حواتمة: أطراف فلسطينية وإقليمية تعطل المصالحة وتشجع الانقسام

عمان – وكالة قدس نت للأنباء
حذر نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من الأصوات التي تدعو إلى إدارة الظهر لقطاع غزة بوصفها عبئا ماليا وسياسيا واجتماعيا، وكذلك من الأصوات المقابلة في غزة والتي تدعو لإدارة الظهر للضفة وتتوهم إمكانية بناء إمارة في القطاع.

وقال حواتمة في مقابلة صريحة خص نشرتها صحيفة "القدس" المحلية،اليوم السبت، إن "الانقسام الذي جرى ينذر بالأخطر على طريقة الصومال مما يعني ضياع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني".

وكشف الأمين العام للجبهة الديمقراطية عن قوى داخل حركة حماس وأخرى داخل فتح لا تريد لاتفاق المصالحة أن يأخذ مجراه وذلك بسبب مصالحها الفئوية والأنانية الضيقة.

وأضاف أن قوى عربية وإقليمية عملت على تغذية الانقسام وتمويله وإدامته لخدمة مصالحها الذاتية، داعيا إلى التعجيل في تطبيق اتفاق المصالحة وسن قانون انتخابي موحد للمجلس الوطني والتشريعي والهيئات المحلية والشعبية وفق قانون التمثيل النسبي الكامل الذي يمكن من إعادة بناء الشراكة الوطنية على اسس وطنية وديمقراطية بين كل مكونات الشعب الفلسطيني.

وفيما يلي نص المقابلة:
مضى أكثر من عام على توقيع اتفاق المصالحة بينما الانقسام ما زال قائما، لماذا؟ ومن المسؤول عن تعطيل اتفاق المصالحة؟

نعم، قبل أيام مر عام كامل على توقيعنا جميعا ومن دون استثناء اتفاق 4 أيار مايو 2011 في القاهرة، وهذا هو رابع برنامج يتم الإجماع عليه في مسار نضالنا لإنهاء الانقسام وإسقاطه، وإعادة بناء الوحدة الوطنية على قواعد جديدة وديمقراطية، أي بالعودة إلى الشعب، في انتخابات مجتمعية وانتخابات المجلس التشريعي والرئاسة والسلطة الفلسطينية والمجلس الوطني، أي البرلمان الموحد للشعب الموحد داخل الوطن وفي أقطار اللجوء والشتات، وكلها يجب أن تكون وفق قانون واحد يقوم على التمثيل النسبي، فنحن شعب واحد ويجب أن يحكمنا قانون واحد.
كان الأمل أن يأخذ اتفاق 4 أيار طريقه إلى التنفيذ بالتسارع، لكنا اصطدمنا بعدد من الإشكالات يمكن أن نوجزها في عاملين:

أولا: هناك عناصر وقوى داخل كل من فتح وحماس، لا تريد لهذا الاتفاق أن يأخذ مجراه وان يتحقق لان إسقاط الانقسام، وخوض الانتخابات بقانون التمثيل النسبي الكامل، سيبني شراكة وطنية وجماهيرية واسعة بالقرار الوطني الفلسطيني ويؤدي الى دمقرطة كل مؤسسات المجتمع والسلطة ومنظمة التحرير.

هذه القوى والعناصر في داخل فتح وحماس، تنزع نحو مصالحها الفردية والفئوية الضيقة، فعلينا أن ندرك ما وقع بالمجتمع الفلسطيني خلال العشرية الأخيرة، وما قبلها بسنين، من حيث نشوء مصالح اجتماعية طبقية وسياسية و"زعاماتية" وفئوية كبيرة، بحكم حالة الفساد والإثراء غير المشروع، وبعض الزعامات القديمة بالعديد من المواقع والميادين داخل البلاد وبشكل خاص في كل من الضفة وقطاع غزة.

هذه القوى هي التي تقوم بعملية التعطيل، وساهمت في تعطيل إعلان القاهرة بعد حوار شامل وطويل في آذار 2005، وساهمت كذلك في تعطيل برنامج وثيقة الوفاق الوطني التي وقعنا عليها بالإجماع في غزة حزيران 2006، وساهمت أيضا في تعطيل وثيقة اتفاق الوفاق الوطني التي باتت معروفة باسم الورقة المصرية وعطلتها من آذار 2009 الى 4 آيار 2011 لذا أقول هذا عامل كبير.

العامل الثاني، هو المحاور الإقليمية العربية والشرق أوسطية التي تعطل اتفاقات الوحدة الوطنية لأنها تستثمر الانقسام في سبيل مصالحها الإقليمية العليا لكل من هذه العواصم التي تتدخل يوميا بوسائل سياسية ومالية ومادية في الحالة الفلسطينية وتعطل اتفاقات الوحدة.

ما الذي فعلتموه أو يمكن أن تفعلوه انتم في الجبهة الديمقراطية والقوى اليسارية الأخرى إزاء ذلك؟

- حاولنا جهدنا أن نحل هذه الوسائل في اجتماع 22 كانون الثاني 2011 الذي عقد بالقاهرة، خاصة وأن هذا الاجتماع للجنة القيادية العليا لتطوير ودمقرطة وتوحيد مجموع القوى والفصائل والاتحادات والنقابات والشخصيات الوطنية بقوانين تؤمن شراكة للجميع، أي قوانين التمثيل النسبي الكامل. وعقدنا اجتماعات 22 ديسمبر 2011 من اجل وضع الخطط التنفيذية، لنجد أن الأخوة في حماس وفتح قد وصلوا الى عناوين جزئية لا ترتقي إلى إنجاز إنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية، عناوين جزئية منها المصالحة المجتمعية "ولكل عنوان لجنة" ولجنة الحريات في الضفة وغزة، والعنوان الثالث لجنة الانتخابات المركزية والخلافات التي حولها والتي عليها أن تجدد لوائح الناخبين حيث يوجد أكثر من نصف مليون ناخب جديد من شباب وشابات فلسطين يجب أن يدخلوا على خط الانتخاب، وتم تدويخ الاجتماعات بهذه القضايا الجزئية وبقينا نراوح في المربع الصفر. كذلك عقدنا دورة جديدة للجنة القيادية العليا في 23 شباط 2012 في القاهرة، وبعد سلسلة من الحوارات الشاملة كان من الواجب أن نحل القضايا الكبرى التي عناوينها: برنامج سياسي موحد، حكومة توافق وطني، قانون انتخابات التمثيل النسبي الكامل لكل المؤسسات، استثمار الظرف الحالي من اجل العودة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، من اجل تقديم طلب الاعتراف بدولة فلسطين بحدود 4 حزيران 67 والقدس العربية المحتلة عاصمتها، حتى نحل مشكلة الإطار السياسي والقانوني للعملية السياسية للمفاوضات، لان عشرين عاما من المفاوضات الفاشلة " لأنها تدور من دون مرجعية دولية، ومن دون سقف زمني" من اجل حل ثلاث قضايا في المجتمع الدولي والأمم المتحدة: القضية الأولى أننا دولة، وهذا حق تاريخي لنا وبموجب قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة، وثانيا حدودها هي حدود الرابع من حزيران 67، وثالثا عاصمتها القدس وهذه ثلاث قضايا كبرى لم يتم حلها على مدار 20 عاما من المفاوضات الفاشلة.

القضية الرابعة يتم الإشارة الواضحة إلى حق العودة للاجئين عملا بالقرار الأممي 194 الصادر عام 49، لذا دار الحوار بين الجميع خاصة بعد اتفاق 4 أيار مايو، الأخوة في حماس والجهاد الإسلامي جاؤوا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة، وعليه أصبح الحوار بين الجميع شاملا وعلى قدر المساواة بعيدا عن الابتزاز والصراعات الفئوية وفعلا اجتماع 23 شباط وصلنا إلى تحديدات دقيقة، حيث وقع الإجماع على ضرورة صدور قرارات بهذه القضايا الكبرى التي أشرت، وتم إعداد المسودة بهذه القرارات، في اللحظات الأخيرة تم تعطيلها عندما اقترح الأخ خالد مشعل تأجيل اتخاذ القرار بشان قانون التمثيل النسبي الكامل، وبعد نقاش جديد قال أرجو أن تتركوا لنا الفرصة للاجتماع القادم وان تنجز اللجنة المشتركة التي يتمثل فيها 13 فصيلا برئاسة سليم الزعنون "أبو الأديب" باعتباره أمين سر هذه اللجنة القيادة العليا قانون الانتخابات ليطرح علينا في الاجتماع القادم.

الجانب الآخر تحرك المحاور الإقليمية والشرق أوسطية، والضغوط التي تمارس وبالتحديد الاتجاهات التي لها شبكة علاقات مادية ومالية مع هذه المحاور الإقليمية، فهذه المحاور مصلحتها بإدامة الانقسام وإبعاد العودة للوحدة الوطنية في العودة للشعب وانتخابات التمثيل النسبي الكامل، لذلك لم يأخذ اتفاق 4أيار مجراه بالتنفيذ، الآن نناضل من اجل عمليات تحضيرية تمكن فعلا من الوصول لنتيجة، وإلا كما تعطلت البرامج الثلاث الأولى سيتعطل اتفاق 4 أيار، وتتحول اجتماعات اللجنة القيادية العليا إلى سياحة سياسية ونحن نرفض هذا الإدمان على السياحة السياسية.

مكانة منظمة التحرير
نحن الشعب الفلسطيني شعب عدده كبير، شعب شجاع له خبرة كبيرة في النضال من اجل انتزاع حقوقه في تقرير المصير والدولة المستقلة على أراضي 4 حزيران 1967م، وعاصمتها القدس وحق العودة، وبنينا لشعبنا الكيانية الوطنية الفلسطينية، والسياسية الحقوقية، وانتزعنا الاعترافات الدولية والإقليمية والعربية الواسعة بهذه الكيانية متمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وشعبنا التف حول منظمة التحرير، لأول مرة يجد أمامه ائتلافا وطنيا عريضا يأخذ القضية الوطنية بيده ويد الشعب من اجل إنجاز حقوقه، بينما أنجزنا هذه الخطوة عام 1973 ولأول مرة تعترف قمة الجزائر بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا، ثم أنجزنا لشعبنا البرنامج الوطني المرحلي في حزيران 74 على يد ائتلاف عريض وبمبادرة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قدمناها لكل القوى ولشعبنا وللشعوب العربية ولكل محبي الحرية والسلام في العالم في آب قبل حرب تشرين 74، وخضنا نضالات كبرى من اجل هذا البرنامج الوطني المرحلي الذي وحد الشعب الفلسطيني لأول مرة في كافة أماكن تواجده منذ عام 48، وحدة على قاعدة حق تقرير المصير بكل مكوناته وبكافة أماكن تواجده، وحق دولة مستقلة للشعب في الضفة الفلسطينية والقدس وغزة، وحق العودة لشعبنا في أقطار اللجوء والشتات، وبالتالي قدمنا قضيتنا الوطنية بخطوات هائلة للأمام بعد طمس الحقوق الوطنية الفلسطينية على امتداد النصف الأول من القرن العشرين الذي أدى تحت إدارة قيادات ذات طبيعة اجتماعية متخلفة، وفكريا وسياسيا متخلفة وأورثتنا النكبة عام 1948م، وتم كلياً مصادرة حقوق الشعب والوطن.

نسمع أصواتا من هنا وهناك، وكأنها تشجع بقاء الانقسام، أو لا تتحمس لاستعادة الوحدة وتحمل أعبائها، وكأن الانقسام أصبح أمرا واقعا نتعايش معه، ما رايكم في ذلك؟؟

الفصل بين غزة والضفة بدأ من 14 حزيران 2007 ، وهذا يعني أن الصوملة قد وقعت، ولكني أحذر شعبنا وأحذر هذه الأصوات التي أشرت لها بأن إدامة الانقسام سيعمق الصوملة، ويؤدي إلى ضياع الحقوق الوطنية الفلسطينية وليس فقط عن عدم تحمل عبء قطاع عزة على أكتاف الجميع .

الصومال الآن ودون وجود شعب آخر يغزوه ويحتل محل الصوماليين 3 صومال منذ عام 1976م، وحتى الآن ثلاث حكومات، و3 إمارات منفصلة عن بعضها البعض، كانت النتيجة أن سلسلة الحروب الأهلية لم تتوقف حتى الآن ومفتوحة بين الجميع، وتخلف يشطب الصومال من الحضور والتاريخ ويقطع أوصال الصومال بالجغرافية، ومزيد من التدهور، ولم ينفع شيخ شريف أو شباب المجاهدين الذين يتبنون أفكارا طائفية دينية، لم ينفع هذا الوضع الذي يحاولون إدامته والإدمان عليه.

لذلك احذر شعبنا من مثل هذه الأصوات لإدارة الظهر بين غزة والضفة تحت عنوان هذا عبء اجتماعي وعبء مالي سياسي، هذا جانب آخر.
أحذر من النزعات التي تحاول الترويج أن بالامكان إدامة بناء إمارة خاصة في غزة، سواء كانت رايتها وبرنامجها إسلاميا طائفيا، أو كان برنامجا آخر، لا يمكن لأية قوة سياسية في قطاع غزة أن تضع يدها على القطاع، وأن تبني إمارة في غزة، غزة تحت الحصار براً وبحراً وجواً، وغز مجتمع بدون ثروات وبالتالي من يتطلع لعمل هونغ كونغ في غزة، أو قطر ثانية هو واهم جدا، فالذين وقعوا على اتفاقات اوسلو الجزئية أعلنوا مرارا أنهم سيبنون في الضفة وقطاع غزة هونغ كونغ أو سنغافورة أو تايوان، أي عالما صناعيا تكنولوجيا متطورا، فماذا حصل؟ حصل بالمقابل تدهور في مستوى الحياة الاجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية في مرآة تتداعى بما ذكرت.

لذا أقول لا يمكن، وحاولت حماس أن تشيع أفكارها في غزة، واصطدمت بالكتل الكبرى، بالشعب وقوى كثيرة ترفض فرض حلول فوقية باسم الدين على أبناء الشعب، ولذلك حماس لم تقدم نموذجا جاذبا في قطاع غزة متقدما على غيره، بل قدمت نموذجا يمكن أن يكون مغلقا، لكن بالطوابق العليا. وعليه لا يمكن أن يبقى الوضع على حاله، والدليل على ذلك أن حماس جاءت للحوار الشامل ووقعنا 4 برامج لإنهاء الانقسام وبناء الوحدة وآخرها برنامج 4 أيار.
نحن على ثقة أننا سننجز جديدا في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وفي المقدمة وحدة الجغرافيا والديمغرافيا أي الأرض والشعب بين الضفة وغزة على قاعدة البرنامج السياسي الموحد المشتق من البرنامج الذي اتفقنا عليها بالإجماع، ودمقرطة شاملة لتأمين الشراكة الشعبية والوطنية في انتخابات تقوم على قانون واحد، قانون الشعب الواحد التمثيل النسبي الكامل.