سيد الشهداء

بقلم: محمد ناصر نصار

يقصد بحرية التعبير في الإسلام هو أن يكون الإنسان حراً في إبداء رأيه بالكلمات المناسبة وفي الوقت الذي يناسبه سواء بالتصريح أو بالتلميح ، ولقد أهتم الإسلام بحرية الرأي بل وأيضا كفلها فيقول الله تعالى ( أدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وهنا لا تتم الدعوة الا في جو تسوده الحرية ويختفي الخوف والتهديد ، كما قال تعالى ( جادلهم بالتي هي أحسن ) وهنا الجدال يكون في قضية معينة يتم طرح الآراء وتباينها وإختلافها للوصول إلى حل هذه القضايا ، بل أيضا كفلها لغير المسلمين مصداقا لقول الله عز وجل ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) ، والشواهد من السنة النبوية المطهرة كثيرة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( اذا رايت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها ) ومن القصص التي تدعم حرية الرأي حتى في وجود الرسول صلى الله عليه وسلم قصة ذو اليدين حين سأل الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة العصر عن أن هل قصرت الصلاة وذلك لأن النبي صلى ركعتين فقط فألتفت النبي صلوات الله عليه على أبا بكر وعمر ليتأكد من قول ذو اليدين فقالوا نعم فسن النبي صلوات الله عليه سجود السهو وهذا دليل واضح على قبول النبي صلى الله عليه وسلم آراء الآخرين وحتى ولو كانوا ذوي إعاقة أو دون طبقات الناس من تصنيفات الحسب والنسب ،

كما سمح الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة التي تناقشه وتجادله في زوجها كما قصة سعد بن معاذ حين اعترض على الرسول صلى الله عليه وسلم في اقتراحه بتقديم ثلث ثمار المدينة في غزوة الأحزاب ، كذلك الصحابة رضي الله عنهم فعمر قيل له اتق الله وهو أمير المؤمنين ، وقد قيل له أيضا حين حث المسلمين على تقويم عمر إن رأوا منه اعوجاجا فقال قائل منهم لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناه بسيوفنا فالمتأمل في سماحة عمر أمير المؤمنين لم يكره أن يعارض أو يمنع شخصا من التعبير عن رأيه ، هذه الأدلة القليلة التي سردتها هي فقط غيض من فيض والشواهد كثيرة أجل من أن تحصى في مقال أو كتاب أو مجلدات والذي حثني على الكتابة في هذا المضمار هو ما تعانيه بلاد الإسلام من كبت للحريات ومصادرة الآراء ،

كما قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم الا سبيل الرشاد ، وهذا تفرد كامل ومصادرة للحقوق الإنسانية التي ينادي بها الاسلام ، علينا في بلادنا الإسلامية تطوير الديمقراطية والارتقاء بها إلى مستوى يسمح لفئات المجتمع الإسلامي من التعبير والخوض في قضايا الأمة ، وهذا الأمر بشرط المشاركة السياسية البناءة والتي تهدف الى تحسين القرار السياسي والاقتصادي في المجتمع الإسلامي ، كما يجب أن نزرع في المجتمع الإسلامي حرية التعبير في الاسرة والمدرسة والمصنع والمؤسسة حتى يتعود الفرد المسلم على قول الحق ، فحديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ) هنا نجد أن ما ترتب على قول الحق الشهادة وليس الشهادة فحسب بل درجة سيد الشهداء ، ولذلك أؤكد الدعوة للسماح بحرية التعبير وإبداء الآراء لتقوم الفكر وتناضح بين الآراء لإختيار ما يناسب مجتمعتنا وما فيها من إصلاح ونماء .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت