حيث تلخص جوهر هذه الخطة بضرورة تحديد سقف زمني للانتهاء من المرحلة الانتقالية التي بدت وكأنها مفتوحة منذ أيار عام 1999، حيث كان يجب الانتهاء من هذه المرحلة الانتقالية.
وقال "من على هذا المنبر في جامعة القدس في عام 2009، قدمنا الخطوط العريضة لبرنامج العامين لعمل السلطة الوطنية "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"، والذي هَدف إلى استكمال الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين المستقلة، من خلال مؤسسات قوية وقادرة على تلبية احتياجات المواطنين بكفاءة عالية".
وأضاف "وبالفعل لقد تجاوزنا هذه الجاهزية بإقرار المجتمع الدولي في نيسان 2011"، وتابع "لقد تجاوزنا امتحان الجدارة والجاهزية لإقامة دولتنا، رغم أنه امتحان غير عادل، فحقنا بالحرية في كنف دولة فلسطين المستقلة هو حق طبيعي مطلق، ومع ذلك أقول من خلال تجاوز هذا الامتحان أغلقنا باب الذرائع غير العادلة، والتي كانت توضع في طريق حقنا بالحرية والاستقلال".
واعتبر فياض أن "تحقيق الجاهزية الوطنية من وجهة نظرنا كفلسطينيين لن يكتمل إلا بإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسسات الشعب الفلسطيني، وبما يمكّن من الوصول بمشروعنا الوطني إلى نهايته الحتمية المتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القلب منها في القدس العاصمة الأبدية لدولتنا".
وحول الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، أكد رئيس الوزراء على أنه تم التوافق مع مختلف المكونات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على عدد من الخطوات الهامة للخروج من هذه الأزمة، وإجراء مراجعة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، والوصول إلى توافق حولها بمشاركة جميع الإطراف دون استثناء وبما يشمل تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، والحقوق الأساسية، وإقرار الحد الأدنى للأجور، وذلك كله في إطار تقاسم العبء الناجم عن ممارسات الاحتلال، وتعزيز عناصر الصمود، بالإضافة إلى تمكين الشباب والحد من مشكلة البطالة من خلال زيادة فرص التشغيل.
وأكد فياض على أهمية الحوار ومشاركة مختلف أطياف ومكونات المجتمع وفي تحمل المسؤولية لمواجهة الأزمة المالية التي تواجه السلطة الفلسطينية، كما شدد على أهمية تعزيز مفهوم المواطنة من حيث الحقوق والواجبات، وعلى إسهام الجميع في بلورة وصياغة القرار التنموي، وذلك من منطلق حرص السلطة الفلسطينية على تأسيس نهج سليم للإدارة والحكم الرشيد، وبلورة صيغة تحظى بأعلى درجة من التوافق من قبل القطاعات المختلفة، ومشاركتها بشكل متكافئ في جوهر العملية التنموية، والتي تستهدف بصورة أساسية تعزيز صمود المواطنين وقدرتهم على الثبات على أرضهم، وحمايتها من مخططات الاستيطان والمصادرة الإسرائيلية، بالإضافة إلى الاستمرار في تعميق الجاهزية لإقامة الدولة والارتقاء بقدرة مؤسساتها على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين بكفاءة واقتدار عاليين، وبما يمكن أيضاً من توفير المنعة الكفيلة بتعزيز استقلال القرار الوطني وتحصينه من أي ابتزاز.
وأشار فياض إلى التزام السلطة الفلسطينية بالوقوف إلى جانب جامعة القدس وهي تمر في عملية التحول من مرحلة التأسيس إلى مرحلة النضج التي تمكنها من تجاوز الأزمة المالية التي تمر بها.
وفي ختام الاجتماع قدم القائم بأعمال رئيس الجامعة د.مروان عورتاني، درع الجامعة لرئيس الوزراء سلام فياض، بحضور رئيس مجلس الأمناء محمد زهدي النشاشيبي، وأعضاء هيئة مجالس جامعة القدس، والهيئة الإدارية والتدريسية، وعدد واسع من طلاب الجامعة.
وفي وقت لاحق افتتح رئيس الوزراء المؤتمر الدولي الثاني للجراحة النسائية والتوليد، والذي ينعقد في مدينة بيت لحم، بحضور جواد عواد نقيب الأطباء، ورئيس المؤتمر وليد البرغوثي، وبسام أبو لبدة مدير مستشفى المقاصد، وممثل النرويج لدى السلطة الفلسطينية، ومدير برنامج التعاون النرويجي، وعدد واسع من الأطباء من مختلف أنحاء العالم.
وقد رحب رئيس الوزراء بضيوف المؤتمر، وأشار إلى أهميته في تبادل نتائج البحوث العلمية والخبرات العالمية، وبما يساهم في تطوير البحوث العلمية وتمكين أكبر شريحة من الأطباء المهتمين من الاطلاع عليها، وما يمثله المؤتمر من خطوة هامة نحو مزيد من دعم الجهود لتطوير الصحة في فلسطين.
وشدد فياض على أهمية الانتقال إلى مرحلة الجودة والتميز في تقديم خدمات الرعاية الصحية، وأكد إصرار السلطة الوطنية على الاستمرار في بذل كل جهد ممكن للارتقاء بهذه الخدمة، والارتقاء بدور المؤسسات الصحية وقدرتها على تقديم أفضل الخدمات لشعبنا، وقال "التميز في تقديم الخدمات والارتقاء بدور المؤسسات وقدرتها، وفي كافة المجالات، وفي مقدمتها خدمات الرعاية الصحية، هو عنوان العمل للمرحلة القادمة في كافة مجالات الحكم والإدارة وتقديم الخدمات، وصولاً إلى ترسيخ البنيان المؤسسي الكفيل بتعزيز وتعميق جاهزيتنا لإقامة دولة فلسطين".
وشكر رئيس الوزراء الشركاء الدوليين على دعمهم المستمر للسلطة الفلسطينية، وخاصة النرويج، في كافة المجالات، وخاصة في مجال الرعاية الصحية.