يوم الكرامة سيبقى منقوشا فى ذاكرة المقاتل الفلسطينى والاردنى / سليم شراب

فى الحادى والعشرين من الشهر الجارى " 21 / 3 / 1968م " تصدى المقاتل الفلسطينى وبعض وحدات من الجيش الاردنى لهجوم برى وجوى كبير , قامت به قوات اسرائيلية خاصة مدربة تدريب عالى بمنطقة الكرامة فى غور الاردن بهدف ضرب وشل المقاومة الفلسطينية .

بدأ العدوان الاسرائيلى على الاراضى الاردنية فجرا , وبعد معارك ضارية طلبت دولة الاحتلال وقف اطلاق النار ظهرا , وماتبقى من قواتها انسحبت ليلا وهى تجر ذيول الخيبة والهزيمة وراءه , ووفق التقارير العسكرية التى تم نشرها فى ذلك الوقت بعد المعركة , بلغت خسائر العدو الاسرائيلى سبعين قتيلا وأكثر من مائة جريح وخمسة واربعون دبابة وخمسة وعشرون عربة نصف مجنزرة وسبعة وعشرين ألية مختلفة وخمسة طائرات عسكرية , أما خسائر المقاومة الفلسطينية فقد خسرت سبعة عشر شهيدا فى حين خسر الجيش الاردنى عشرون شهيدا وخمسة وستون جريحا وعشرة دبابات وعشرة أيات مختلفة ومدفعين فقط .

معركة الكرامة اعادت للمقاتل العربى كرامته خصوصا بعد نكسة الخامس من حزيران 1967 م خاصة وان تلك النكسة بكل ماأفرزته من مضاعفات ونتائج سلبية تمثلت بخيبة الامل والانكسار وفقدان الكرامة.

معركة الكرامة سجلت نقاطا ناصعة البياض لصالح المقاتل العربى عامة والفلسطينى والاردنى خاصة دخلت بشرف اعتزاز السجل التاريخىي العربى _ الاسرائيلى وشكلت تحولا ايجابيا كبيرا فى مسيرة الثورة الفلسطينية بكل فصائلها وبالاخص حركة التحرير الوطنى الفلسطينى " فتح " باعتبار انها كانت وستبقى رائدة النضال الفلسطينى , وقد دلل ذلك اقبال الاف المتطوعين من الشباب العربى المثقف وأصحاب الكفاءات العالية على الثورة .

كما أن معركة الكرامة من خلال الصمود والنصر المظفر الذى تحقق بهذه المعركة , أعادت للامة العربية والاسلامية جزءا كبيرا من كرامتها التى هدرت فى نكسة 67 وأعادت الثقة للجندى العربى وثقة شعبه به , ذلك لان الكرامة كمعركة عسكرية شكلت امتحانا حقيقيا لتلك الجندى بعد النكسة من خلال مشاركة الجندى الاردنى البطل فى المعركة بشكل فاعل .

سيبقى النصر الذى سطره المقاتل الفلسطينى والاردنى فى يوم الكرامة , مرسوما فى انصع الصفحات المجد والبطولة وذكرى خالدة فى نفوس العرب عامة والفلسطينين والاردنيين خاصة , وناقوسا يقرع دائما اى طامع بثرى الامة العربية وخصوصا الاردن .

ولاشك هى ذكرى عزيزة على نفوسنا , ليس لاننا احرزنا النصر على العدو المتغطرس بل لانها جمعت الدم الفلسطينى مع الدم الاردنى فى معركة كانت لاستعادة الكرامة العربية , نفتخر بها ونحن نعيش مرحلة هوان لم يشهدها تاريخا منذ عقود , بل قرون وكلنا أو لنقل معظمنا سمع من الذين نالهم شرف الدفاع عن شرف الامة العربية فى تلك المعركة سمعنا كيف دارت أحداثها , فالواقع ليس كما يسوقه بعض الاعلام الموجه , والحقيقة تبقى حبيسة ذكريات المقاتلين الاوفياء , عانقت بنادقهم بنادق اخوانهم , وأبو الا أن تكون وحدة تجلب القوة , واخلاصا يبعث النصر من عمق اليرموك والقادسية وثباتا تندحر أمامة قوة البغى والظلم التى لاتقهر .

وأخير أقول : معركة الكرامة ساهمت فى رفع وتيرة الخوف والرعب فى قلوب جنود دولة الاحتلال الاسرائيلى أكثر مما كانت عليه من قبل أضف الى ذلك المقاتل الفلسطينى مدعوما بالجندى الاردنى , فرض على جيش دولة الاحتلال الغازى نسقا جديدا من المعارك الالتحامية لم يكن معتادا عليها , وأسقطت نظرية الحرب الخاطفة والمفاجئة التى درجت دولة الاحتلال شنها ضد الجيوش العربية منذ نكبة فلسطين عام 1948 والتى عادة ماكانت تحقق له انتصارات عسكرية ترافقت مع هزائم سياسية .

وبعد معركة الكرامة استمرت اسطورة الجيش الذى لايقهر يتلقى الهزيمة تلو الاخرى وخير دليل هزيمتها فى حربها على لبنان 2006 وحربها القذرة الاخيرة على قطاع غزة عام 2008 .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت