نتمسك بخيمة الإضراب لأنها توظف الخلاف لأجل الوحدة ..

بقلم: نشأت الوحيدي


أصبحت وأمست خيمة الإضراب المفتوح عن الطعام في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة أشبه بمزار للحشود من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حيث تتعانق وتتصافح الأيادي والرايات تحت مظلة العلم الفلسطيني والذي يبدو دائما وكأنه جديد الولادة ولم تمسه يد الإنقسام البغيض .

تمر الحشود ومن مختلف ألوان الطيف الوطني والإسلامي تحت عباءة خيمة الإضراب المفتوح عن الطعام والتي أقامتها لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية دعما وإسنادا للأسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال الإسرائيلي وتحتضن في قلبها كل مكونات المجتمع الفلسطيني ولا تفرق بين هذا وذاك حيث يمر الجميع بجانب الجميع مع ذكر السلام وتبادل وجهات النظر لتطوير فعاليات الخيمة .

تجول النخبة من لجنة إدارة الخيمة وقيادة الإضراب في الخيمة إلى جانب لجنة إعلام الخيمة ولجنة الخدمات حيث السلسلة البشرية النخبوية التي تعمل منذ ساعات الصباح حتى منتصف الليل دون شكوى أو عناء من أجل تقديم الخدمات بمختلف أشكالها وألوانها للمضربين عن الطعام والذين هم بأنفسهم أيضا لا يكلون من القيام بما يجدونه واجبا وطنيا وأخلاقيا من أجل الوصول للحالة الفلسطينية الأفضل والوجه الأجمل للتضامن مع الأسرى وإسنادهم في برنامجهم النضالي ضد السياسات العنصرية الإسرائيلية .

كأن الجميع لم ير الجميع منذ سنين طوال بالرغم من تواجد الجميع يوميا في حقل العمل التضامني مع الأسرى وكأن روح الإنقسام قد زهقت في ظل شموخ الراية والعلم الفلسطيني الكبير الذي ولدت من رحمه كل الرايات الحزبية .

إن خيمة الإضراب المفتوح عن الطعام في ساحة الجندي المجهول بغزة بلونها ورائحتها ومكوناتها الفصائلية والمؤسساتية المختلفة وكأنها تشق غبار الزمن وتزحف نحو فجر جديد يبدو وكأنه يلوح في الأفق ويحمل هدية لأمهات الأسرى المعذبات المحرومات من زيارة أبنائهن لأكثر من 5 سنوات وكأنهن 5 دهور .

وفود ومسيرات جماهيرية حاشدة وفئات من كافة شرائح الشعب الفلسطيني تزور الخيمة تعبيرا وتأكيدا على الوفاء للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب ومما يلفت الناظر للصور داخل الخيمة مشهد جميل لصورتين كبيرتين إحداهما للقائد الأسير مروان البرغوثي والأخرى للقائد الأسير حسن سلامة حيث قامت حركة حماس بعمل صورة جدارية للقائد الأسير مروان البرغوثي وبدورها حركة فتح قامت بعمل جدارية أخرى للقائد الأسير حسن سلامة وبكل بساطة أقول بأنها طبيعة الشعب الفلسطيني الذي يتسامى دائما فوق الجراح ويوظف الخلاف والإختلاف لصنع وحدة وطنية تقهر الإحتلال الإسرائيلي وأن الأم الفلسطينية هي واحدة وإن اختلف الأبناء في انتماءاتهم وتوجهاتهم الوطنية والسياسية فتبقى اللغة واحدة وإن تعددت اللهجات والأرض واحدة والهوية واحدة كما هو لون الأرض .

لقد أضرب الجميع من أعضاء لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة ومن الأسرى المحررين وأهالي الأسرى والمتطوعين والمتضامنين ومن قيادات العمل الوطني والإسلامي دعما وإسنادا ووفاء للأسرى الذين يخوضون معركة الحرية والكرامة على طريق كسر وقهر السياسات والقرارات والقوانين العنصرية الإسرائيلية وعلى رأسها قانون القتل الإسرائيلي شاليط الذي يهدف لتضييق وتشديد الخناق على الأسرى وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية التي كفلتها كافة المواثيق والأعراف والإتفاقيات الدولية والإنسانية .

وإن الأخوات والرفيقات في الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية قد أضربن أول أمس السبت 5 / آيار 2012م وليوم واحد في خيمة الإضراب المفتوح عن الطعام تضامنا وإسنادا للأسرى الذين يقفون في الخندق الأول دفاعا عن الحقوق الفلسطينية وعن كرامة الأمتين العربية والإسلامية وعن حقوق الإنسان في العالم حيث وجهن صرخة للأمهات في العالم بأن فرحة الأمهات في العالم أبدا لن تكتمل ما دامت الدمعة في عين الأم الفلسطينية المحرومة من وليدها وفلذة كبدها بسبب الأسر الإسرائيلي .

تيسير البرديني وعبد الهادي غنيم وتوفيق أبو نعيم ومحمود الزق وسامر أبو سير وصلاح أبو ركبة وأسعد صلاح وله ولدين في الأسر ونضال الصرفيتي وبشار الدغمة وأحمد شهوان وعدنان الفقعاوي و" محمد جرادة وعبد العزيز أبو عمرة وياسر مزهر وجمال فروانة وهم أعضاء في لجنة الأسرى " وروحي مشتهى كلهم أسرى محررون وذاقوا ويلات الأسر وعذاباته ومنهم من أفنى زهرات شبابه في سجون وزنازين العزل الإسرائيلي .

الأسير المحرر عبد الهادي غنيم " أبو ثائر " الذي اعتقل حينما كان عمر ابنه الوحيد ثائر يوما واحدا وأفرج عنه في صفقة التبادل الأخيرة كان يقف بين أسرة المضربين عن الطعام وقريبا من سريره فناداه أحد الأخوة من بعيد فما كان منه إلا أن أجاب زميله بأنني لن أبتعد عن برشي وهي الكلمة المعروفة والمتداولة عن السرير في السجن ...

قلت له ألم تنسى يا أبا ثائر كلمة البرش بعد ... فقال إن نسيتها الآن فكأنني أنسى إخواني ورفاقي الأسرى الذين تركتهم خلفي ومعاناتهم .... إنهم الأسرى وأصحاب البيان الأول والجرح الأول والمعركة الأولى والإضراب الأول ووثيقة الوحدة الوطنية الأولى إنهم الوفاق والإتفاق والإجماع الوطني الوحدوي .
إنهم أسرى الحرب والحرية وهم الذين تشع نورا وحبر صمودهم يبعث فينا الأمل والحياة .
إنهم الذين يسطرون الذين سطرتم بصمودهم وبزهرات شبابهم أروع الملاحم في الإبداع والتميز والصمود والتحدي .
هم الأسماء والأرقام الصعبة وشركاء الدم والقرار.
هم الأسماء والكلمات والمعاني .. أنتم الصبر والإرادة .
أنتم الذين يحط الحمام على نوافذ شمسهم وحريتهم ويهديهم سلاما .
إنهم الشهداء الأحياء مع وقف التنفيذ في سجون الإحتلال الإسرائيلي.
إن ماتت الأغصان فإنهم البذور والجذور والمستقبل الذي لا يموت .
إنهم أبطال المعركة في الدفاع عن كرامة الأمتين العربية والإسلامية وحقوق الإنسان في العالم .
هم الذين يضيئون لنا عتمات الطريق نحو الحرية والدولة والقدس والسيادة والإستقلال .
هم المحرومون من الزيارة ومن الحرية ومن الهواء والماء ومن التعليم ومن الحياة ومن شذى النرجس في عيون أطفالهم وأمهاتهم وآبائهم ومن أبسط الحقوق الإنسانية .
هم الذين يؤمنون بجلد الذات ولكن بعيدا عن التجاذبات والإستقطابات والشعارات والقصائد المخملية.
إنهم هم الذين يحملون على أكتافهم ظلم المؤبدات والحرمان والسجان .
وهم الذين قهروا السجان والقوانين والقرارات العنصرية الإسرائيلية .
إنهم الحقيقة في المحاكم الإسرائيلية الصورية الغير إنسانية والغير قانونية والغير شرعية .
إنهم الربيع الفلسطيني وأدب المقاومة .
هم الذين يرسمون لنا ملامح الحرية والعودة والشموخ والكبرياء.
إنهم اللوحة الأجمل في حياتنا وهم رسالة حقوق الإنسان

أضرب الجميع في الخيمة وليس فقط عن الطعام وإنما عن الكلام الغير مباح وعن الخلاف والإختلاف وعن الإنقسام وعن كل السوس الذي ينخر في الجسد الفلسطيني الواحد على طريق مواجهة السجان والإحتلال الإسرائيلي وإلزامه باحترام إرادة الأسرى خاصة وإرادة الشعب الفلسطيني عامة .

إن من أجمل الصور في فعاليات خيمة الإضراب المفتوح عن الطعام هو مشاركة طيور الجنة من أطفال غزة الأيتام والمحرومين من زيارة واحتضان آبائهم الأسرى حيث يأتي الأطفال يوميا لينشدون كلمات الحرية والمستقبل الأفضل لهم ولشعبهم وها هي اليوم روح الطفلة وسنبلة فلسطين الشهيدة " إيمان محمد حجو تعانق ألوان العلم الفلسطيني في سماء الخيمة الوحدوية وكأنها تقول للأطفال الذين ينشدون الحرية ويتطلعون نحو حلم وعرس فلسطيني كبير خال من الإعتقال على يد مجرمي الحرب الإسرائيليين وخال من زنازين العزل والعزل الإنفرادي وخال من قوانين المنع والحرمان الإسرائيلية ومن قرارات الإبعاد والإجحاف بحق أبناء الشعب الفلسطيني كانوا شبابا أو شيوخا أو نساء أو أطفالا " .

إنها روح الطفلة الشهيدة إيمان حجو والتي اخترقت جسدها الغض قذيفة إسرائيلية حاقدة في 7 آيار 2001م تناديكم وتشد على أياديكم وتقول أفديكم فهل هناك من يسمع النداء ......... وحدة يا شعب ...... وحدة يا شعب

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت