فياض: طريق العودة هو طريق الصمود وترسيخ الهوية

رام الله-وكالة قدس نت للأنباء
شدد رئيس وزراء حكومة رام الله سلام فياض على أن مناسبة إحياء فعاليات النكبة تأتي هذا العام ونحن أمام استحقاقٍ تاريخيّ يتمثلُ في توفير المزيد من عناصر القدرة والمنعة الذاتية والعبور بنجاح إلى مرحلة تجسيد دولة فلسطين المُستقلة الديمقراطية والعصرية واقعاً على الأرض، وقال:" إن التحدي الكبير الذي ما يزال ماثلاً أمامنا لاستكمال جاهزيتنا الوطنية، وفق المعايير التي التزمنا بها، يتمثلُ في إنهاء الانقسام الذي يشكلُ استمرارُه تهديداً حقيقياً لمشروعنا الوطني برمته".

وأكد فياض خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي على أن شعبنا سطّر على أرض فلسطين، وفي مخيمات اللجوء والشتات، رواية الكفاح المتواصل والصمود والعمل الجاد لاستعادة الهوية الوطنية وتجسيدها في دولة الاستقلال، حيث نهض من حُطام النكبة ومعاناة اللجوء مُوحداً تحت راية منظمة التحرير، ومُصمماً على حماية وصون هويته الوطنية، وتكريس حقه الطبيعي في الحياة على أرضِ وطنه الذي لا وطن لنا سواه.

وقال: " إن مأساة النكبة وما ولدته من معاناةٍ وآلام لم تتمكن ولن تتمكن من كسرِ إرادة شعبنا أو طمس هويته وثقافته الوطنية، وسيبقى شعبُنا دوماً موحداً ومُصمماً على إنهاء مأساة النكبة وتحقيق الحرية والاستقلال والعودة".

وشدد رئيس الوزراء على أن إحياء فعاليات ذكرى النكبة، رغم مرور ما يزيد عن ستة عقود، إنما يؤكدُ إصرار شعبنا على مواصلة كفاحه الوطني والمشروع لنيل حقوقه تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعيّ والوحيد، والتي حوّلت مأساة المعاناة واللجوء إلى عُنوانٍ للكفاح الوطنيّ التحرريّ، مضيفا: " طوى شعبُنا الفلسطيني يوم أمس أربعة وستين عاماً على أكبر مأساة تشريد وتهجير شهدها العصرُ الحديث. هي أربعة وستون عاماً مرت على اقتلاع شعبنا من دياره ووطنه، وإلقائه في تيه المنافي واللجوء والشتات.. أربعة وستون عاماً من محاولات طمس وتبديد الهوية الوطنية لشعبنا وإنكارٍ لحقه الطبيعيّ في العيش بحريةٍ وكرامة على أرضِ وطنه. أربعة وستون عاماً وجرح المأساة ما زال مفتوحاً والمعاناة متواصلة.

واعتبر فياض أن ذكرى النكبة وما تحمله من صور ومعاني التشرد ومحاولات تذويب وطمس وإلغاء الهوية الفلسطينية تُشكلُ محطةً هامة يتوقف عندها شعبنا سنوياً لحشد المزيد من الهمم، وتعزيز انخراطه في مسيرة إنجاز أهداف مشروعه الوطني، والمُتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967. وحّيا فياض، بهذه المناسبة، أبناء شعبنا في مخيمات الشتات واللجوء، والجدات والأجداد الذين حموا رواية شعبنا وورثوها للأجيال جيلاً بعد جيل كي تظل الراية مرفوعةً، والرواية محفوظةً دوماً. كما استذكر الشهداء الذين عبّدوا بأرواحهم الطريق نحو الحرية والاستقلال والعودة.

وأكد رئيس الوزراء على أن ملحمة الصمود التي يجسدها شعبُنا يومياً تُعطينا الثقة والأمل بالقدرة على تحقيق هذه الأهداف، وقال: "على الرغم من الظلم التاريخي الذي لحق به، فقد أصبحت النكبة، وما حملته من معاناةٍ وآلام، عاملاً مُوحداً لإرادة شعبنا في مواجهة ظلم الاحتلال والتصدي للاستيطان والجدار وإرهاب المستوطنين" , مؤكدا أن شعبُنا اليوم بات مُصمماً، أكثر من أي وقتٍ مضى، على ترسيخ أسس وركائز دولة فلسطين المُستقلة والمضي قدماً لتحقيق استقلالها وسيادتها على الأرض حيث تمكن شعبنا وسلطته الوطنية.

وهنأ فياض أسرى الحرية على صمودهم وانجازهم بتحقيق مطالبهم الإنسانية العادلة وقال: " ونحن في سياق الحديث عن مسيرة شعبنا ورواية كفاحه المستمرة، فلا بد لي من أن أزجي بالتحية لأسرى الحرية الذين بصبرهم وثباتهم نجحوا في انتزاع ولو الحد الأدنى من حقوقهم الطبيعية والإنسانية العادلة". وتابع: "سيظل صوتُنا عالياً وجهدُنا مستمراً حتى إطلاق سراحهم جميعاً دون تمييزٍ أو شروط".

واستذكر رئيس الوزراء الرواد من مفكري شعبنا الذين ساهموا في صون وحماية الذاكرة والهوية، وجذّروا وعي شعبنا وتمسكه بحقوقه الوطنية، كما استذكر القادة الشهداء، وفي مقدمتهم الرئيس الخالد أبو عمار، وقال: "نقفُ إجلالاً لأرواحهم وأرواح كل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن قضية شعبنا وحقوقه العادلة، ونقفُ بكلِ الإجلال والتقدير أمام تضحيات شعبنا في مخيمات اللجوء في الوطن والشتات والذين ما زالوا يتناقلون الرواية ويزرعون الأمل". كما استذكر فياض وقوف الملايين من شعوب الأرض مع شعبنا وحقوقه وعدالة قضيته.

وأكد فياض على أن الوفاء لمعاناة اللاجئين ولحقوقهم يعني توفير المزيد من مقومات الصمود والبقاء في مواجهة مخططات الاستيطان والتشريد والاقتلاع، ويعني أيضاً البناء في مواجهة الهدم والتدمير، ويعني مواصلة الكفاح لإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال، وشدد على أن طريق العودة وإنهاء مأساة النكبة هو الاستمرار في تعزيز قدرتنا على الصمود والثبات على الأرض وتطوير وترسيخ هويتنا، وقال: إن "طريق العودة هو طريق الصمود وترسيخ الهوية والتمسك بالحقوق"، وشدد على أن طريقنا لإنهاء المأساة كان وسيظلُ العمل الجاد لتعزيز قدرتنا على الصمود والبقاء على هذه الأرض، وتطوير هويتنا وتنمية ثقافتنا الوطنية المُنفتحة على ثقافات شعوب العالم بأسره، والاستمرار في حمل رواية شعبنا بآلامها وآمالها حتى نصل.

واقتبس رئيس الوزراء في ختام حديثه بما قاله شاعر فلسطين الكبير الراحل محمود درويش في رسالته للعالم في الذكرى الثالثة والخمسين للنكبة: "إن أيدينا الجريحةَ ما زالت قادرةً على حمل غصن الزيتون اليابس، من بين أنقاضِ الأشجار التي يَغتالُها الاحتلال، إذا بلغ الإسرائيليون سنَّ الرُشد، واعترفوا بحقوقنا الوطنية المشروعة، كما عرَّفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حق العودة، والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وبحق تقرير المصير في دولة مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس. إذ لا سلام مع الاحتلال، ولا سلام بين سادةٍ وعبيد".