في ذكرى النكبة انتصر الأسرى ..

بقلم: مازن صافي


اليوم وبعد 64 عاما من النكبة تعود حالة النهوض الفلسطيني متسلحة بإرادة الحق الذي يهزم القوة دائما ، كيف لا ومقولة الفلسطيني التي واكبت كل مراحل التحرر الوطني أنه " لا يموت حق وخلفه مطالب " .. وها هو اليوم ينتصر فيه أسرانا البواسل في معركتهم التاريخية والبطولية بكل معنى الكلمة ويجبروا إدارة السجون الإسرائيلية على تلبية مطالبهم القانونية والإنسانية المشروعة .. انتصرت قضية اسرانا .. انتصرت إرادة الثبات والصمود والوحدة في الشارع الفلسطيني وفي داخل المعتقلات .. لوحة لا يمكن إلا أن تتوج بالوحدة الوطنية الشاملة وتحقيق المصالحة وانهاء الانقسام ..

لقد انتصر أسرانا .. لقد كنت هناك في قلب خيمة التضامن بغزة لحظة الحدث .. المشهد لا يمكن أن يوصف .. فهو فوق الوصف لأن الفرحة كانت غامرة والقلوب تنبض تنتظر .. لقد زغردت أمهات الأسرى وهتفن للحركة الأسيرة البطلة و هتاف للمصالحة والوحدة .. الجميع كان حاضرا لحظة الانتصار .. كان فرسان التضامن الذين خاضوا الإضراب عن الطعام في الخيمة لأكثر من عشرة أيام هم الأكثر شعورا بشعور أسرانا في المعتقلات الإسرائيلية .. لهذا وقفوا صفا واحدا يحملون علما واحدا وداء واحدا وامتزجت دموع الفرحة بهتافات الله أكبر النصر للأسرى .. حضر الآلاف لحظة الانتصار .. كان العناق هو المشهد الجامع .. قيادات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كانوا حاضرين جنب الى جنب .. وكانت الصور التذكارية تعلن عن نفسها .. وأقيمت صلاة المغرب جماعة في منتصف الخيمة التي بدأ المضربين عن الطعام في حزم حاجياتهم تمهيدا للعودة الى بيوتهم .. اللهم انصر ابومازن وابو العبد هنية .. اللهم وحد كلمتهم واجمعهم بالحب والوحدة ..

كان هذا دعاء ممزوج بالدموع والرجاء الى الله في الركعة الثالثة من صلاة المغرب .. وتجمعت وسائل الإعلام تلتقط الصور وكانوا متأثرين جدا .. وأيضا شهدت ساحة الجندي المجهول مشهد الشكر لله بالسجود جماعات .. وخرجت المسيرات تجوب محيط الخيمة حاملين الأخوة المضربين عن الطعام مهنئين ومباركين لكل من صنع الحدث التاريخي .. غزة كلها كانت حاضرة .. وتصادف ذلك أيضا بحضور وفد كبير جدا من وجهاء وشباب وكبار ومثقفي وأكاديمي ورجالات العمل السياسي اتحاد أهالي وعائلات خان يونس حاملين الحب والوحدة الوطنية والدعاء للأسرى مساندين ومشاركين بالفرحة .

أحول جاهدا أن أصيغ مشاعري لهذا الانتصار التاريخي لأسرانا في السجون .. انتصارا للقضية كلها وللأمة جميعها .. أسرانا البواسل تنفسوا أريج النصر .. هؤلاء الأسرى الأبطال الذين قضوا سنوات من الحرمان ومن التوتر ومن الأسر الذين خلت منه أي إنسانية للسجان .. أسرانا اليوم يتحول الأمل الغامض لديهم إلى معجزة تتحقق .. حقيقة .. اليوم تخرج فلسطين ترفض النكبة وترسل رسالة للعالم : " إلى متى يبقى الظلم والى متى سيبقى الاحتلال .. ؟؟!! " ..

يغمرني الأمل الكبير أن هذه الصورة التضامنية والمعركة الأسطورية وانتصار الحق الفلسطيني هي البداية لتحرير كل أسرانا إن شاء الله وانتصارات قادمة ستفرحنا وتخرجنا من أجواء النكبة الى أجواء الحرية والتحرر من الاحتلال .. وأيضا هي البداية الحقيقية لتنفيذ اتفاقيات المصالحة والوحدة واللحمة الجماهيرية ..

هذه نقطة البداية أتوقع أن تقودنا إلى تطبيق حقيقي للمصالحة الفلسطينية .. اليوم في ذكرى النكبة الـ64 نقول لأسرانا الذين انتصروا في معركة الأمعاء الخاوية .. أنتم أقوى من المحتل والسجان .. أنتم القوة والثبات لنا .. إن شجاعتكم وصلابتكم مصدر اعتزاز لنا جميعا .. نفخر بكم ونستمد قوتنا منكم .. اليوم نقف وقفة رجل واحد ، صوت واحد .. وهنا نؤكد على أنه مهما طال الأسر فلن يدوم .. وهذا اليوم سينجلي ... وسوف تسقط سياج المعتقل وسوف تهدم حجارة الاعتقال .. نحن جميعا نواجه المحتل الإسرائيلي .. لنا هوية وإرادة ولدينا كل وسائلنا وأدواتنا التي يشرعها لنا القانون الدولي وكل مواثيق الأمم المتحدة .. ولنا استيراتيجية تقول أنكم قضيتنا المركزية وأن تحريركم هو المعنى الحقيقي للثورة والكفاح والمقاومة .

نقول لأسرانا المحررين .. كفيتم ووفيتم وخضت المعركة بين الجماهير وكان لكم الحضور الذي أثلج الصدور وان عرفناكم وجوها في لحظات تحريركم ، ففي خيمة التضامن عرفنا فيكم معنى الإنسانية والتضحية والخوف على الوطن وتعزيز الوحدة الوطنية وعقلية الالتزام والانضباط .... نفتخر بكم جدا ... ونحبكم جدا .. نقول لأسرانا الذي لازالوا في السجون والمعتقلات الاحتلالية ، انتم الأحرار برسالتكم لنا ،وهذا الأسر مهما طال فلابد له ان ينتهي .. ومهما بدا الليل المظلم طويلا وثقيلا ، سوف يبزغ الفجر حتما .. لن يدوم السجن ولن يخلد السجانون .. انتم اليوم وأنتم تنتصرون في معركة الشعب الفلسطيني وكل أحرار العالم ، تمهدون الطريق إلى الحرية برغم أن طريق الحرية مفروشة بالدماء والعرق والدموع والجوع والعطش والأنات .. سنقف معكم صفا واحد وسنلعن ليل الانقسام لأنه سيزول كما يزول الاعتقال وكما يزول السجان وكما يزول المحتل .. نعم بدمائكم وصبركم وقوتكم وإصراركم الأسطوري تثبتون أنكم أقوى من الاحتلال .. أقوى من أن يتم تركيعكم ، وسلب حقوقكم .. أسرانا لن يركعوا ... أسرانا لن يركعوا .. أسرانا لن يركعوا إلا لله القادر أن يحررهم وان يسعدنا بحريتهم وتحريرهم ..اليوم نقول مبارك لكل فلسطيني انتصار أسرانا .. مبارك هذا الانتصار ضد الاحتلال والسجان .. .. بحريتكم تكتمل معالم وحدتنا إن شاء الله ..

شكرا لك من عمل لهذا اليوم المشهود في تاريخ شعبنا .. يوم انتصر فيه الجوع على المحتل .. والارادة على القوة برغم كل الظروف .. شكرا لكل لقيادات الشعب الفلسطيني من كل القوى والأحزاب والحركات .. شكرا ونعم للأخ الرئيس أبو مازن الذي قال " قضية الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام ليست سياسية فقط بل قضية إنسانية، مشدداً على أن القيادة الفلسطينية لن تسكت إطلاقاً إذا حصل أي مكروه لأي من الأسرى الفلسطينيين " .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت