سيناريو مفترض لإحدى جلسات الحوار الفلسطينية

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي



جولات الحوار الفلسطيني لم تتوقف ولم تنقطع أبدا وهي تؤدي دورها بنجاح كبير كون أطرافها يعتبرونها فرصة للقاءات الشخصية والاطمئنان على الأحوال الشخصية العامة وتبادل الكلمات والمجاملات واختبار قدرة كل طرف على إثبات أيهم يتميز بخفة الدم من الآخر حسب حجم النكات الجديدة التي يحفظها وكذلك قدرة كل طرف على طرح العديد من القصص الشيقة والممتعة وكذلك عمل سياحة فكرية عامة حول آخر الأحداث والمتغيرات في هذا العالم وتوقع مستقبل كل دولة من دول المنطقة إضافة للأوضاع الاقتصادية للاتحاد الأوروبي ومشكلة اليورو وأسباب سقوطه ثم يحاول كل طرف الاجتهاد لوضع خطط كيف يمكن للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تجاوز هذه المشكلة الاقتصادية ، وبناء على ما سبق يمكن تصور سيناريو لأحد لقاءات الحوار على الشكل التالي .

يلتقي الطرفان في بيت أحدهما أو في قاعة فخمة لأحد الفنادق - خمس نجوم - ويحرص الطرفان أن يكون التوقيت في وقت تناول إحدى الوجبات الأساسية سواء الغداء أو العشاء ، ويكون قد تم حجز تلك الوجبة سلفا ، وفي أول اللقاء يبدأ الحديث على الشكل التالي :
يقول الأول ضاحكا ضحكة واسعة فيها من المجاملة وصدق المشاعر
- مرحبا ، أهلا وسهلا زمااان ما شفناك يا رجل شو هالغيبة
- أبدا مشاغل كتيرة وبعدين شو حكايتك التقينا بس من اسبوعين ولا أنت زي الي برا بتسمع أخبارنا من التلفزيون ولما التلفزيون ما بعلن اللقاء بتنسى انك شفتني

ويقهقه الطرفان .
- شو أخبار رام الله وأمورك ووضعك بغلبوك اليهود على الحواجز ولا لسه بطاقة في آي بي إلها احترام ؟ أوعى تسمحلهم يغلبوك انت كبير وزعيم
- بدك الصراحة اليهود مش زي زمان ، صاروا يغلبونا كتير ما بحترموا حدا ، تصور مرة كانوا بدهم يفتشوا الشنطة وعملتهم مشكلة كبيرة ، بس في الآخر تراجعوا وأجا الضابط واعتذر .
- منيح كتير لا تسمح لهم يهينوك ، والله انك راجل بس اوعى يحبسوك وبعدين أمورنا تتعطل انت عارف فش غيرك يحل محلك وما بتهون علينا .
- ولا يهمك أخوك يعجبك وما بقدروا يعملوا شي شو هي فوضى !!
- سمعت أخبار الانتخابات الفرنسية وأخيرا سقط ساركوزي الله لا يرده من أول يوم في رئاسته كان سيء يمكن الرئيس الجديد أحسن منه ، ولا شو رأيك ؟
- طبعا أحسن منه ما بدها كلام مش هاييجي أسوأ من ساركوزي كان فاشل في كل شي ، في سياسته الخارجية والداخلية ووضع فرنسا في حالة حرج أكثر من مرة مع حلفاءها ، حتى معنا كان سيء ومتحالف مع اليمين الإسرائيلي والاقتصاد الفرنسي تراجع والبطالة عندهم زادت خليه ينصرف
- شو رأيك بأحداث سوريا بالك بشار بطلع منها ؟ انا شايف انو صامد والجيش السوري متماسك معه ، واضح انه راح ينفد منها ، احنا نصحناه أنو يستجيب مع المبادرات العربية والدولية بس راكب راسه ، مش عارف ع شو مركن في العناد ؟ يعني روسيا والصين وإيران في النهاية بلعبوا معه حسب مصالحهم .
- أنا بحكيلك الصحيح بشار الأسد مسنود من أطراف دولية كتيرة ولا تصدق ما تشيعه بعض الفضائيات والوضع في سوريا مش سيء للهدرجة الوضع في دمشق مستقر والمشاكل بس في الأرياف ، وبعدين المجتمع الدولي عنده خطة وبدهم يضغطوا بس على الأسد عشان يسير في مخطط مرسوم وفي النهاية رايح يوافق ، المهم يبتعد عن المحور الإيراني الهدف من كل المشكلة محاصرة إيران .
- والله الأمر أكبر من هيك ولا أعتقد أن الموضوع بس هيك ، في معادلة دولية جديدة وتقسيمات في المنطقة جايه الله يستر منها ، المهم الله لا يردهم كلهم زي بعض .
- بالك في مصر مين متوقع يفوز بمنصب الرئيس ؟ انا شايف عمرو موسى وضعه بتراجع وابو الفتوح بتقدم ، ومرشح الإخوان مش قوي زي ما كنا متوقعين ؟
- انا باعتقد لو المصريين بفهموا بينتخبوا واحد زي أبو الفتوح لأنه عنده مميزات أكتر من غيره أولا هو نموذج إسلامي منفتح مثل نموذج أردوغان وديمقراطي ومش متطرف ومستعد للتعمل مع المجتمع الدولي .
- لا لا لا شو بتحكي لسه عمرو موسى أهون منه وأفضل هدول ما عندهم خبرة في التعامل مع المجتمع الدولي زي عمرو موسي ولسه بدهم يتعلموا وهاي مصر مش لعبة .
- شو حكاية السودان بشوف الحرب عندهم ع الأبواب والرئيس البشير مش عارف يدبر حاله ؟
- شو حكاية الحكومة الإسرائيلية الجديدة هاي ما كانت في الحسبان ؟ مين بالك المستفيد أكتر نتنياهو ولا موفاز ؟
- شو رأيك نتناول الغدا وبنكمل الحكي
- منيح عشان نحكي شوي عن المصالحة وشو ممكن نعمل ؟
- شو نعمل هاي خليها بنحكي فيها بعدين على شو مستعجل ؟
- كلامك مزبوط كل شي واضح وما بدها حكي
- خلص بنشوف بعض بعدين بكفي اليوم حوار ، يمكن في الاجتماع القادم يكون حصل شي مهم في العالم بنحكي فيه .
قد يكون في هذا السيناريو نوع من المبالغة المقصودة ولكن الرسالة هي أنه لو حصل في كل اجتماع نقاش قضية خلافية واحدة لانتهينا من مناقشة كافة قضايانا منذ زمن ولكن تستمر الحوارات ولكن في مواضيع ليست على رأس جدول اهتمامات شعبنا . والله أعلم .

م. عماد عبد الحميد الفالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت