بعد حالة اليأس والإحباط التي كانت سائدة بين أوساط الشعب الفلسطيني نتيجة للانقسام, ظهر في الأفق بادرة أمل جديدة للمصالحة بعد اجتماع فتح وحماس في القاهرة يوم الأحد20 مايو-2012, رغم أننا كنا نتمنى أن يشمل الاجتماع كافة القوى الفلسطينية بدون استثناء حتى لايكون مصيره الفشل, لأن الشعب الفلسطيني سئم من كثرة الاتفاقيات وهو ليس بحاجة إلى اتفاقيات جديدة, بل هو بحاجة إلى تنفيذ ماتم الاتفاق عليه سابقا في القاهرة والدوحة دون مماطلة, لذلك نتمنى أن يخرج هذا البروتوكول بخطوات عملية ونتائج على الأرض ينهى الانقسام, ويعيد الوحدة بين أبناء الشعب الواحد لإشباع رغبة كافة فئات المجتمع الفلسطيني بإنهاء هذا السرطان الذي انتشر في كافة إنحاء الوطن, والمستفيد الوحيد هو الاحتلال الاسرائيلى0
وها نحن اليوم نشهد توقيع بروتوكول جديد برعاية مصرية حول القضايا العالقة وبجدول زمني, وبموجبه ستبدأ لجنة الانتخابات المركزية عملها في 27-5-2012, وسيتم إعلان الحكومة خلال 10 أيام من هذا التاريخ0لقد أثلج توقيع هذا البروتوكول صدر المواطن الفلسطيني رغم تخوفه بان يحدث له ماحدث مع الاتفاقيات السابقة, لان الضرر الوطني الواقع نتيجة الانقسام لايمس حزب بعينه بل يمس فلسطين كلها وحاضرها ومستقبلها ومشروعها الوطني, لذلك أصبح إنهاء الانقسام ضرورة وطنية رغم اختلاف الايدولوجيات وبرامج العمل, ولكن هناك الكثير الذي يمكن أن يجمعنا كالقدس, واللاجئين, والدولة المستقلة, وكنس الاحتلال ففلسطين فوق واكبر من الجميع, لذلك فان هذه الاتفاقية تشكل فرصة هامة جدا لإنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام وتعتبر الفرصة الأخيرة المتاحة, وأن الفشل سيعرض القضية الوطنية لمخاطر لا يستطيع أي فصيل فلسطيني تحمل نتائجها0
لقد حمل الاتفاق الجديد اسم اتفاق النقاط الثماني لأنه تضمن ثماني نقاط، أبرزها: الشروع في مشاورات لتشكيل حكومة برئاسة الرئيس محمود عباس، والسماح للجنة الانتخابات ببدء العمل في تسجيل الناخبين في قطاع غزة، وبدء عمل اللجنة المكلفة بوضع قانون انتخابات المجلس الوطني. وتم الاتفاق على أن يجري كل ذلك في يوم واحد وهو 27مايو الحالي مع تذليل كافة الصعوبات التي تعترض تنفيذ الاتفاق, بالإضافة إلى تنفيذ ماورد في اتفاقية الوفاق الوطني بتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات, مع تطبيق توصيات لجنتي الحريات العامة في الضفة وغزة 0لقد آن الأوان لإنهاء الانقسام وماتبعه من مشاكل لاتحصى بعد أن لاحت بادرة أمل في الأفق بعد الحالة المزرية التي تسود فلسطين وخاصة غزة منذ الانقلاب, سواء على الصعيد السياسي ,أو الاقتصادي, أو الاجتماعي, والتي نتج عنها معاناة وعذاب مرير عانى منه شعبنا على مدار 6 سنوات من الانقلاب تجرع المواطن فيها مرارة الذل, والهوان والخوف, والحرمان والإذلال, و هدر كرامته, وتدمير مكتسباته الوطنية التي ضَحى من أجلها بكل مايملك , ورغم ذلك كان المواطن هو المتضرر الأول والأخير, والمتلقي الوحيد للضربات الموجعة0 ورغم معاناة هذا الشعب والتضحيات الكبرى التي دفعها المواطن ثمنا للحرية ودفاعاً عن الكرامة والمكتسبات التي حصل عليها بدمه, إلا أن هناك فئة مازالت تصر على استمرار الانقسام وحرمان هذا الشعب من حقوقه وحريته, وتصر على أن يبقى في طوابير الذل والاهانة, وان تتقاسم هذه الفئة خيرات هذا البلد فيما بينها متناسية أبناء هذا الوطن والتفريق بينهم بسبب الجهل والتعصب, لذلك كان ومازال التمييز والإقصاء, ومصادرة الحقوق والحريات, والفساد, والتهميش, والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد, لذلك لابد من استغلال هذه الفرصة حتى تظهر في الأفق تباشير الأمل والإصلاح, ويتم إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة بين أبناء الوطن الواحد0
إن بارقة الأمل هذه التي لاحت في الأفق قابلة للاستمرار والحياة إذا توافرت الإرادة والعزيمة, والنوايا الحسنة, والحكمة وتوحيد الكلمة, وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية والتنظيمية, ويجب أن تتبع بالإصلاح الجذري للمفاهيم الخاطئة والسيئة التي انتشرت في المجتمع, لان هذا سيعزز من صمود الشعب ولحمته, وسيعزز الورقة الفلسطينية السياسية في العالم, مع اعتماد المشروع الوطني من كافة الأحزاب والحركات, وبرنامج عمل وطني واحد يحافظ على وحدة الهدف والقضية 0الآن توجد فرصة تاريخية وبارقة أمل عظيمة لتطبيق اتفاق المصالحة لكي تتنفس فلسطين وشعبها الصعداء, وتتفتح أمامها نافذة المستقبل, وهذا يتطلب من القادة التطلع إلى المستقبل ودفن الأم الماضي ونسيانه, حتى نكون يدا واحدة شعبا وقيادة لمواجهة العدو الاسرائيلى إذا كان لديهم الإحساس بالمسؤولية, وبآلام شعبنا, والعمل بروح الفريق الواحد, وهكذا سيرتفع وطننا عاليا حيث سيرفعنا معه جميعا دون استثناء, وسيكفل لنا الرقى والازدهار 0
لذلك نأمل أن تكون البشرى هذه المرة صحيحة لأن الكل الفلسطيني يتطلع اليوم إلي مصالحة حقيقية, وعلينا أن نتمسك ببارقة الأمل هذه وإسنادها ودعمها من قبل جميع أبناء الشعب الفلسطيني, وعلى الشعب أن يتصدى لتلك الزمرة التي لاتريد المصالحة إذا حاولت إيقاف المصالحة كعادتها , لأنها لاتريد لنا أن يكون لنا موقعا بين الدول وان نضع أقدامنا على الطريق الصحيح, ونسلك طريق الوحدة والتكاتف ونكون جادين ومؤمنين في إنهاء الانقسام لبناء وطننا, والاتجاه جميعا إلى صناديق الاقتراع الرئاسية والتشريعية, وإعادة توحيد مؤسسات الوطن, وأعمار غزة, حتى يتفرغ الشعب لمواجهة العدو الاسرائيلى موحدا وملتفا حول قيادته لانجاز المشروع الوطني الفلسطيني0
--
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت