لنتخلص جميعا من منطق الطائفية والمذهبية لانهم لا يمتون للقضية الفلسطينية بصلة

بقلم: عباس الجمعة


ترددت كثيرا قبل ان اكتب عن هذا الموضوع رغم انني لا احب اي منطق مذهبي ، ولكن للاسف ما يحصل هو مخطط كبير وراءه ايدي خفية من ضعفاء النفوس .
ونخطئ حينما نتصور أن إبقاء الأمور على حالها، سيوفر لنا الدعم والإسناد للقضية الفلسطينية، بل في إنهاء نقاط التوتر ومجالات الضعف، وذلك حتى يتسنى لعالمنا العربي ومن موقع القدرة والتميز دعم الشعب الفلسطيني وصولاً لتأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

ان اهمية الثقافة ودورها في المجتمع، هي بارتقاء الفرد وتوسيع افقه وجعله يحترم الآخر ورأيه، من الناحية الوطنية والديمقراطية والدينية ، وخاصة عندما يكون الوطن والانسان هما المنطلق والغاية، فان سلامة وجهة الافعال وحسن تأثيرها يكونان مضمونين، بعيدا عن النزعات الدينية والمذهبية ، من خلال الهوية الوطنية والقومية وليس على حسابها.

وحتى نبين الحقيقة لان ما يكتبه البعض على المواقع الاخبارية يعبر عن حالات مغالية في العداء للشيعة التي نكن لهم كل الاحترام والتقدير ، ولكن البعض اصبح همه الوحيد اليوم تسعير نار الفتنة ، لان الهدف المرسوم هو العمل على اشعال نار النزاع من قبل طفيليين ، علما ان الطائفة الشيعية الكريمة قدمت الالاف من ابناءها دفاعا عن القضايا القومية وخاصة قضية فلسطين ، فانني ارى ان هذه الهجمة لا تأتي من دولة بل من اشخاص يكشفون عن نوايا ومواقف لا تمت للشعب الفلسطيني باي صلة ، وهي تأتي في سياق التخريف ، وستنقلب هذه المواقف على اصحابها التي تفضح نزعاتهم الاستئصالية .
وعلى هذه الارضية نقول يجب على الجميع ان يدعو الى حوار التقارب واحترام عقائد الناس ، وعلينا ان نميز بين ما يكتب عن مناخات الصراع ، وعدم العودة الى مسارات التاريخ مع تقديري للصحابة وسيرتهم كما لاهل البيت وسيرتهم ، ولكن الخطأ ان نكتب احيانا بدافع ردود الفعل وتبني اسلوب الخصم وهذه طريقة خاطئة .

فأنا ضد الظلم والقهر ، والحقد والكراهية ، والانانية ، والعنصرية والطائفية والمذهبية ، وان الضرب على الوتر المذهبي لا يخدم الا اصحاب المشاريع الاستعمارية .
وامام كل ذلك تمثل القضية الفلسطينية جرح الأمة المفتوح،وان تحرير فلسطين يحتاج لأن نرتقي بأنفسنا وأن نجدد أفكارنا وأن نبتكر الجديد من وسائل مقاومة العدوان، وهذا يحتاج الى توحدنا والانطلاق نحو الارتقاء على طريق تحرير فلسطين والأرض السليبة.
ان ما يتم الحديث عنه خطير جدا ، فشعبنا الذي انتمى اليه احرار من كافة ارجاء المعمورة وقدموا بنضالاتهم وتضحياتهم نموذجا حيث جبلت ارض فلسطين بدماء سالت من شهداء ، يجب ان نقدر تضحياتهم ، تلك التضحيات البعيدة عن المذهبية والزعامات الطائفية، فالشعب الفلسطيني العظيم يرفض التكاذب لتحالف دكتاتوريات المذاهب والطوائف واحزابها،التي تهدد مواطنيه وشبابه وفقراءه ولن بدفع ثمنها مجدداً من دمهم ومستقبلهم ووحدة كيانهم الوطني.
ان فلسطين التي تحاول بعض القوى ادخال فيها المشاريع الخارجية، الإقليمية والدولية، وبشكل خاص، المخطط الأميركي الجديد الذي يدعو الى تفتيت المنطقة الى كيانات طائفية واثنية، بهدف إلغاء مفاعيل الصراع العربي الإسرائيلي وتحويله الى صراعات عربية عربية، او سنية وشيعية، تطيح باستقرار المنطقة وتضع مقدراتها تحت السيطرة الأميركية الكاملة.
لذا، لم يعد كافياً، تكرار نداءات التعقل التي يطلقها هؤلاء، وهذا يتطلب من شباب فلسطين الوعي، حتى لا نتحول الى محرقة توقد فيها طموحات وتحرك الغرائز وتشحن الأجواء المذهبية، الى الحد الذي لا أحد يستطيع ضبطها بعد ذلك.

ولهذا نرى ان تحديد معادلة الصراع في الإستراتيجية الأمريكية من خلال إيجاد أعداء وهميين لتغطية دورها الاستعماري في العالم العربي الإسلامي ، ولتغطية هزائمها المتواترة ليل نهار بهدف استكمال مشروع تصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، ولاشعال نار الصراعات المذهبية وكافة إشكال صور الاقتتال الداخلي ، فتتحول استراتيجياتها نحو تلك الزواريب الداخلية وأزمات الشارع ، وبالتالي تستنزف الجهود ، في تلك الزواريب الداخلية والصراعات المذهبية ، حيث تخلو الساحة للمشروع الأمريكي الصهيوني ، و بالتالي تحفظ مستقبل إسرائيل من المساس به من خلال إنهاك الشعوب، واستنزاف كافة إشكال المقاومة في تلك البؤر المذهبية الضيقة وبالتالي يصبح الأفق فارعاً أمام المشاريع الأمريكية في سعارها الهائج؛ نحو مصالحها النفطية والإستراتيجية في عالمنا العربي الإسلامي ، وهنا يجب التنبيه إلى دور السياسة الأمريكية وأدواتها في توجيه الأنظار نحو عدو وهمي يضخم دوره في المنطقة ، تحت نزف تلك الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية والحزبية الضيقة .

لعل أكثر ما يشغل أذهان القوى الديمقراطية القوى السلفية المتزمتة ، وانعكاس ذلك على المسار التحرري والديمقراطي لمجتمعاتنا ، فكما أن هذه القوى تبدي رفضا قاطعا إزاء تغييب الأنظمة والطبقات الحاكمة لهذا الاتجاه ، فإنها تنظر بنوع من التشكك والريبة إزاء ما يمثله بعض الإسلام السياسي من موقف تجاه هذه المسألة، حيث أن بعض حركات الإسلام السياسي تتعاطى مع قضية الديمقراطية، بطريقة استخدامية ، كآلية للوصول إلى السلطة السياسية ومن ثم الاستفراد بها، وتحويلها من مهدٍ للتغيير الديمقراطي ، والتطور السياسي والمجتمعي إلى الحد من هذه العملية كلها، وما يترتب على ذلك من تراكم لأسباب ومظاهر الاستبداد، ليس فقط بفعل العامل الخارجي (الاحتلال) وإنما أيضاً من القيود التي يتم فرضها على عملية النهوض والتطور الديمقراطي لمجتمعاتنا، عبر تقييد وقمع حرية الرأي والتعبير والمعتقد.
ان انتشار الحركات الأصولية الإسلامية، دون أي تجديد أو استنارة أو تطور عقلاني حديث، عبر النقل الجامد والمنغلق للنص الديني ، وتثقيف أعضائها وفق منهجية رفض الآخر، المتمثل في كافة أطراف حركات التحرر العربي (اليسارية والقومية والوطنية) وتكفيرهم بذريعة منطلقاتهم الفكرية الديمقراطية بمختلف ألوانها .

وعلى الرغم من ذلك، فإن المستجدات والمتغيرات المتلاحقة راهناً، تؤشر إن التعارض والتناقض أكثر حضوراً، سواء على صعيد فهم الديمقراطية كقيم وآليات وممارسة لبناء المجتمع ومؤسساته أو تجاه القضايا الاجتماعية الرئيسية حرية المرأة، حرية الاعتقاد وحرية التعبير والاجتهاد وحرية الإبداع الثقافي وقضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية بمختلف تجلياتها.
مما يوجب التنبه الجدي لاصحاب النهج التخلفي الذين يثيرون النعرات المذهبية بين السنة والشيعة او لتلك المخططات الأمريكية وأخذها بعين الاعتبار، من خلال التكاتف على المشترك الروحي ، ومحاربة كافة إشكال التفرقة فكرياً وسياسياً وإعلامياً ، والعمل على تعزيز كافة أوصال الوحدة تحت مظلة التنوع الثقافي والتعددية في كل قطر عربي والتمسك بالثوابت القومية .
من هذا المنطلق يجب إن نؤمن ان المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني الذي يواجه النعرات المذهبية.بفتياته، وعماله وفلاحيه وموظفيه ومثقفيه يدعو الى التوحد في مواجهة القوى المتطرفة المذهبية.
إننا ندعو هؤلاء كل من موقعه، الى التنبه لمفاعيل المشروع الأميركي في المنطقة وفلسطين، والنزعة التي تظهر تعود بنا الرجوع للتشدد الديني المذهبي المتطرف ، ونحن نعتبر ان هذه المواقف هي بهدف تكريس التجاذب المذهبي والخروج من مواجهة الاعتداء الاميركي الاسرائيلي الذي يسعى الى تقسيم المنطقة الى دويلات مذهبية وطائفية .

ولا بد ان نذكر بان سماحة السيد الامام موسى الصدر قال إن وجود الفلسطينيين و المقاومة على أراضي لبنان ، قد حصل هذا بفعل إسرائيل التي شردتهم عام 1948 ولا يمكن اعتبار لبنان مسؤولاً عن هذا ،وإن قضية المقاومة الفلسطينية قضية شعب كامل تشرد من أرضه التي عاش فيها آلاف السنين، لا يملك اليوم شيئًا سوى أمل العودة إلى أرضه ،فعرب فلسطين ليسوا فقط أحفاد الفاتحين ، بل هم أهل فلسطين الأصليين وكل من استوطن هذه الأرض وسكن عليها، يجب مساندته ومساعدته حتى تحرير ارضه.

إن التطرف الذي نراه هو حلقة مفرغة لا نهاية لها .وما لم تتم معالجة الأسباب التي تشكل أرضاً خصبة لانتشار الأفكار المتشددة في العالم العربي والغربي ,ةهذا يتطلب حركة مجتمعية تحاصر الفكر المتطرف المذهبي, وإطلاق حملات إعلامية شاملة وحزمة متكاملة ومترابطة من البرامج والأنشطة والحملات والفعاليات الإعلامية والثقافية التي تتفاعل مع المجتمع وتحوله من متفرج إلى شريك وليتحمل المجتمع شطراً من المسؤولية في مواجهة من يسعى للنشر التفرقة المذهبية ,وإشراك الأسرة والمرأة على وجه الخصوص باعتبارها ذات التأثير الأكبر في تشكيل وصياغة العقول الشابة,مثل تلك البرامج القائمة على أسس حديثة ومدروسة سوف تسهم في إجهاض مشروعه العدمي.

ونحن نقول لكم دينكم ولنا ديننا ، ما عدنا نعرفكم، ولا ننتمي لثقافتكم، حيث يرافقنا الخجل والسؤال، ونخشي عليكم من الثقافة المسطحة التي تسمى حرية رأي والتي تأتي على مقاسكم
وهذا ليس بالجديد من قبل المتعصبين ، فاهم مايميز الانسان هو وعيه الكامل بحقيقة الأمور وانتسابه لدينه أكثر من انتسابه لطائفته .
ختاما: لا بد من القول نعتبر ما يجري هو حرب على الحريه حيث تصبغ القضيه بكل الالوان باسم المذهبيه التي نرفضها . لن نركع للظلم سنبقى يد واحدة ضد كل من يريد الاساءة للشعب الفلسطيني والدفاع عن الحرية والديمقراطية بعيدا عن المذهبية لاعطاء الطاقات العلمية مكانتها الحقيقية حتى تبقى قضية فلسطين تحتل مكانتها امام العالم .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت