المتباكون على النساء/سحر عبد الرحمن


عجيبٌ أمر المجتمع الذي يُسبحُ بحمدِ شريعة الإسلام على استحياء، وبحمد شريعة العادات والتقاليد بكل فخر، عجيب أمر المجتمع الذي ينظم نهاراً أفضل القصائد في المبادئ ويمدحها، وفي الليل يمارس طقوساً قاسية ويذبحها، عجيب كيف اكتسبت العادات والتقاليد قداسة أكبر من قيمتها وبسطت نفوذها على الكثيرين وجعلتهم يخرون للأذقان سجداً.

قبل أيام قليلة احتفل العالم بيوم المرأة فنظم المتباكون على المرأة والمتباكيات قصائد غزل فيها وطالبوا بتحسين ظروفها في كافة المجالات، عاقدين العزم على الاستمرار في اللهاث خلف القوانين القادمة من الغرب بزعم أنها تحمل ما لذ وطاب من حقوق للمرأة، معتبرين المرأة كائناً استثنائياً، ويحتاج لمعاملة استثنائية، قد تصل لإنزالها منزل المقدس الذي يطمح الجميع لالتماس الرحمة منه ، وهذا لا بأس به، فالمرأة تشكل نصف المجتمع وتؤثر في النصف الأخر، فهي البنت والزوجة والأم، ودخلت ميدان العمل بجدارة، لكن المدافعين عن حقوق المرأة والمدافعات نسوا أن الإسلام أكرم المرأةَ بحقوقٍ متعددة تبدأ من حقها في الحياة بكرامة ولا تنتهي عند حقها بتأسيس أسرة مع رجل يكون لها النصيب الأكبر في اختياره لتسير سفينة الحياة الزوجية بسلام وتحقق الهدف المنشود منها، وتناسوا أنهم يمارسون بحق المرأة أفعالاً استثنائية، تحتاج منهم مراجعة أنفسهم، والنظر للمرآة التي يرون بها المرأة قبل النظر إلى المرأةِ نفسها.

فالمرأة التي يدعون حرصهم عليها تريد تغيير نظرة المجتمع لها، وأكثر فئة قادرة على تغيير تلك النظرة هي فئة النساء نفسها، فكثير من سيناريوهات الطقوس السلبية التي يمارسها المجتمع بحق المرأة تكون من تأليف امرأة، ويلعب رجل دور البطولة في تنفيذها من أجل نيل رضا صاحبة السيناريو.

ومن ضمن ما تريد المرأة تغييره هو
ونحن هنا بصدد الحديث عن موضوع تعدد الزوجات فالكثير من النساء يعتبرن تعدد الزوجات اهانة لكرامتها، رغم إنهن يعرفن مدى أهمية هذا الأمر في الإسلام، والمرأة نفسها هي اعرف بنفسية الفتاة التي تصل لمرحلة الزواج ولا يطرق باب بيتها أحد، لماذا ؟ لأنهن بلغت سن اليأس المجتمعي ، وأصبحت خارج الجاذبية الزوجية ، ولا تصلح للزواج إلا من رجل يفوق عمرها بعمر، والسبب المجتمع الذي يفرش سلطته فوق أكتافنا.

لا أدري لماذا وصل الأمر بالمجتمع إلى وضع أعناقنا تحت سكين العادات والتقاليد، ويطالبنا بألا نتألم ، رغم قسوة السكين، مع علمه المسبق بأن أغلب العادات والتقاليد لم يدخل مدرسة الرأفة، بل لقيطة وبالية ، ويأكلها التناقض، ولا أدري كيف تنظر المدافعات عن حقوق المرأة للفتاة التي بلغت سن 27 عاماً دون زواج، وكيف يسمحن لطقوس المجتمع البالية أن تقرر مصير فتاة لم يكن لها دور في أن وصلت سن اليأس المجتمعي دون زواج، لماذا لا تسمح المدافعات عن حقوق المرأة بأن تشاركها امرأة أخرى في زوجها، لماذا لا يعتبرن ان زواج الفتاة هو من أهم حقوقها، وهل غاب عن ذهن الكثير من الأمهات إنهن من يتحكمن بشكل مباشر في طقوس الفرح وتفاصيل صفقة التبادل مع العريس ، هنا نصل لنتيجة مفادها ان المرأة هي من تقف في وجه المرأة .

وأنا كزوجة أولى لي ثلاث أخوات " زوجات زوجي قد شاركت في اختيارهن لزوجي" أقول انه على المرأة أن تنظر بعين الرحمة والرأفة للفتاة التي تأخرت في الزواج ، وتبحث عن زوجة ثانية وثالثة ورابعة لزوجها تتوفر فيهن المواصفات الدين، وتعتبرهن أخواتها في الإسلام، وتضع نفسهن مكانهن، ماذا سيكون شعورها لو فاتها القطار رغما عنها؟
سحر عبد الرحمن
كاتبة فلسطينية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت