مصطلح تكرر بالآونة الأخيرة التلويح به ويستخدم كلما ضاق رئيس هذه السلطة ذرعًا بسياسة الاحتلال التي لم تتبدل بجوهرها منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو, فكلما تحجر الاحتلال برأيه بقضية ما أثناء التفاوض الذي لا نهاية لها طل علينا أحد مستشاري الرئيس أو أحد أركان هذه السلطة بتهديد المحتل بحل هذه السلطة كنوع من الإفلاس السياسي.
إن مصطلح " حل السلطة الوطنية الفلسطينية " ما عاد يرهب المحتل فتجده قد أسس لهذه المرحلة وهو يدرك أنه قادر على السير قدمًا بما خطط له من مخططات بديلة لهذه السلطة في حال تم حلها أو حتى الاحتلال نفسه حلها حينما يجد أن أمر حلها يصب في صالحه.
إن اتفاقية أوسلو خرجت بمضمون يشمل أمرًا للحاكم العسكري الإسرائيلي بإنشاء ما يسمى الآن السلطة الفلسطينية, فهي سلطة نشأت بقرار للمحتل نتاجًا لاتفاقيات سلام موهوم مع منظمة التحرير الفلسطينية والتي وقع الاتفاقية نيابة عنها السيد عباس بذلك الوقت.
" حل السلطة " , هو كناية عن ضعف هذه السلطة ومن يديرها فهي فقدت مصداقيتها حتى بما تحمله من اسم لامع براق ربما أغرى الكثير منا كفلسطينيين " بأن سلطة ما " هي بيدنا, رغم أن المدقق بالأمر جليًا يصدم بما تحمله هذه السلطة من تبعية للمحتل بالعديد من الأمور الأساسية, وباعتقادي أنها لم ترقى حتى لحكم ذاتي كان يعرض على الفلسطينيين في زمن غابر.
كثيرة هي المناسبات التي تحمل هذا المصطلح ولا أدري حينما تحل السلطة هل سيستطيع السيد عباس مغادرة الوطن أو حتى الانتقال من مكان إلى أخر في ربوعه؟
هل سيقبل المسئولين الفلسطينيين من وزراء ومدراء والعديد من المسميات التي أعجبتهم وأغرتهم أن تصبح حياتهم عادية كأي فلسطيني يعيش تحت حراب الاحتلال؟
كثيرة هي التساؤلات التي ترد بخاطر كل فلسطيني حينما تصل إلى مسامعه قضية حل السلطة الفلسطينية؛ ولا أعرف هنا حينما يهدد بها القادة والمستشارين أي إشكال حقيقي سيواجه المحتل حينها؟
كان الأجدر من الرئيس ومستشاريه أن يطرقوا قضايا هي أشد سخونة وأهمية وتأثيرًا حينما يريدون أن يضعوا الاحتلال في زاوية حرجة ويعتبروها ضغط عليه, كان على السيد عباس التلويح بل العمل الجاد على إيقاف العمل باتفاقيات عديدة وأهمها التنسيق الأمني!
إن قضايا تهم المحتل وربما تهدم كل ما بناه خلال العقدين الماضيين وتعتبر هامة وأساسية وستجعله يفكر مرارًا وتكرارًا قبل الرد عليها, فهناك العشرات من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي لها تأثير قوي وفعال على سياسة الاحتلال كان يجب على الرئيس عباس التلويح بشلها والتوقف الفوري عن العمل بها.
حرب كلامية شبعنا منها وباتت لا تشكل في ثناياها أي أهمية؛ ليس للمحتل فحسب بل حتى للمواطن الفلسطيني البسيط.
سلطة لا تمتلك أمرها ولا إرادة لها بشتى القضايا الأساسية من سياسة واقتصاد وما إلى ذلك؛ هي حقًا ليست سلطة ولا تحمل بمضمونها شيء من اسمها, فحلها ليس بمعضلة ولن يكون قضية مزعجة لمحتل هو نفسه شرع وجودها وهو نفسه من يمدها بأسباب البقاء, سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من الدول التي لا تسعى إلا لإرضاء الاحتلال وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأخرى شاملة دولًا عربية, سواء بشكل علني أو سري إن جاز استخدام سري لأمر فاضح.
لم يعد حل السلطة قضية ذات تأثير إعلامي يمكن أن نحصد من تبعاته أمورًا هامة على صعيد قضيتنا مع الاحتلال, وهنا نشير إلى خطوات جادة يمكن استخدامها ضد الاحتلال وعلى رأسها: إرساء مصالحة حقيقية بين الفلسطينيين أنفسهم والعمل - على أقل تقدير - على تجميد الاتفاقات الأمنية مع الاحتلال التي من شأنها أن تجعله يعيد حساباته من جديد.
إذا ما كان هناك نية حقيقية لمواجهة الاحتلال بالضغوط السياسية فعلينا إتباع خطوات تكتيكية أكثر صرامة من مصطلح ينشر هنا وهناك بمناسبة وبغير مناسبة.
سلطة لا تملك زمام أمرها لا أسف عليها إن حلت نفسها وتركت الاحتلال يواجه أمرًا واقعيًا بمسئوليته عن شعب احتلت أراضيه ربما يكون أنفع لقضيتنا بوقت وظرف ما .
محمد فايز الإفرنجي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت