لا نريد حرب ولا نريد هدنة نريد كرامة/سامي الأخرس


تعودنا أن نتوقع كل شيء بعد كل عملية اسرائيلة تذبح بها أحد قادتنا أو أبناء شعبنا الفلسطيني، حيث يبدأ الحديث منذ أول صاروخ محلي من قبل المقاومة الفلسطينية عن التهدئة وتتهافت وسائل الإعلام الفلسطينية قبل العربية عن الحديث عن فرص الهدنة والتهدئة، ومن ثم تبدأ الضغوطات المصرية وغير المصرية منذ اللحظة الأولى على فصائل المقاومة الفلسطينية لقبول بهدنة غير مشروطة مع العدو الذي لم يحترم بأي لحظة من اللحظات أي اتفاق مع الشعب الفلسطيني وقواه والتجارب هنا كثر، ورغم ذلك فإن القوى الفلسطينية لم تتعلم ولم تتعظ مطلقًا من تجاربنا السابقة، ولم تقرأ تاريخ ثورتنا الفلسطينية وتجاربنا المريرة مع هذا العدو الذي يغتال كل قائد فلسطيني دون عقاب إلّا ما قامت به الجبهه الشعبية لتحرير فلسطين التي عاقبت العدو باغتيال وزير صهيوني من دعاة وأبواق الترانسفير، في حين أن كل قادتنا منذ الشهداء كمال ناصر وابا يوسف النجار وانتهاءً بزهير القيسي لم يتم عقاب الاحتلال على جرائمه، ورغم ذلك نسارع لقبول الضغوطات والموافقة على هدنة غير مشروطة، وغير مضمونة سرعان ما يعود الاحتلال لممارسة طغيانه وفجوره ضد قادتنا وأبناء شعبنا، بل إنه ينوع لنا بالأساليب الإنتقامية، حسب وتيرة التصاعد التي يرتأيها فأصبح يتحكم بميكانزم حركتنا، وميكانزم مقاومتنا ويحركها كيفما يشاء وفق قدرته على إدراة أزماته السياسية والعسكرية، فيجد بنا كفلسطينيين وكغزة خاصة فأر تجاربه، ومستودع لأزماته، وهو يدرك أن رد الفعل يتم احتوائه كيفما يشاء ووقتما يشاء، فبعد أن ينفذ كل أهدافه ومهماته يبدأ بالحديث عن الهدنة والتهدئة، حتى يلتقط أنفاسه لجوله أخرى من التصادم، تاركًا لنا الإحتفال بالإنتصارات، كيفما نشاء وهو يفعل ما يشاء.نعم نحن شعب محب للسلام والتعايش بسلام، ولا يوجد شعب يكره السلام والوئام والمحبه وبناء مستقبله كمجتمع وأمة تساير التاريخ وتتطلع المستقبل، ولا يمكن أن نستمر بحالة حرب متواصلة، ودائمة لأننا بشر نحتاج لإستراحة وبأضعف الإيمان استراحة مقاتل، يعيد من خلالها ترتيب أوراقه ودراسة خياراته،

وتقويم أساليبه القتالية والاستراتيجية والتكتيكية، والسياسية كذلك ليبدأ الإستعداد لجولة أخرى من جولات الصراع المستمر مع هذا الكيان، الذي لا يؤمن إلّا بالصراع والقفز على ضمير الإنسانية الغافي عن الشعب الفلسطيني، ولكن ذلك لا يعني بأي حال أن هذه التهدئة وهذه الإستراحة على حساب كرامتنا، وبشكل متشرذم لصالح فئة تريد السلطة، والحكم، والاحتفال بالخطابات والمهرجانات وهي مغادرة الساحة القتالية منذ سنوات إرتأت من خلالها أن القتال السياسي في مقاعد السلطة اشرف وأكثر مصلحة من القتال بالبندقية، وإن كانت المعركة دفاعية وليست هجومية، فلا يمكن استصاغة مقاومة تطالب المحتل بعدم اختبار صبرها وشعبها يعتدى عليه يوميًا، فأي صبر هذا الذي لا يختبروه؟ وهم المعتدين، واعتداءهم على جغرافية تقع تحت مسؤولية أدبية وسياسية لمن يطالب بالصبر، فالأحرى به أن يدافع عن جغرافية سلطته، ومسؤولياته بحماية من هم تحت مسؤوليته القانونية والسياسية والجغرافية، ويقف بوجه من يحاول قتلهم والإعتداء عليهم.إن اعلان الهدنة الأخير يؤكد أن هناك تخبط واضح وصريح في مواقف قوانا الفلسطينية، وإنها لا تعمل وفق سيناريو موحد أو موقف موحد وهذا من خلال التصريحات المتباينة بين فصائل المقاومة الفلسطينية، فسرايا القدس وقادة الجهاد أعلنوا عن الهدنة بانتصار لأول مرة يتحقق بإعلان العدو تعهده بتوقف الاغتيالات مستقبلًا، رغم نفي كل قادة الاحتلال لهذا الإعلان، واعلان كتائب أبو علي مصطفى عدم توقيعها على أي اتفاق هدنة مع المحتل، واستمرار تساقط الرشقات الصاروخية من غزة على إسرائيل، مع مغازلة الهندي لحكومة حماس بالقول" ما كان لنا الصمود لولا دعم حكومة حماس" والسؤال هنا كيف كان دعم حكومة حماس؟

الهدنة المعلنة لم تخرج عن طور الهدن السابقة، ولم تأتِ بأي جديد سوى إضافة طابع النصر لها كي تمرر على أبناء شعبنا الغاضبين والمقهورين، وعلى أبناء وعناصر الأذرع العسكرية الذين يضحون بالدماء لأجل الكرامة، في حين الساسة يجنوا ثمار الدم بالخطابات والمهرجانات والإحتفالات، وسياسة جاملني اليوم أجاملك بكرة.وكالعادة فإن الرهان على العدو هو رهان خاسر بكل حالاته، وبكل احواله، وإن غذًا لناظره قريب، وستثبت قادم ألأيام أن ما بنى على باطل فهو باطل، وأن هدتنا التي أعلنت على دماء الشهداء وبدون تنسيق المواقف وتوحيد البرامج الفعلية، باطله لن تفلح بتحقيق الأمن لقادتنا ولأبناء شعبنا الفلسطيني، وأن التاريخ القريب والبعيد لم يعلمنا بعد أي شيء.
سامي الأخرس
الرابع عشر من آذار(مارس) 2012م

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت