نيسان والجرح لا يندمل

بقلم: عباس الجمعة


اليوم اردنا ان نتوقف امام الذكرى السنوية لمجزرة قانا ، الذي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بعدوانه على مقر الامم المتحدة عام 1996، فعمد إلى إشباع شهواته الدموية عبر جريمة نكراء بحق الإنسانية من خلال مجازر متنقلة، كانت إحداها مجزرة قانا، الذي سقط ضحيتها العشرات من الشهداء حيث ارتوت الأرض بدمائهم التي سالت امام اعين المجتمع الدولي الشاهد العيان.
إن مجازر الكيان الصهيوني أكثر من ان تحصى وتعد، فقد فاقت النازية قتلاً وإجراما ، فمن فلسطين إلى لبنان، عناوين كثيرة، ليس أولها دير ياسين، وليس آخرها مجزرة قانا الشهيرة، التي تعد محطة من محطات الإجرام الصهيوني ، حيث سبقت مجزرة قانا وعادلتها في هولها، بل فاقتها إجراماً، بالزمن مجزرة صبرا وشاتيلا الشهيرة، وقبلها دير ياسين وبيت حانون وبحرالبقر ، حيث أنبتت هذه المجازر بعظمة الشهداء، عنواناً لصمودنا وتضحياتنا ووحدتنا ومقاومتنا .

لقد أيقن شهداؤنا أن اللجوء إلى المحافل الدولية، واستعطاف الدول الكبرى لن يؤدي إلى أية نتيجة سوى إمعان هذه الدول في السيطرة على الارض والانسان، وأن الحل الوحيد هو التمسك بالنضال بكافة اشكاله لاستعادة الحقوق الوطنية المشروعة مهما غلت التضحيات .
إن القوى الغاشمة لا تقيم للإنسان قيمة ولا لحرية الشعوب احتراماً، فها هو سِجل القرارات الدولية حول فلسطين ولبنان والجولان لم تنفذه "إسرائيل" ولو لمرة واحدة. والمجتمع الدولي لم يضغط لتنفيذها، بل إن دماء الشهداء هي التي دحرت العدو وأجبرته على الخروج من لبنان، فأين كانت المؤسسات الحريصة على الأمن والسلم الدوليين؟ أين كان المجتمع الدولي؟ إن المجتمع الدولي لا يقبل إلاّ مصالحه ولا يعمل إلاّ لمصالحه، وهو لا ينتج سوى الصناعة السياسية الخادمة لمصالحه.
لقد صم الجميع آذانهم أمام هول المجازر في لبنان وفلسطين وعصبوا عيونهم المفتوحة ، وهذا يؤكد تواطؤ المجتمع الدولي التي تتزعمه الولايات المتحدة في مؤامرة الصمت تجاه انتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي وللشرعة الدولية لحقوق الإنسان في فلسطين، بل يعطي حكومة الاحتلال جرأة بغطرسة القوة الاستعمارية على الاعتداء على نشطاء التضامن الدولي.

إن حماية الكيان الاسرائيلي من قبل الولايات المتحدة بالمحافل الدولية كشف طبيعة الترابط العضوي بين إسرائيل وبين النظام الرأسمالي العالمي حيث أثبتت تجربة الادارة الامريكية أنها لا تستطيع الخروج عن دائرة المؤسسة الحاكمة ذات العلاقة المصلحية باللوبي الصهيوني رغم شعاراتها البراقة عن الديمقراطية وحرية الشعوب ورفض العبودية ، حيث المصلحة المشتركة في السيطرة على الموارد والثروات العربية ومنع استنهاض أي فعل تحرري عربي مقاوم داعم لفلسطين والعمل على تبديد معالم الهوية الفلسطينية وتجزئة التركيبة القومية العربية إلى تجمعات اثنية وطائفية بما ينسجم مع فلسفة الشرق الأوسط الجديد الرامي إلى سيطرة اسرائيل على المنطقة بوصفها دولة امبريالية صغرى ، حيث أصبح من الواضح ان إسرائيل لا تستهدف فقط الشعب الفلسطيني بل ايضاً الشعوب العربية وهويتها القومية الواحدة.
ان الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني واخر نظام عنصري وفاشي في العالم يمارس سياسة التطهير العرقي والعنصرية والتمييز العنصري وتزوير وسرقة التاريخ والتراث، باعتبارها قاعدة للامبريالية الاميركية في فلسطين قلب الوطن العربي لا يمكن القبول والاعتراف به والتعايش معه على الاطلاق .

إن ثمة أخطاراً حقيقية تتهددنا جميعاً في هذه المنطقة عنوانها الاستراتيجيا الأميركية ـ "الإسرائيلية" ومشاريعها الجهنمية المتناسلة. لذلك لا بد من تعزيز وحدتنا من أجل مواجهة الخطر الذي يتهدد الجميع، وهنا أعني المشروع الصهيوني ، والذي تتعدل وتيرته ومراحله وفقاً للظروف والمتغيرات والأولويات، إن رؤية هذا الخطر وبالتالي مواجهته هي التي تحمينا شعباً وأرضاً وكرامة، كل ما عدا ذلك لهو بالقشور ومفاقمة للأخطار القادمة التي لن ترحم أحداً.
ان ما نراه اليوم بفعل صمود الحركة الاسيرة المناضلة التي اكدت اكثر من اي وقت مضى صدقية الانتماء للوطن والقضية تتطلب من جميع القوى والفصائل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة سياسات الاحتلال ومشاريعه واجراءاته وممارساته العدوانية المتواصلة بحق الشجر والحجر والبشر .

ولا بد من القول ان شهر نيسان شهرالشهداء الرموز والعناوين الخالدين في سفر النضال الوطني الفلسطيني،شهداء تركوا بصماتهم واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والنضال الوطني الفلسطيني والعربي،حفروا تاريخهم وسجلهم وخلودهم في عمق ذاكرة شعبنا ووعيه بأحرف من نار ودم،قدموا أرواحهم شهداء على مذبح الحرية، بلا تردد او خوف او رهبة من الموت،وما زال شعبنا وثورتنا وفصائلنا تسيرعلى نهجهم ودربهم وثقافتهم ورسالتهم،وتستذكر تاريخهم ومحطاتهم النضالية في كل قضايا شعبنا المفصلية حيث الصمود والعطاء والتضحية،كانوا الرموز والعناوين وبقوا خالدين في سفر النضال والثورة،أجسادهم غادرت بفعل سرمدية الموت،ولكن بقيت الذكرى والفعل والعمل والسيرة والمسيرة تحفظها الأجيال المتعاقبة من شعبنا عن ظهر قلب.

ولأن الشهيد القائد أبو العز أقرن القول وبالفعل،ولكونه مناضل عربي فلسطيني انتمى وترعرع في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية والى جانب القائد الرمز الامين العام الشهيد ابو العباس ،وبسبب عقليته العسكرية وخبرته وتجربته وحنكته، قاتل واستشهد على ارض العراق رافضا للاحتلال الاستعماري لارض عربية شكلت دعما للقضية الفلسطينية حيث استشهاد في 20 نيسان 2003،حيث كان ذلك اليوم يوما عربياً مشهودا،رفرفت فيه روح الشهيد لتؤكد على عمق وترابط النضال الوطني والقومي.

ختاما : تحية وفاء لشهداء مجزرة قانا ولشهداء لبنان وفلسطين ولا بد من القول ان الشهداء هم اكرم من في الدنيا وانبل بني البشر انهم الرجال الذين تنحني لهم الهامات إجلالاً وإكباراً لما بذلوه من أجل عزة الوطن وقدسية ترابه فهم الخالدون في الضمائر ، وهم رمز وعنوان العنفوان والإباءالذين علمونا دروساً في التضحية.

كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت