واستبشر الفلسطينيون خيراً للخروج من أوضاعهم المأزومة, ولتوحيد صفوفهم, وإعادة اللحمة إلى أبناء الشعب الواحد لنتفاجا فيما بعد أن المبادرة القطرية كان شانها شان المبادرات التي سبقتها لم تترجم عمليا على ارض الواقع, بل ازداد التراشق الاعلامى, والتخوين والتكذيب, والتصريحات النارية, والاتهامات بين الطرفين ليتأكد الشعب الفلسطيني بأنه لايوجد شئ اسمه مصالحة ووفاق بين الأخوة الأعداء, وان هذه الاتفاقية لم تصب في خدمة الشعب الفلسطيني ووحدته وأمنه واستقراره بما يلبي متطلبات واستحقاقات المرحلة, وتجاوز التحديات والأخطار التي تواجهنا, وستنهي على قضيتنا ومشروعنا الوطني في ظل الانقسام والتشرذم كما هو متوقع.
لقد كان الجميع ينتظر الانتقال إلى المرحلة الثانية من بنود آلية تنفيذ المبادرة لحل الأزمة الفلسطينية بكل تراكماتها وصعوباتها وتعقيداتها, وبما يمكن شعب فلسطين من اجتياز المشاكل, وانجاز مشروعه الوطني, والعبور إلى المستقبل والدولة المستقلة, وإنهاء معاناة الشعب من خلال إنجاز بنود الاتفاقية التي كانت تحمل ملامح آفاق بناء ووحدة فلسطين والخروج من أزمتها, إلاَّ أن هناك محاولات كانت تهدف دائما إلى عرقلة تنفيذ الاتفاق ,وإعادتنا للمربع الأول من خلال إعاقة جهود المصالحة, وعدم تشكيل حكومة الوفاق الوطني خاصة وإنها ستعمل على تصحيح كافة الأوضاع, لا سيما في الجوانب الخدماتية التي يعانى منها الشعب الفلسطيني وخاصة سكان غزة.
إن هذه العرقلة كانت مصحوبة ومازالت بمماحكات سياسية عبر عنها الخطاب الإعلامي المشحون بلهجة تصعيديه، لا يخدم الاتجاهات الوحدوية التي يتوجب أن يسير بها الفلسطينيين, وكانت من اجل خلط الأوراق, وإرباك صانع القرار والساحة السياسية, وعدم تحقيق الغايات والأهداف والمصالحة التي وقعت على أساسها المبادرة القطرية, والتي كان ينظر إليها شعبنا وجميع محبيه بأنها الخلاص للخروج السلمي من أزمة ستقضى على القضية الفلسطينية ومصالح شعبها ومشروعهم الوطني .
في هذا السياق, وبعد أن برزت عودة الأزمة من جديد وبأشكال مختلفة وخطيرة, تعرقل توحيد شطري الوطن الممزق وأمنه واستقراره وفوق كل هذا قضيتنا الوطنية, الجميع مدعوا إلى تحكيم العقل, والعمل بروح المسؤولية, والحرص على تنفيذ إنجاز المبادرة القطرية واتفاقيات القاهرة, إذ أن المطلوب الآن هو التهدئة, وبذل الجهود من قبل جميع الفرقاء, والقوى الوطنية والشخصيات الفلسطينية وكافة الأصدقاء, العمل على توفير الأجواء والمناخات السياسية والديمقراطية والأمنية الملائمة للسير إلى الأمام بعيداً عن حسابات المصلحة الحزبية،والثأر, والمماحكات السياسية, لأن المسألة تتعلق بمصير وطن وشعب أنهكه الصراع والانقسام والفساد, وغياب دولة النظام والقانون, والمواطنة والمساواة, والعدالة الاجتماعية، وعلى الأطراف السياسية أن تترك أحقاد وضغائن الماضي، وتتطلع إلى المستقبل من موقع الفهم والإدراك بأن المصلحة الحقيقية لها ولفلسطين وأبنائها هي العمل بروح الفريق الواحد, انطلاقاً من إدراك خطورة المرحلة التي لا يمكن لأحد أن يتحمل أوزار نتائجها أمام الله والشعب والتاريخ، وعلى أبناء الشعب التصدي وبحزم إلى كل من يسعى إلى تخريب وتدمير وتقسيم الوطن, من خلال الاصطفاف والتلاحم, ونبذ ثقافة الحقد والكراهية, والالتفاف حول القضية الوطنية والمشروع الوطني, ففي هذا خير لفلسطين وأجيالها القادمة. لقد نجح الفلسطينيون دائما في الماضي من التغلب على أزماتهم, ولا خيار أمامهم إلاَّ المضي قدماً وبذات الروح نحو ترجمة المبادرة القطرية واتفاقيات القاهرة على ارض الواقع, لننتقل إلى مرحلة تأسيس الدولة الفلسطينية مجسَّدة لكل أمال وطموحات الفلسطينيين, وسيكون ذلك إنجازاً تاريخيا للمشاركين, وستسجل أسمائهم في صفحات التاريخ والذاكرة الوطنية بأحرف من نور، وهذا الهدف لايسعى إليه إلاَّ القلائل من القادة العظام صناع التاريخ .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت