ليس جديدًا انتهاج سياسة ترهيب واعتقال الصحفيين من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة رام الله, اعتقال, تنكيل, محاكمات, غرامات, مالية, هذا إذا ما تجاوزنا المرور على قتل الصحفيين حينما كان حرس الرئيس التابع للسيد محمود عباس يعيث بالأرض فسادًا بغزة قبل الحسم, حينما قتل كلا من الصحفيين "سلمان العشي" و"محمد عبده" اللذان كانا يعملان بصحيفة فلسطين بدم بارد وتركا ينزفان إلى أن فارقا الحياة.
أعداء لعيون الحقيقة, لكل أقلام الكشف عن الفساد وعن السياسات التي تفضح الكثير من عبث العابثين بالوطن ومقدراته وبالحقوق والثوابت وبأمواله. كثيرًا هي أساليب العداء التي تعرض لها الإعلاميين والصحفيين ولازالوا يتعرضون لها, لا نريد هنا ذكر كشف الأسماء التي عانت ولازالت تعاني قهر العداء لها من قبل أجهزة الأمن بالضفة الغربية .. " فالقائمة تطول ".
مراسلو تلفزيون الأقصى و فضائية القدس وفضائية الجزيرة والعديد من المؤسسات الإعلامية الذين تعرضوا لحملة اجتثاث لوجودهم بالضفة المحتلة, محاكمات انعقدت للصحفيين وأحكام بالسجن الفعلي مرفقة بغرامات مالية تحت بنود ليس لها أي مرجعية بالقانون الفلسطيني, إنه قانون أجهزة الأمن التي كثيرًا ما كانت تفرج المحاكم بالضفة عن المعتقلين فتعيد الأجهزة اعتقالهم من جديد كما يتناسب مع سياساتهم العبثية بحق الصحفيين.
نقابة صحفيين أنتجتها الأجهزة الأمنية لتكون السلطة الرابعة تحت سيطرتها لتبقى عيونهم متابعة لكل ما ينطق به فرسان الحقيقة والقدرة على لجم أقلامهم بل وكسرها وإخراس أصواتهم التي دومًا تنادي بالحقيقة.
حرق سيارات بث واعتقال كتاب ومحللين سياسيين, لم ترق لأجهزة الأمن تحليلاتهم كما كان يحدث مع الكاتب الدكتور عبد الستار قاسم.
إنه العداء المستشري بين الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس محمود عباس وبين عيون الحقيقة التي تسعى دومًا لكشف حقائق غامضة تصاحبها سياسة غاشمة لقضيتنا الفلسطينية والتي من حق كل إعلامي الكشف عن ملابسات ما يدور في أروقة السياسة؛ لتبقى عيون الحقيقة ترقب بمنظارها حقائق تغيب عن المواطن وتكون قد أرست قواعد الكلمة الصادقة والصورة المعبرة.
عيون الحقيقة إذ تغيبها سجون السلطة الفلسطينية في محاولات بائسة لإبقاء اللثام على الأحداث خوفًا من كشفها للرأي العام الفلسطيني وما يمس قضيته من عبثية لفئة استمرئت هذا الشعب وتلاعبت بحقوقه وثوابته كيفما يحلو لها.
يوسف الشايب, وعصمت عبد الخالق هما ليس آخر ضحايا الاعتقال والتنكيل من قبل أجهزة الرئيس عباس على خلفيات كشف فساد مستشري بالسلطة الفلسطينية, وقد واجهت سلطة رام الله باعتقالها الصحفي الشايب انتقادات واسعة بين صفوف الصحفيين والمؤسسات الحقوقية باعتباره مخالف لما يكفله القانون الأساسي من حرية التعبير وما يتيحه قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني للصحفي من حق الاحتفاظ بمصادر معلوماته.
كثيرة هي الانتهاكات التي تقوم بها سلطة رام الله بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وما اعتقال الصحفيين الشايب وعبد الخالق وطارق خميس إلا حلقة في سلسلة تنتهجها أجهزة الأمن بالضفة الغربية ضد كافة فرسان الحقيقة لتبقي بيدها كافة السلطات ومن بينها السلطة الرابعة لتكون هذه الأجهزة هي الحاكم الحقيقي على أرض الواقع بما يتناسب مع سياساتها وسياسات رؤسائها.
إن اعتقال الصحفي "محمد منى" أمس على يد قوات الاحتلال يأتي متناغمًا مع سياسة سلطة رام الله بطمس عيون الحقيقة التي طالما أرهقتهم في الكشف عن الكثير من سياسات القمع والفساد المستشري بمؤسسات سلطة الرئيس عباس.
إن ما لا تدركه الأجهزة الأمنية, أن سياساتها في محاولاتها الحثيثة لاجتثاث عيون الحقيقة وفرسانها باتت سياسة مكشوفة اللثام وأصبحت لا تدرك أنها تحت مجهر المواطن الذي يدرك تمامًا أن الغرض من هذه الاعتقالات هو تغييب لدور الصحفي والإعلامي عن كشف صور ما يدور في دهاليز السياسة من فساد سياسي ومالي وأمني خصوصًا بكيفية التعامل بالقضية الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي والتنسيق معه في كثير من الأمور المشينة.
سنقولها عاليًا: لم يعد ما يحدث من انتهاكات ومصادرة للكلمة والصورة واعتقال الصحفيين ومحاكمتهم وفرض غرامات مالية عليهم لم يعد مقبولا ترهيبهم وتعذيبهم, فسيادة الرئيس عباس قادرًا على وقف تغييب الحقيقية عن المواطن الفلسطيني.
إن ما يحدث من قبل أجهزتك الأمنية التي من المفترض أن تكون لك السلطة والكلمة عليها وعلى رؤسائها لتتوقف عن هذه السياسة المتناغمة مع ما ينتهجه المحتل الإسرائيلي تجاه الصحفيين والإعلام بشكل عام.
الحرية هي مطلبنا لكافة الإعلاميين الذين كثيرًا ما تعرضوا للقتل والاعتقال والتنكيل من قبل قوات الاحتلال, فلا يعقل أن تتعامل معهم جهة فلسطينية أيًا كانت بنفس النهج المتبع من قبل الاحتلال لذا فلا نجد مبررًا لكل ما يحدث من قبل أجهزة فلسطينية المفترض أنها تحمي هؤلاء الفرسان بل وتهيئ لهم أسباب الوصول إلى الحقيقة لتكون سلطة رابعة قادرة على العمل بظروف طبيعة لا أن تكون في مواجهتها وكأنها العدو.
حرية نطالب بها الرئيس محمود عباس لكل الإعلاميين في سجون السلطة الفلسطينية والتوقف الفوري عن سياسة القمع والتنكيل والاعتقال التي أصبحت عنوانًا لهذه الأجهزة بعدائها المستشري ضد فرسان الحق والحقيقة.
حرية ننادي ونطالب بها المؤسسات الحقوقية المعنية بالإعلامي والحفاظ على حقوقه واتخاذ التدابير اللازمة للإفراج عن جميع المعتقلين الصحفيين ووضع أسماء من يقوم بالاعتداء عليهم على قائمة أعداء الحقيقة خفافيش الظلام.
محمد فايز الإفرنجي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت