الفلسطينيون يهجرون والمستوطنون يتوسعون/ الدكتور حنا عيسى


تضيق إسرائيل وتلاحق فلسطينيي القدس منذ أن قامت كدولة سنة 1948، كما تلاحق باقي الفلسطينيين بشتى الطرق و الوسائل، الهدف كان وما زال الاستيلاء على أراضيهم، في الماضي تم تهجيرهم عن أراضيهم، و اليوم يتم سلب ما تبقى من أراضيهم تحت حجج قانونية متنوعة تجري في ظل سياسة تهدف إلى طرد المقدسين عن أراضيهم لتهويد مدينة القدس بالكامل كما جرى مؤخرا الكشف عن مخطط إسرائيلي للاستيلاء على 550 دونم في جبل المكبر وتحويلها لأحراش، ناهيك عن التلاعب والتغيير بالأنظمة العثمانية والانتدابية والأردنية التي تقوم بها سلطات الاحتلال بتحويل مئات الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس إلى أراضي دولة خدمة لاهداف المستوطنين.

وتعتبر إسرائيل أن الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في مدينة القدس استراتيجية عامة تتفق بشأنها معظم الأحزاب الإسرائيلية، وهو ما أثبتته ممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بالإضافة إلى كون الاستيلاء على الأراضي بحد ذاته يعتبر من أخطر الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المواطنين الفلسطينيين وأراضيهم. ولم تؤدي المسيرة السياسية وما رافقها من اتفاقيات إلى وضع حد لمصادرة الأراضي ووقف الاستيطان بل على العكس تماما قامت إسرائيل بتكثيف سياساتها الاستيلائية على الأراضي الفلسطينية.

فقد استمرت بمصادرة أراضي جديدة مثل (أراضي جبل المكبر وسلوان .. الخ في القدس المحتلة) وتنفيذ قرارات مصادرة سابقة، بالإضافة للمخططات الحكومية الرسمية الهادفة إلى مصادرة أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، قام المستوطنون بمبادرات شملت توسيع المستوطنات من خلال إزاحة السياج المحيط بمدينة القدس ووضع أيديهم على الأراضي المجاورة لمستوطناتهم.

وتبرر إسرائيل مصادرتها للأرضي الفلسطينية بحجج ومبررات مختلفة من أكثرها شيوعا الإعلان عن الأراضي المصادرة بأنها أراض دولة ومناطق عسكرية ويتم معظم المصادرات من اجل توسيع المستوطنات، وشق الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات مع بعضها البعض ومع إسرائيل وتوسيع الشوارع القائمة، وإقامة المشاريع العامة وإنشاء المرافق العامة لتقديم الخدمات للمستوطنات والمستوطنين.

وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، يبدو واضحاً أن السياسة الإسرائيلية تجاه مصادرة الأراضي والاستيطان فيها لم تتوقف منذ توقيع اتفاقيات اوسلو، بل على العكس فإن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تسرع من وتيرة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها بشكل ملحوظ، وتتجاهل تصرفات المستوطنين المتواصلة في وضع اليد على الأرضي القريبة من المستوطنات، وتدعو المستوطنين إلى التمادي في الاستيلاء على مزيد من الأراضي في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين.

ومن هنا فإن القانون الدولي الإنساني يؤكد على عدم شرعية الاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات عليها في إطار النصوص القانونية الواردة أولا في اتفاقية لاهاي لسنة 1907، حيث المادة 46 تنص على " الدولة المحتلة لا يجوز لها أن تصادر الأملاك الخاصة " والمادة 55 تنص على أن "الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة"، وثانياً في معاهدة جنيف الرابعة لسنة 1949 حيث المادة 49 تنص على أنه "لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي تحتلها، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيها".

والمادة 53 تنص على أنه "لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد أو الدولة أو التابعة لأي سلطة من البلد المحتل"، وثالثاً في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت السياسات الإسرائيلية بكافة أشكالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة من مصادرة الأراضي الفلسطينية للأغراض العسكرية المختلفة، بناء المستوطنات الإسرائيلية، شق الطرق الالتفافية وغيرها مبينة ذلك في قراراتها.

الدكتور حنا عيسى استاذ القانون الدولي




جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت