لن نستعيد كرامتنا إلا بتحرر الأسير القائد البطل

بقلم: منذر ارشيد

بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أن وطيء العدو الصهيوني أرض فلسطين بدأت المعاناة الكارثية لشعبنا بداية باحتلال جزء
من أرض فلسطين التاريخية عام 1948 واكتملت باحتلال ما تبقى من أرض فلسطين في عام 1967 فذهبت الضفة والقدس واكتمل بذلك قهر ومعاناة الشعب الفلسطيني
ومن أهم وسائل القهر والتعذيب كان الأسر والاعتقال وحجز الحرية الشخصية التي هي أغلى ما يعشق الإنسان
فكان السجن المكان الأكثر قسوة للمواطن والمناضل الفلسطيني الذي رفض الذل والمهانة ,
أما الموت من خلال الكفاح والنضال فهو الخيار الأكثر مطلباً لدى الانسان المؤمن لأنه يعني الشهادة والحرية الأبدية بعد مغادرة الدنيا بما فيها من كذب ونفاق .

عشرات الالاف من أبناء فلسطين والعالم العربي والاسلامي وحتى من مؤيدي الحق الفلسطيني
في العالم كان لهم نصيب في معتقلات العدو الصهيوني , فرزحوا خلف القضبان لسنوات طويلة , فمنهم من قضى أكثر من نصف عمره في السجن ومنهم ما زال يرزح إلى اليوم
فكانت المعاناة شاملة لكل شعبنا ,لأنهم الأهل والعائلة (الأب الأم الأبناء الزوجة)

وعلى مدار نصف قرن من الزمن دخل وخرج الالاف من أبناء شعبنا , ولكن القائد البطل لم يخرج ولم يتم تحريره وما زال أسيراً
ربما يكون بطلنا هذا ليس له أهل بمعنى العائلة , ليس له أب ولا أم ولا أولاد يبكون عليه أو يفتقدونه في بيوتهم ولكن هناك الملايين ممن يحِنُون له وقلوبهم تهفوا إليه لأنه القائد البطل
كثيرون هم الأبطال الأسرى الذين قبعوا وما زالوا يقبعون خلف قضبان الأسر وكم من قائد فلسطيني ومنهم الشهداء الذين لم تتركهم إسرائيل لحريتهم بل لاحقتهم حتى قضت عليهم ولكنهم عند ربهم أحياء ..ً فهنيئاً لهم
قادة أبطال يترددون على الأسر فمنهم من خرج إلى الحرية ومنهم ينتظر, ولكنه قائدهم الكبير لا بل قائدنا جميعاً وقرة عيوننا الذي لا زال يقبع في الأسر ولا حرية لنا إلا بعد تحريره

هو الأسير البطل القائد العظيم الذي ليس قبله ولا بعده ولا أهم منه لدى ملايين الناس
وقد وقع أسيراً مكبلاً بين يدي أسوء وأجرم أعداء الله الذين عذبوه وأهانوه وحاولوا أن يقتلوه أكثر من مرة فحرقوه وحفروا تحته ليهدموه
هو النور والضياء والعزاء والإباء والكرامة التي بدونها لا تكتمل عقيدتنا
إنه الأسير البطل الشامخ الذي لم ينحني ولم يخنع ولم يركع إلا لله الذي جعل منه الاسطورة
هو الذي منه عرفنا أكثر الحقائق وتبين لنا من خلاله حقيقة الخلق والخالق
وقد تجلت فيه ومن خلاله أعظم صورة وآية لا بل ومعجزة , نعم هوالقائد البطل العظيم وقد شرفه رسول البشرية سيدنا محمد في رحلة الإسراء والمعراج فكان لنا شرف العيش فيه وفي أكنافه
فسبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير صدق الله العظيم
أما هؤلاء الأبطال الأسرى الذين خرج منهم الالاف ومنهم ما يزالون خلف القضبان ينتظرون الفرج من الله

فهؤلاء مهما تحدثنا ووصفنا معاناتهم فلن نعطيهم حقهم , فحقهم أكبر وأعظم من مقال أو بيان أو مؤتمر
خاصة هؤلاء الذين قاموا بالاضراب عن الطعام وضربوا أروع الأمثال للبطولة والكرامة الوطنية , وهؤلاء أيضا هم الوقود الذي يعيد وهج النضال الفلسطيني ويضغطون على المتخاذلين منا, ويحرجون المتناحرين والمتزاحمين على الكراسي الوهمية وقد فرقوا البلاد وشتتوا العباد أكثر مما فرقها وشتتها العدو الغاصب
الأسرى الأبطال الذين تتكرر مأساتهم كل يوم ولن تنتهي ما دام الاحتلال الغاصب يجثم فوق صدورنا وعلى أرضنا وعلى مقدساتنا

ونقول للمتباكين والمدعين والمستغلين لمعاناة الأسرى من القادة والزعماء الذين هم في كل واد يهيمون وفي كل عرس لهم قرص ورقصة وأغنية ودمعة كاذبة نقول لهم كفاكم كذبا ودجلا ونفاقا
فالأسير يحتاج منكم الصدق والانتماء وعودة الوطن الى عهده وحدة واحدة ويدعوكم لإنهاء الإنقسام الذي طال أمده ..

أما قضية الأسرى فمهما تم الإفراج عن أسير هنا أو هناك ألف ألفين خمسة الاف ,,, وقد بات معروفاً بأن العدو الغاصب لا يخضع إلا للغة القوة ,فأكثر الصفقات نجاحاً هي التي تحققت من خلال خطف الجنود وليست من خلال التفاهمات السياسية وها نحن نرى نتائج التفاهمات ( إغتيال أو إعادة إعتقال ) ناهيك عن الإبعاد " ورغم هذا وذاك فستبقى السجون مفتوحة لمزيد من الأسرى ما دامت الأرض محتلة وما دام الأقصى أسيراً , ولأننا فرطنا في الأقصى فلن يعود الأقصى لنا على طبق من فضة أو لمجرد الدعاء

( اللهم حرر الأقصى ) ولأننا رضينا باتفاق أوسلو أن تكون القدس في ملحقات الاتفاق أو حتى في ذيله ولأننا لم نجعل الأقصى أولى أولويات أوسلو فكان لا بد لنا من عقاب إلاهي فكان التنكر الإسرائيلي والتماطل والتجبر والقهر وزيادة الاستيطان وزيادة الظلم فوقعنا كلنا في الأسر وأولنا القائد الشهيد أبو عمار الذي أمضى حكمه محكوماً مأسورا ً حتى استشهد وما زال أبو مازن يعاني أكثر وهو لا يتحرك إلا بمشيئتهم وقرارهم وتصاريحهم ..فأي حرية هذه ..!؟

ولن تنتهي هذه القضية وسيبقى شعبنا يعاني منها مادامت السموات والأرض وما دمنا نبحث عن الشكليات والتفاهمات التي أوصلت قضيتنا إلى طرق مسدود وقد فرض العدو شروطه وسيطرته على معظم أرض فلسطين , ولن يهدأ لنا بال إلا إذا تم تحرير فلسطين وتم تتويج القدس عاصمة لها وأصبح الأقصى مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حراً طليقاً يزوره المسلمون من أقاصي الأرض دون المرور عن بوابة إسرائيلية ولا أخذ الإذن من شلومو
عندما يتحرر الأقصى ويعود كما أراد الله له, حينها فقط تنتهي محنة الأسرى
فبدل أن نظل نتباكى على الأسرى علينا أن نوحد صفوفنا من أجل تحرير فلسطين
فلا حرية للأسرى بشكل نهائي إلا بحرية بيت المقدس

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت