هل الوضع الفلسطيني مستعد لمواجهة تحديات معركة الأسرى ؟

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي


السؤال الذي بدأ يطرح نفسه بقوة هذه الأيام ماذا سيحدث في اليوم التالي لسقوط أول أسير شهيدا في معركة الأسرى البطولية في مواجهة سجانيهم ؟ معركة الأسرى متواصلة وتزداد شراسة وعنادا وإصرارا من قبل الأسرى بأنهم لن يتراجعوا عن إضرابهم المفتوح عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم العادلة والإنسانية ورفض الممارسات الإسرائيلية بحقهم ولإعادة الاعتبار لقضيتهم وإيصال صوتهم الى كل المحافل الدولية بعد أن شابها الكثير من الفتور ، وبعد أن ضربها الانقسام الفلسطيني في ظهرها ، وبعد أن تبخرت كل الوعود الصادرة من كل الجهات بإيلاء قضية الأسرى المكانة التي يجب أن تحظى بها على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، أخيرا قرر الأسرى أخذ زمام المبادرة بأنفسهم لقيادة التحرك ودفع الجميع لتحمل مسئوليته تجاههم دفعا وفرض مطالبهم على الجميع والتأكيد على قدرتهم وهم داخل السجون على تحريك الشارع الفلسطيني أكثر بكثير من القيادات المقيمة خارج السجون والتي تدعي أنها تقود فصائل كبيرة قادرة على تحريك الشارع ، هؤلاء الأسرى قرروا أن يعلنوا لسجانيهم أنهم لن يرفعوا الراية البيضاء ولن يستسلموا للواقع الذي يريده الاحتلال لهم ولا يمكن لسياسة الاحتلال أن تعزلهم عن شعبهم أو تضع قيودا على دورهم في صياغة المشروع الوطني وقيادته وأن يكون لهم مكانهم المباشر في كل مراحل النضال الفلسطيني .
أمام هذا الإصرار الكبير لأسرانا الأبطال وأمام العناد الإسرائيلي والمماطلة في الاستجابة لمطالبهم وضرب الكيان الإسرائيلي لكافة القوانين الإنسانية عرض الحائط ، ومع تقدم الوقت سيدخل المعتقلون في المرحلة الحرجة وقد يحدث ما لا يتمناه أي عاقل وهو استشهاد بعض الأسرى خاصة وأن بعضهم قد تم نقله الى المستشفيات ما هي السيناريوهات المتوقعة لردة الفعل الفلسطيني وكذلك رد الفعل الإسرائيلي على أي رد فعل فلسطيني ؟ هل نحن أمام معركة ومواجهة جديدة ومباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي والى أي مدى ستصل هذه المواجهات ؟ وهل لدى الطرف الفلسطيني بكافة اتجاهاته الفكرية والسياسية رؤية واضحة ومتفق عليها حول شكل وطبيعة هذه المواجهة ؟ وهل يملك الطرف الفلسطيني القدرة على قيادة هذه المعركة من كافةجوانبها ؟ الجواب يحتاج الى دراسة الواقع بكل موضوعية دون الخوض في الجانب العاطفي للقضية وبدون الذهاب الى ردات فعل غير مدروسة قد تقود شعبنا الى المزيد من المعاناة الصعبة فوق معاناته الموجودة أصلا .
لقد بدأت معركة الأسرى في توقيت صعب للغاية بالنسبة للوضع الفلسطيني بشكل عام ، كان الأولى أن تكون معركة الأسرى حافزا للخروج السريع من مربع الانقسام حتى لا نكون سببا في كسر معنويات أسرانا بل نجعل من معركتهم عنوانا جماهيريا شاملا ودافعا لتحقيق التوافق الوطني في قلب هذه المعركة وفي هذه الحالة يكون الأسرى قد نجحوا في تحقيق هدف أسمى من وأرفع من مطالبهم الذاتية وسيعطيهم القوة الإضافية في المواجهة عندما يستشعرون أن معركتهم كانت سببا مباشرا ودافعا لتحقيق الانسجام والتوافق الوطني ولكن إذا خضنا المعركة ونحن لازلنا على خلافاتنا والأخطر أن يؤثر الانقسام على قوة فعالياتنا بحق أسرانا أن يتخلى البعض عن الدفع بكل قوته الى الشارع الفلسطيني لحسابات تنظيمية لها علاقة بالانقسام ، أو تحدث ممارسات تسمم وتشوه كل الفعاليات الشعبية في مناصرة الأسرى لأي سبب من الأسباب ، ولعله لا يخفى على أحد أن شرائح كثيرة من المجتمع أصابها الإحباط النفسي من ممارسة دورها في التضامن مع الأسرى نتيجة استمرار الانقسام الفلسطيني لإدراكها أنه لا يمكن الاستمرار في هذه المواجهة مع استمرار هذا الانقسام البغيض .
هل سيكون التصعيد تدريجيا ومتزامنا مع تطورات قضية الأسرى ؟ هل ستتجه بعض الفصائل للتصعيد العسكري بشكل منفرد تحت الشعار " القتل لا يولد سوى القتل " وأن الكيان الإسرائيلي يتحمل وحده نتيجة ما ستؤول إليه الأحداث في حالة استمر بتجاهل مطالب الأسرى الإنسانية .
هل يمكن استدراك حالنا ولو بشكل متأخر ؟ وهل آن الأوان أن يدرك الجميع أنه لا يمكن خوض أي مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي طالما سيف الانقسام مشرع في وجوهنا . " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " ، وله يمكن الارتفاع بمستوى مواجهتنا مع الاحتلال من المنطلق الحزبي الضيق الى المنطلق الوطني العام الشامل ؟ وهذه الثقافة هي السلاح البديهي لتحقيق الانتصار المادي على أرض المعركة والانتصار المعنوي في نفوس المقاتلين .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت