ما زال الحُـلم يراودهم معا ً..حسن وجدته ..هل ينتشلهما احد من الموت البطيء؟

غزة - وكالة قدس نت للأنباء
هل تعرفون ما هو الفقر المدقع, لا أريد الإجابة لغة ً أو اصطلاحا ً, ما أوده من فاعلي الخير المساعدة إن وجدت لحالة تعيش هذا الفقر, سأسرد لكم تفاصيل حياتها, لعل وعسى أن تجد تلك الأسرة من يتطلع إليها.

علمت اليوم بأن أسرة فقيرة تحتاج إلى مساعدة, فذهبت لأراها, في الطريق كنت أفكر هل تستحق تلك الحالة أن نسلط الضوء عليها, وماذا تحتاج من معونة, سمعت أنها تسكن في بيت ٍ للإيجار , فسألت نفسي إذا كانت بحاجة إلى من يمد لها يد العون ويساعدها, كيف تدبر وتدفع إيجار المنزل, لم أكن أعلم شيئا ً عنهم, حتى وصلت إلى بيتهم ... !

حسن .. كان أول من قابلته, عندما طرقت الباب, فتحه وابتسم, فقال لحظة ونادي على أمه , دخلت إلى البيت, فوجدت جدته امرأة كبيرة في السن تجلس على فرشة قديمة, رُغم عدم قدرتها على الحركة والكلام إلا أنها ابتسمت ورحبت بوجودي بينهم, نظرت حولي لم ألقى مكانا ً أجلس عليه سوى " كرسي" لأنني لم أرى عفش في البيت " خاوي " حاولت البحث في القاموس لأجد كلمة تصلح أن أستخدمها لوصفه فلم أجد, تجولت في المنزل بدأت بإلقاء النظرات هنا وهناك ,استغليت الغرف تراجعت ثم حدقت بها ثانية ً باستغراب شديد, تفتقر لمقومات العيش, لم أصدق ما رأته عيني, قلت في نفسي لعلي أرى شيئا في مكان ٍ ثان ٍ أو غرفة أخرى يصلح أن يستخدم, لم أشاهد أي شيء لا صالح ولا طالح .

كل شباك ينظر لمقابله ويقول له, لماذا نحن هنا ؟ فيرد عليه الآخر برد ٍ جميل لنستر تلك العائلة حتى يأتيها فرج ٌ قريب من الله.

في البيت ثلاث فرشات وحصيرة واحدة فقط , عدد أفراد العائلة خمسة, معادلة صعبة ثلاثة مقابل خمسة !

سألتهم لا يوجد عندكم خزانة لتحوي ملابسكم, قالوا: بعناها عندما توفي والدي لنتكفل بمصاريف العزاء, أرادوا ستر والدهم في عزائه, ويريدون الآن سترُ من الله العزيز ومنكم في حياتهم .

الجدة الكبيرة وحفيدتها وابنتها المطلقة مع أولادها من ضمنهم حسن, عائلة معقدة التركيب لا تحتوي على النوع الذكري إلا الطفل الصغير, لا يوجد رجل في المنزل ليساعدهم أو يحافظ عليهم .

في البداية استغربت أو صُدمت عندما شاهدت المرأة الكبيرة المريضة التي تعاني من أمراض ٍ عدة كالسكر, والضغط , هشاشة وارتخاء في العظام, تجلس على تلك الفرشة, لكن عندما اتضحت الأمور لدي, فهمت الحالة والوضع المأساوي, لم تلقى سرير تنام عليه لتريح جسدها المنهك المتعب الذي لا يتحرك منه سوى اليدين والرأس , كانت تتحدث معي وتبكي, حين سألتها ما هي أمنيتك في الحياة ؟ بدأت بإجابة الجميع يتمناها تحرير المسجد الأقصى وزيارتها له, أما الثانية كانت أمنية بسيطة وهي بيت مستور الحال , حتى لو ناموا على البلاط, أهون عليهم من مذلة صاحب المنزل لهم, وتهديده في كل فينة وأخرى بطردهم من هذا القفص المعدوم في حال لم يوفروا المبلغ المطلوب له, كما قالت .

بصوتٍ مبحوح ودموع ٍ متحجرة, تابعت قولها " حاولت أن أستر عائلتي بعد موت زوجي, لكي لا يحتاجون أو يمدون يديهم إلى أحد , لكن الزمن حال بنا, ولم نعد نقوي على مواجهته, نعيش نساء في منزل لا أحد يطرق الباب علينا ويونس وحدتنا, لا نجد من ينتشلنا ممن نعيشه, حينما بكت ورفعت يديها بدأت بالدعاء قالت يا الله يا كريم رزقك وعفوك وكرمك لنا, أملنا أن نجد أحد من أولاد الحلال أن يساعدنا ويتطلع إلى حالتنا التي يرثى لها من شدة الفقر, في الشتاء يغرق البيت والمياه تصب فوق رؤوسنا وكأننا نسبح فيه, أما الصيف حر شديد لا أحد يستطيع العيش ولا الجلوس في هذا المكان, وأنه غير صحي لأحفادي الصغار ولا يوجد به شي للاستخدام .

كنت أستمع إلى كلامها وأختطف النظر إلى حفيدتها, وعندما انتبهت إلى نظراتي إليها أخفضت رأسها وابتسمت ابتسامة حزينة وكأنها تقول " يا إلهي لماذا أنا هنا مدفونة في هذا الظلم ؟ لماذا نحن نعيش هكذا, متى سنخرج من عالم الفقر المذل إلى عالم بسيط نستطيع أن نتأقلم فيه........ ؟

استوقفتني حركات حسن الطفولية معي أتي جانبي, سألته عن اسمه وعمره وبماذا يفكر, أجاب .. اسمي حسن, عمري خمس سنوات, توقف قليلا عن الكلام ثم قال بصوت ٍ عال ٍ " لا أذهب إلى الروضة"
سألته لماذا؟ طردوني كانت إجابته, حاول أن يهرب مني فأمسكت بيده, لماذا طردوك يا حسن, قال طردوني... لأن أمي لا تدفع لهم الرسوم, رفعت رأسي فإذا عيني بعين والدته, قالت "لا نستطيع"
حسن ,,, أنا صاحبي في الروضة اسمه " محمد" زمان ما شفته, اشتقتله كثير, نفسي أرجع على الروضة لحتى أشوفه, وأتعلم وأسير كبير . " ما أجمل تفكير هذا الطفل وأحلامه الجميلة.

قلت له توقف يا حسن , أريد أن أسألك, تعال إلى هنا, ثم رجع إلى جانبي , في هذه المرة هو من أمسك بيدي, سألته ماذا تريد أن تقول لجدتك وأنت بجانبها وهي تبكي , ولا تستطيع أن ترسلك إلى الروضة , وحياتكم في هذا البيت غير أمن , وستطردون منه إذا لم تدفعوا المبلغ, توقفت عن الكلام ,, فقلت في نفسي ماذا أتحدث أنا كيف لطفل في هذا العمر يفهم ما أقوله , كنت أريد أن أساله بطريقة أبسط , فنظر إلى جدته وقال لها وهو يضحك " أن شاء الله بكرة بدنا نروح على دار جديدة وحلوة , خالتو بدها تعملنا إياها "

كلماتك قتلتني يا حسن, عذرا ً أيها الطفل الوديع البريء, يا ليت أملك بضع المال لأساعدكم أو أنقلكم لبيت ٍ جميل, لكن أملنا بالله أولا ًوبالناس الطيبة والخيرة كثير.
لا تيأس ,, ابقي مبتسما كما شاهدتك أول مرة,, ستجد من يساعدكم يا حسن .

لمن يهمه الأمر/ التواصل على هذا الرقم 0592116167

تقرير_ إسراء حسن أبو عودة