غزة – وكالة قدس نت للأنباء
تتعالى أصوات فلسطينية من حين لآخر حول اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995, فبعضها تطالب بتعديل الاتفاقية, فيما تدعو أصوات أخرى لإلغائها, وكان آخرها تصريحات على لسان وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني المستقيل حسن أبو لبدة , الذي قال إن "هناك ألف سبب لإلغاء هذه الاتفاقية".
اتفاقية باريس الاقتصادية أو ما تعرف بـ"البروتوكول الاقتصادي "والتي تهدف لتنظيم العلاقة الاقتصادية ما بين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي تتضمن جميع الجوانب, من الصناعة والزراعة والسياحة والعقارات الضريبية وقطاع البنوك والتأمينات وإجراءات الاستيراد والتصدير وغيرها..
ويقول الخبير الفلسطيني بالشؤون الاقتصادية د.عمر شعبان إن "هناك وجهتين نظر في هذا الموضوع، الأولى ترى أن هذه الاتفاقية نظمت العلاقة الاقتصادية بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب الإسرائيلي, بمعنى بدل أن تصبح علاقة غير شرعية أصبحت في إطار شرعي, أي بين كيانين معترف بهما دولياً, وبذلك يعد هذا إعتراف ضمني دولي وإسرائيلي بوجود دولة فلسطينية".
أما وجهة النظر الأخرى التي يراها المحلل شعبان فتقول إن"هذه الاتفاقية عملت على الربط الكامل للاقتصاد الفلسطيني بالجانب الإسرائيلي، الأمر الذي وضع الاقتصاد الفلسطيني موضع التبعية والانكشاف للجانب الإسرائيلي, فلم تتغير هذه العلاقة التي كانت سائدة مع أيام الاحتلال قبل مجيء السلطة الفلسطينية، وبقيت العلاقة الاقتصادية كما هي في محتواها, وبذلك تكون هذه الاتفاقية شرعنة التبعية والخضوع للجانب الإسرائيلي ووضعته بشكل قانوني".
ويضيف"هذه الاتفاقية لم تعطي الجانب الفلسطيني شيء, وقيدت عملية الاستيراد والتصدير الفلسطيني وجعلتها تتم من خلال الطرف الإسرائيلي, وبذلك لم تعطي الاتفاقية حرية للجانب الفلسطيني بالتعامل المباشر مع العالم الخارجي, ناهيك عن أنها ربطت جميع القطاعات الاقتصادية بالطرف الإسرائيلي, وأجبرت السلطة الفلسطينية على التعامل بعملة الشيكل" .
كما أن الاتفاقية عملت على تأسيس نظام اقتصادي فلسطيني قائم على شراكة مع الشركات الإسرائيلية, فأصبح أسير لأهواء هذه الشركات وللسياسة الإسرائيلية، وخير دليل على ذلك كما يقول شعبان" الأزمات التي تعصف بالشعب الفلسطيني وأبرزها أزمة الوقود والكهرباء والغاز والبضائع التي تتضمن المواد الغذائية وغيرها الكثير التي تمنعها إسرائيل من الدخول عبر المعابر المسيطرة عليها".
ويبدي الخبير بالشؤون الاقتصادية شعبان إستغرابه من حديث وزير الاقتصاد الفلسطيني المستقيل مؤخرا أبو لبدة, ودعوته لإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية في حين كان يقوم بتنفيذ هذه الاتفاقية وهو في مكانه الوظيفي, دون أن يتحدث أو أن ينتقد هذه الاتفاقية المجحفة بحق الجانب الفلسطيني وقال إن "ما دفع أبو لبدة لقول ذلك هو تُهم الفساد التي وجهت إليه".
وكان وزير الاقتصاد الوطني السابق حسن أبو لبدة قد كشف بأن فلسطين تحتل المرتبة 135 في العالم على مقياس أداء الأعمال، مضيفاً "ويعتبر ذلك مؤشراً خطيراً على التحديات التي تواجه المستثمرين في بلدنا".
وأشار أبو لبدة إلى أن إسرائيل "مسخت" اتفاقية باريس الاقتصادية التي تنظم العلاقة الاقتصادية بين السلطة وإسرائيل، منوهاً إلى أن هناك ألف سبب وسبب فلسطيني لإلغاء تلك الاتفاقية.
ويوضح الخبير شعبان أن "إلغاء الاتفاقية يجب أن يستند لموقف سياسي, فإلغاء اتفاقية باريس يجب أن يتم ضمن منظومة متكاملة سياسية واقتصادية، ويبين أن إسرائيل اخترقت اتفاقية باريس الاقتصادية حين لم تنفذ اتفاق أوسلو السياسي, ولم تطبق قضايا الحل النهائي الحدود والمعابر والمياه واللاجئين".
ويشير إلى أن هناك رابط بين الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية واتفاقية باريس الاقتصادية, موضحاً بأن هذه الاتفاقية "كبحت وقزمت" الاقتصاد الوطني الفلسطيني, وجعلت الفلسطينيين ليسوا قادرين على صناعة اقتصاد كامل وقوي, فالعملية تراكمية ولا يمكن الفصل بين الأمرين.
وختم بأن المطلوب فلسطينياً, هو تطبيق المصالحة الفلسطينية أولاً, وتوحيد الموقف السياسي الفلسطيني ثانياً, والدخول في مفاوضات تعيد النظر في كل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية لبناء وطن قوي.
يشار إلى أن اتفاقية باريس لم يتم تعديلها منذ توقيعها قبل سبعة عشر عاما، وترفض إسرائيل دعوات الجانب الفلسطيني المتكررة لعقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة والمشكلّة بموجب الاتفاقية.