ابو احمد حلب شكل نموذج للقائد الملتزم بقضايا شعبه

بقلم: عباس الجمعة


الحديث عن الشهيد القائد الامين العام السابق لجبهة التحرير الفلسطينية عمر شبلي " ابو احمد حلب " هو قبل كل شيء يستند الى الصدق والإخلاص والتضحية، وقد تشّرب (أبو احمد) كل هذه المفاهيم، مطبقاً إياها في مسيرته النضالية.
حين نذكر القادة العظام عبر تاريخ فلسطين؛ يبرز اسم عمر شبلي " ابو احمد حلب "، وحين يجري الحديث عن أهمية ربط النظرية بالـممارسة الكفاحية؛ يذكر تواضع القائد المؤسس الشهيد ابو العباس رفيق درب ابو احمد، وحين نفتقد شهداء فلسطين القادة العظام الامناء العامين لجبهة التحرير الفلسطينية طلعت يعقوب وابو العباس وابو احمد حلب .
ففي الشهادة تكمن أعمق الـمعاني. وإذا كانت الحياة بحلوها ومرها تستحق أن تعاش حتى الرمق الأخير، لأنها تأتي مرة واحدة وتذهب للأبد، فهذا يضفي عميق الـمعاني والدلالات على التضحية والشهادة، ويكسب الشهداء والذين يقدمون أرواحهم قرباناً للوطن كل القدسية والاحترام.
شكلت المقاومة هاجساً رئيساً لدى "ابو احمد حلب" والتمسك بكافة أشكال النضال، في مواجهة العدو الصهيوني وبربط القضية الفلسطينية ببعديها الوطني القومي .
عمل "ابو احمد حلب" مع الجماهير ومن أجلها، مؤمناً بدورها كصانعة لتاريخها ، مؤكدا إن الجماهير الـمنظمة والـمعبأة هي وحدها صانعة التاريخ، وهي الأساس في معركة التحرير،وعلينا أن نستند إلى قوة الشعب وطاقاته الكفاحية، وطريقنا إلى ذلك، تبدأ بالـموقف الوطني الحازم، بتعبئة طاقات الشعب، والحفاظ على مكتسبات ثورته ومنظمته، وبشكل خاص في الحفاظ على وحدته الصلبة والراسخة.
تهزنا كلـمات ابو احمد حلب الصادقة، التي ما زالت صالحة حتى اليوم، وتدعونا إلى مراجعة تجربة الثورة الفلسطينية، وتقييمها سلباً وإيجاباً، استجابة لنضال شعبنا الطويل وتضحياته، وإخلاصاً لقادة ملكوا الرؤية الوطنية والنفس الكفاحي الطويل.
أبا احمد، نحن في أمس الحاجة لدعوتكَ إلى الوحدة الوطنية، في هذه الفترة السياسية الـمظلـمة من تاريخنا، وبدعوتكَ إلى بلورة خط سياسي واضح ورسم استراتيجية وطنية تستند لحقوق الشعب الفلسطيني الـمشروعة غير القابلة للتصرف، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
وإذا كان الإنسان هو مجموع صفاته، فيمكن القول عن الشهيد القائد أبو ابو احمد حلب أنه تحلى بالصفات، التي يمكن من خلالها الحكم على مصداقية انتماء والتزام أي عضو في جبهة التحرير الفلسطينية ، وهي صفات أخلاقية عالية، تتجلى في ممارسة قيم الصدق، البساطة والتواضع والتقشف والابتعاد عن الاستعراض، كما تميز أيضاً بالجرأة؛ المواجهة؛ الشجاعة المبدئية؛ والدفاع عن القناعات والمواقف، مستلهماً في كل ذلك سمات رفيقه القائد الشهيد ابو العباس ، بمثل استلهامه للسمات التي تجسد السلوك الوطني والقيم الأخلاقية للكادر الجبهاوي، التي ركزت وفق المنهج التربوي للجبهة والتمسك بمبادئ الجبهة السياسية والفكرية ، ومواقفها السياسية .
واليوم تتزامن الذكرى مع صمود وبطولة الحركة الاسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني عبر معركة الامعاء الخاوية لتشكل فجر جديد ومشرق في نضال شعبنا بمواجهة الاحتلال ، كما تتزامن مع الذكرى الرابعة والخمسون لنكبة فلسطين الاليمة التي لا تزال آثارها العميقة محفورة في الوجدان والتاريخ الفلسطيني المعاصر، حيث اقتلع الشعب الفلسطيني من أرض آبائه وأجداده ، ذكرى الجريمة البشعة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية والتي تمثلت في اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها في المنافي والشتات، ذكرى إقامة دولة العدو الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية.
ان هذه الذكرى الأليمة تتطلب منا اليوم مزيدا من العزم والإصرار على التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حقه في العودة إلى أرض وطنه التي شرد منها، وحقه في الاستقلال وتقرير المصير، وحقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
تمر الذكرى الخامسة لاستشهاد القائد الامين العام ابو احمد حلب في وقت يتصاعد فيه العدوان الهمجي لدولة العدو على الشعب الفلسطيني متخذاً أشكالا عنيفة ومتصاعدة، بهدف كسر إرادة شعبنا وفرض سيطرة الاحتلال عليه من خلال توسيع الاستيطان وبناء جدار الضم والعزل العنصري وتحويل أراضي الضفة إلى معازل، واستمرار محاولات عزل وتهويد القدس ، و استمرار فرض الحصار الظالم على قطاع غزة وعزله عن العالم الخارجي عبر إغلاق المعابر ، وتحويل القطاع إلى أكبر سجن في التاريخ، يهدد بحدوث كارثة إنسانية بشعة تطال حياة أكثر من مليون ونصف فلسطيني.
يجري كل ذلك بهدف تكريس الاحتلال وقطع الطريق على إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة ، هذا الاستحقاق الشرعي والقانوني الذي يتزايد إعتراف العالم به يوما بعد يوم ، تطبيقا لقرارات الشرعية الدولية، وتلبية لحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في الحرية وتقرير المصير وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على كافة الأراضي المحتلة عام 1967 وعودة اللاجئين طبقا للقرارالاممي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ورغم كل المحاولات المستميتة التي يبذلها الاحتلال لاغتيال حلم الشعب الفلسطيني بانتصار حقوقه مستغلاً بذلك حالة الإنقسام التي لا زالت قائمة، إلاّ أن الشعب الفلسطيني لا زال مصراً على إنهاء الإنقسام وإنهاء الإحتلال من خلال الفعاليات الجماهيرية المتواصلة في الوطن وفي بلدان اللجوء والشتات، ما يدعو الشعب الفلسطيني وكافة قواه وفصائله الوطنية الاستجابة لإرادة الشعب بإنهاء الإنقسام وتوحيد الصف الوطني لمجابهة المخططات الإسرائيلية التي ترمي إلى تصفية الحقوق الوطنية وتكريس الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة.
ختاما: في الذكرى الخامسة لاستشهاد القائد عمر شبلي "ابو احمد حلب" نستلهم من تجربته بوعي واحترام عميقين دروساً وعبراً، ونؤكد أيضاً على الرغم من كل مرارة اللحظة الراهنة، أن جبهة التحرير الفلسطينية، هذه الجبهة التي ترعرعت في أوساط الجماهير الشعبية وضمت في صفوفها الكثيرين من خيرة أبنائها وطلائعها، ستظل وفياً لمبادئه وتضحيات قادتها ومناضليها الشهداء ، وفي المقدمة منهم (ابو احمد حلب) ومؤسسها الشهيد ابو العباس وطلعت يعقوب وسعيد اليوسف وحفظي قاسم وابو العمرين وابو العز ومروان باكير وجهاد حمو وبرهان الايوبي وابو عيسى حجير وابو كفاح فهد وجهاد منصور، ستظل متمسكة بدورها النضالي وهويتها الفكرية ، حتى تحرير الارض والانسان .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت