الفصائل الفلسالفصائل الفلسطينية تحاكي نفسها فابقوا في خريفكم واتركوا لنا ربيعنا/شفيق التلولي

لعل الفصائل الفلسطينية لم تعي بعد مجمل المتغيرات الكبيرة التى جرت وما زالت تجري في المنطقة وما غيبه الحراك في الشارع العربي لمنظومة الأحزاب العربية التى أكل عليها الدهر وشرب

وبالتالي سحقت بعض الأنظمة التى تسترت خلفها وحفظت شعاراتها عن ظهر قلب وأبقتها في أدراجها لتأخذها الرياح بعيدا بل واستمرأت الفساد والطغيان حتى صعد جيلا عرف الحقيقة ولا يقبل الخنوع فخرج على كل الأفكار البالية التى كدسها الزمن إلى أن أضحت عبئا ثقيلا على كاهل الشعوب وأظن بأن الخلل لم يكن في مجمل المبادئ التى قامت عليها ومن أجلها هذه الأحزاب وإنما السياسة الخاطئة التى مورست تحت عناوين صاغتها أيدي خبيثة وفقا لمصالحها غير آبهة بمصير شعوبها التى يجب أن تكون القاعدة العريضة لها بل ويستنار بها من أجل بناء الأوطان فهى اللبنة الأولى التى يجب أن تقام عليها الدول وهي أيضا سر عظمتها وتقدمها وازدهارها .

إنما نخشاه أن تصبح الفصائل الفلسطينية على هذا النهج وتضل الطريق إن لم تكن بالفعل أصبحت كذلك فربما عفى عليها الزمن وأتى على عناوينها من كل حدب وصوب وضلت طريقها فما نراه اليوم من حالة التخبط في مجمل تفاصيل الحياة الفلسطينية في الداخل والخارج يعطى مؤشرا واضحا لا لبس فيه ودلالة قاطعة بأنها أصبحت تحاكي نفسها بل وتعتقد أنها ما زالت في ربيع عمرها ولا تؤمن بأنها في خريف طال تساقط أوراقه الصفراء فلقد أصبح هناك تباعدا كبيرا مابين الأجيال التى تنشد الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية على طريق تحرير الأرض والإنسان وإرساء قواعد الوحدة الوطنية الفلسطينية .


وبالتالي تواجه الفصائل الفلسطينية اليوم جيلا في ربيع العمر الذي حتما سيطال من خريفها إذ يحمل في جنباته بعضا من الأفكار التى تحاكي طموحاته ومستقبله والغريب في الأمر بأن الفصائل الفلسطينية ما فتئت تدعي بأنها تحاكي شعبها داخلا وخارجا وتمتلك العصا السحرية التى تضرب بها الأرض فتفجر من تحتها الينابيع وتأمر وتنهى وكل منها يخط سياسته ومواقفه وفقا لم يرتأيه وما يتماهى مع الوقائع كل حسب موقعه وإقامته سواءا كان في شطري الوطن المنقسم على نفسه أو حتى في الشتات وما يعانيه شعبهم مما أثقله الاحتلال والإنقسام وما يجرى من متغيرات على صعيد المنطقة .

وعليه ودونما أن أمعن الكتابة في التفاصيل التى يعرفها الجميع وحتى لا أثقل مسامع أحد ولكي لا أجهد عيون أى في القراءة أرى بأنه آن الأوان للفصائل الفلسطينية لتغيير استراتيجياتها تجاه مجمل القضايا الفلسطينية والعربية والدولية وأن تعود لتقرأ التاريخ جيدا لتستخلص منه الدروس والعبر وأن تعيد بناء هياكلها التنظيمية وفقا لمبدأ تدافع الأجيال حتى تستطيع استيعاب هذا الجيل الجديد الذي يطمح لبناء الإنسان والوطن والهوية كما أسلفت لعلها إذا ما تداركت حقيقة عجلة التاريخ التى تمر بسرعة فائقة تستطيع ان تنقذ ما يمكن إنقاذه وبالتالي تنأى ينفسها وبشعبها وبأجياله المتتابعة حمأة غضب لا يحمد عقباه .

أما وإذا بقيت في مكانها تراوح وتدور حول نفسها فلسوف تدور الدوائر وستنقلب العربة وهذا ما لا نتمناه أبدا لأننا ما أحوج ان نكون جميعا في الخنادق الأمامية لا في الفنادق الخلفية لمواجهة ما يحاك ضد شعبنا من مؤامرات كبيرة تهدف إلى شطب وإسقاط حقه في اقامة دولته الفلسطينية المستقلة فلا مجال لأي من المتاجرة والمراهنة والمقامرة بشعبنا وبتطلعاته للحرية والإستقلال ولا سيما و أن القطار انطلق وربما يتوقف في بعض المحطات ولكنه سيمضى نحو الهدف فلنستقله جميعا شعبا وفصائلا بمختلف المشارب والأطياف لنصل بشعبنا إلى بر الأمان وإذا لم يصار إلى تحقيق ذلك فتقول للفصائل الفلسطينية التى انبرت أقلامها لمحاكاة نفسها ابقوا في خريفكم واتركو لنا ربيعنا .

دمشق في
22/3/2012م


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت