منذ أنّ بدأت حركة الشعوب العربية المتمردة والثائرة على أنظمتها تتخذ مسمى الربيع والجميع يسأل ويتساءل عن الربيع الفلسطيني، خاصة وأنّ القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني أصحاب الريادة في صناعة الثورات بأشكالها وألوانها ومسمياتها، وأنّ التاريخ مزدان ببطولة وإرادة هذا الشعب الذي لا يَكل ولا يَمل منذ أنّ بدأ المشروع الصهيوني ينسج خيوطه العنكبوتية حول فلسطين. وهو ما أعطى هذه التساؤلات مشروعية لدى المواطن والوعي العربي، والعالمي باستذكار الدور الفلسطيني خاصة في ظل الظروف التي تُلقي بظلالها حول القضية الفلسطينية التي تعاني من استيطان في الضفة الغربية، وتهويد في القدس، وحصار في غزة، وانقسام ملعون جغرافيًا وسياسيًا ضرب البناء الوطني في عمقه التكتيكي والاستراتيجي، وأعاد القضية الفلسطينية للمربع الأول قبل عام 1964م انطلاق الثورة الفلسطينية الحديثة التي ضحت بكل شيء من أجل الشيء الوطني الأوحد ألّا وهو " فلسطين الوطن والقضية"، ورغم ذلك وحالة الإعياء التي عليها الشعب الفلسطيني الذي تكالبت عليه المؤامرات التصفويه لمشروعه النضالي،
إلَّا أنه لم يشطب من ذاكرته دوره ومركزه الطليعي النضالي ليس في المنطقة العربية فحسب، بل والعالمية كذلك وكعادته في تقديم النماذج النضالية – الكفاحية المميزة وغير التقليدية، كانت البدايات لربيع نضالي صادق، ووطني خالص، ودرس وعبرة لكل الشعوب التي تحاول الثورة دون أن تلقي بنفسها في مستنقعات الاستهلاك الاستعماري، فكان الموعد والزمان في هبة الربيع الفلسطيني وشرارته من العمق الوجداني الوطني، وضمائر القضية أسرى الثورة الفلسطينية وإضرابهم البطولي الذي بدأ منذ (21) يومًا عن الطعام ما هو إلَّا تشكيل لملامح الصناعة النضالية التي بدأت شرارتها في إشعال لهب الربيع الفلسطيني ليس ضد الاحتلال والسجان فقط بل وسيأخذ الشكل الثوري الوطني الشعبي ضد كل أدوات القهر الوطنية، وضد كل أشكال المساومة والتسويف بحق ومصير شعبنا والمحاولات الانقسامية التي استفردت بقضيتنا الوطنية، وكذلك محاولات الإذابة في الملعب الإقليمي والصراع التنافسي الدولي حول مناطق النفوذ والثروات.
إذن فالتساؤلات عن الربيع الفلسطيني التي لم تجد إجابات عنها في السابق قد بدأت تتمحور إجاباتها من عمق الضمير الفلسطيني( الأسرى) والتي لم ينتهي ربيعهم عند نقطة محددة سلفًا، بل سيأخذ زمام قيادة الوعي الوطني الشعبي الفلسطيني صوب الثورة، وإعادة صناعة نضاله وشكل ثورته، وربيعه برغم كل المحاولات لشق صفوف الحركة الأسيرة الفلسطينية، وضرب وحدتها وصلابتها وتماسكها للنيل من إرادتها.
إنّ ثورة الأمعاء الخاوية التي يقودها اسرانا الأبطال قد انطلقت فعليًا نحو ربيع فلسطيني بنمطية مميزة تُذهل العالم بأسره كعادة الشعب الفلسطيني.
سامي الأخرس
7 مايو 2012م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت