27 نيسان علامة مضيئة انارت لنا درب النضال

بقلم: عباس الجمعة


عندما نقف امام مناسبة وطنية عظيمة شكلت حالة ثورية على امتداد فلسطين والوطن العربي وعلى المستوى العالمي ، نقف بكل تأكيد امام 27 نيسان اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية التي كان لها دورها الوطني والقومي بقيادة مؤسسها المناضل الكبير الشهيد القائد ابو العباس الذي اعتبره شعب فلسطين وحركة التحرر العربية واحرار العالم قائداً قومياً وأممياً مميزاً أعطى للعروبة ولقضايا الأمة جل حياته.

لقد شكلت انطلاقة جبهة التحرير الفلسطينية منارة للمناضلين ، خصوصا انها حملت في ثنايا برنامجها السياسي ومواقفها معظم الاجابات على اسئلة المصير الفلسطيني والعربي ، فكيف لا وهي تتمسك بالثوابت الفلسطينية من اجل تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة ، كما رسمت بوضوح صورة فلسطين المشرقة ، وبهذه المواقف كانت الجبهة وما زالت الفصيل الفلسطيني والعربي الاكثر ملائمة وتعبيرا للقوى الثورية .

تميزت جبهة التحرير الفلسطينية عن غيرها من الفصائل والقوى بأمرين بارزين احدهما في المجال السياسي ويتعلق بالعمل العربي المشترك اي بمعنى النضال الوطني وترابطه مع النضال القومي ، وتعزيز العلاقات مع حركة التحرر العربية بقواها واحزابها ، تلك الميزة تجلت بالعديد من الصعوبات التي تعرضت لها الجبهة .

من هذا المنطلق مارست الجبهة كافة اشكال النضال فكانت عملياتها في الخالصة باكورة العمليات الاستشهادية وام العقارب والزيب ونهاريا ونابلس والمنطاد والطيران الشراعي وبرختا والسفينة اكيلي لورو والقدس البحرية والقدس الاستشهادية وغيرها من العمليات البطولية عبر الحدود العربية حيث روت دماء شهدائها في كل زقاق وشارع فلسطيني ومنحنى وهضبة ومرتفع شهيدا ووراء كل شجرة زيتون او صخرة ورابية وسنبلة قمح تنمو فوق تراب الوطن وعلى ذرة رمل كان لها شهيد ، وما زالت الجبهة تقتفي اثار شهدائها الابرار من خلال مقاومتها للاحتلال الاسرائيلي بكل الوسائل المتاحة وهي تكتب بتضحياتها امجاد شعبنا وامتنا.

لقد اكدت جبهة التحرير الفلسطينية بأدبياتها أن العلاقة التي تربطها بالجماهير هي علاقة جدلية، واي تنظيم بدون جماهير مرشح للزوال ، وإن الفعل الجماهيري المنظم، والقيادة الرائدة هي القادرة على كسب الجماهير ، حيث اعطت مزيد من الجهد والاهتمام لبناء كوادر قادرة على النهوض بالعمل الوطني بشكل عام، على أسس واضحة وصريحة على قاعدة التمسك بالثوابت والحقوق الفلسطينية الغير قابلة للتصرف.
ان تاريخ جبهة التحرير الفلسطينية تاريخ مجيد حافل بالعطاء والتضحيات من خلال اسهامه في المسيرة الوطنية الكفاحية وهو يستحق القراءة ، كما هو حاجة للاستفادة والاسهام من قبل كافة مناضلي الجبهة لما تركه الشهيد القائد الكبير ابو العباس الذي استشهد شامخا من ارث نضالي حتى تتطلع عليه الاجيال العربية والفلسطينية هذا القائد الثوري الذي يستحق منا وسام شرف ، حيث ارتبط اسمه بسيرة نضالية مميزة ، هكذا عرفه شعبه وهكذا نحن نتغنى باسمه ، كيف لا وهو من حول بنضاله ارض فلسطين الى لغم يتفجر تحت أقدام الغزاة ، وأوفى بوعده وبشهادة العدو قبل الصديق .

وامام هذه التجربة العظيمة لجبهة التحرير الفلسطينية التي كان للشهيد القائد ابو العباس الدور الرئيسي فيها حيث مارس كل أشكال النضال والكفاح من الاعتصام والمسيرة إلى العمل الجماهيري والسياسي والعسكري، شكلت جبهة التحرير الفلسطينية مدرسة للعطاء والفداء والتضحية في سبيل تحرير الارض والانسان .

لقد تمكنت الجبهة على مدار السنوات السابقة من خلال أنصارها وقاعدتها الجماهيرية من المحافظة على التواصل مع الجماهير الفلسطينية والعربية والدول المتواجدة بها، وتعزيز العلاقات مع الأحزاب والقوى العربية بما يساهم بتعزيز العلاقات والتفاعل والعمل المشترك لما فيه مصلحة القضية الفلسطينية

ان جبهة التحرير الفلسطينية التي عرفت في بطولاتها وعظمتها ، من خلال تضحياتها الجسام واستشهاد قادتها العظام الامناء العامين ابو العباس وطلعت وابو احمد حلب والقادة سعيد اليوسف وابو العز وحفظي قاسم وابو العمرين ومروان باكير وجهاد حمو وابو عيسى حجير وابو كفاح فهد وكافة شهدائها وابطال عملياتها ارادوا تحويل اليوم الوطني يوما عظيما في تاريخ الجبهة والثورة وفي تاريخ الشعب الفلسطيني ، حيث شكلت الجبهة بنضالها ومواقفها رافعة أساسية هامة للنضال الوطني الفلسطيني ، وداخل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وفي صون المشروع الوطني الفلسطيني على طريق تحقيق أهداف شعبنا المشروعة.

وامام كل ذلك نؤكد في هذه المناسبة العظيمة ان جوهر القضية الفلسطينية يتمثل في حق العودة ، واذا كان الاعداء يسعون الى شطب حق العودة ، فهم بالتالي يحاولون شطب القضية الفلسطينية ، وقضية العودة هي مركز اجماع وطني للشعب الفلسطيني وتشكل عنصر لقاء ، فتعالوا نحمي حق العودة من الشطب ، لاننا نواجه عدوا صهيونيا عنصريا احتلاليا ، يصادر الاراضي الفلسطينية ويقيم عليها مستوطناته العنصرية ، ويعزل الشعب الفلسطيني عبر جدارن الفصل العنصري ، ويقيم الحواجز ويمارس الارهاب بارتكابه المجازر ، ولا يجوز مكافأته بتبادل الاراضي ولا بحل الدولتين ، ويجب ان نحشد الرأي العام العالمي والتضامن العربي لمواجهة الاحتلال ومشاريعه وان ننتصر لقضايا الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة .

وقد شكلت جبهة التحرير الفلسطينية بمواقفها وكفاحها ، رافداً ثوريا لقوى وفعاليات شعبنا ، ومدافعا عنيدا عن قضايا شعبنا ، الوطنية والاجتماعية ، كما حرصت جبهة التحرير دوما على تعزيزَ صمودُ شعبنا وتوفيرُ مقوماتُ مواجهته للعدوان الإسرائيلي، ودفاعهُا عن ثوابتهه الوطنية، انطلاقاً من إدراكها التام بأن الوحدة الوطنية هي السياج الذي يكفل لشعبنا انتصاره .
وفي ظل هذه الظروف لا بد من التاأكيد بأن جبهة التحرير الفلسطينية قد اكدت ان العمق العربي هو الحاضن للقضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني، وان الرهان على المقاومة بكافة اشكالها هو حق مشروع لكل الشعوب التي تتطلع إلى الحرية والاستقلال, وقد علمتنا التجارب على مدى التاريخ أن المقاومة الوطنية وكفاحها المشروع لابد أن يحقق أهدافها في إنهاء الاحتلال. ومن هنا يجب أن نبحث في وسائل تطوير المقاومة الشعبية ووضع استراتيجية جديدة لها، وتحديد المهام الملحة للمرحلة القادمة.

ان الانقسامات والتجاذبات السياسية الإقليمية والدولية التي تشهدها الساحة الفلسطينية اليوم, والتي لاتتناسب مع التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا, ومع القيم الأخلاقية والمعنوية التي رسختها تلك التضحيات, من صمود وثبات وإرادة مناضلة, تتطلب من الجميع العمل على استعادة الوحدة الوطنية , والعمل على تجاوز كل الإشكاليات التي ترسخ الانقسام في الساحة الفلسطينية, ذلك من خلال العودة إلى الثوابت الوطنية والقومية , وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتضم كل القوى الوطنية والإسلامية , مع الاخذ بعين الأعتبار كل التطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة .

ومن هذا المنطلق كانت وجهة نظر جبهة التحرير الفلسطينية ثابته حول ما يجرى في العالم العربي حيث اعتبارته حالة نهوض ثوري، وبغض النظر عن محاولات البعض تحويل الربيع العربي الى ربيع دامي، فكان الموقف واضح من رفضنا للتدخل الخارجي، اضافة الى ملاحظاتنا على غياب القوى القومية والديموقراطية وفعلها في الثورات العربية، والذي سمح للقوى الإسلامية أن تسيطر عبر العملية الديموقراطية او عبر الاموال الخارجية، وهذا يتطلب من السلطات التي وصلت الى السلطة أن تحافظ على شعار الحرية لشعبها، وبالتالي على الشعوب العربية استمرار الضغط باتجاه شعاراتها المتمثلة بالحرية والعدالة الاجتماعية. ومن اجل بلورة مشاريعها، وحتى تبقى فلسطين هي الاساس في بوصلة نضالها.
وامام ذلك نؤكد ان المنطقة تمر بمرحلة انتقالية وهذا يتطلب من جميع القوى أن تنحاز لحقوق الشعوب ومطالبها في وجه المشاريع الخارجية وبشكلٍ خاص الأميركي الذي يريد إعادة تكوين المنطقة على قاعدة مصالحه ومصالح إسرائيل.

ختاما : لا بد من القول ستبقى جبهة التحرير الفلسطينية تاجاً على رؤوسنا ، و سيبقى لها فينا مكانة ، وفي قلوبنا متسع كبير من المساحة ، نعتز بها ، بتاريخها وموقعها النضالي ، بإرثها ومكانتها التاريخية ، بدورها في تعزيز الوحدة الوطنية ، بمسيرتها وتجاربها خلف قضبان سجون الإحتلال من خلال اسراها الابطال وفي مقدمتهم عميد الاسرى المناضل القائد محمد التاج ورفاقه ، ستبقى كما عاهدها شعبنا بماضيها البعيد والقريب ، وبحاضرها ، فصيلا مناضلا ومكافحا بقيادة امينها العام الدكتور واصل ابو يوسف ، وفية لدماء الشهداء ومعاناة وآمال الأسرى ، وأن تساهم مع باقي الفصائل الوطنية في الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها ، وفي صون المشروع الوطني الفلسطيني ، واستمرارية النضال حتى تحقيق أهداف شعبنا الكاملة والمشروعة في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين الى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها وفق القرار الاممي 194.
عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت