الى التجمع الثالث في فلسطين ... مجرد نصيحة

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي

من حق كل فلسطيني أن يعبر عن رأيه وموقفه في كل ما يجري على الساحة الفلسطينية ، ومن حق كل مجموعة أن تعمل على تشكيل تجمع يشترك أعضاءه في الآراء والمواقف وأن يعملوا وفق اجتهادهم على تغيير منكر موجود أو تعزيز فعل نضالي أو مقاومة أي فعل سلبي من شأنه الإساءة للشعب الفلسطيني وقضيته طالما أن كل تلك التحركات منسجمة مع القانون وتحتكم الى تحقيق المصلحة العامة .

ولعل ما قرأته حول فكرة التجمع الثالث التي أطلقتها مجموعة من الشخصيات الفلسطينية وفي مقدمتهم الدكتور طلال الشريف الذي وجدت فيه نمطا جديدا مغايرا عما هو سائد في أوساط التجمعات القائمة وهناك نقاط إيجابية تسجل لهذه الفكرة وكذلك بعض السلبيات ، أما الإيجابيات فهي طرح الفكرة عبر الشبكة العنكبوتية وكذلك الفيسبوك بشكل كامل وشامل للمناقشة بشكل مفتوح أمام الكل الفلسطيني سواء كان عضوا في التجمع أو لم يكن وكذلك إعلان القائمين عليه أن الجميع مدعو للإسهام بكل ما يتعلق بهذا التجمع وهذه خطوة متقدمة لم يسبقهم إليها أحد فقد كانت ولازالت العادة الفلسطينية في تشكيل التجمعات حيث يقوم شخص ومعه بعض حاشيته بتقديم كل ما يتعلق بالتجمع ويكون في العادة مفصل على مقاس المؤسس أو المؤسسين ثم يقومون بدعوة الآخرين للانضمام دون أن يكون الحق للعضو الجديد التدخل إلا إذا كان ذا وزن ومطموع فيه فيتم السماح له بطرح وجهة نظره من باب الشطارة في الاستيعاب ، أو عادة يكون المؤسس من ذوي السلطة والجاه أو يمتلك رأس المال ويلتف حوله المريدون طمعا في الاستفادة والأمثلة كثيرة ويلمسها كل مراقب للشارع الفلسطيني وهذا حق لهم ، أما فكرة التجمع الثالث فقد تميزت في بداياتها بطريقة مختلفة تماما وبغض النظر عن نجاح خطتها في الوصول لعدد المئة ألف عضو للانطلاق الفعلي أو لم تصل فقد سجلت سابقة عملية رائعة دفعت الكثيرين – حسب متابعتي لصفحتهم الخاصة عبر الفيسبوك – لمشاركتهم النقاش والتحليل في كل قضية يتم طرحها ،ولقد نجحت في ترسيخ أسلوب جديد يحترم عقول الجميع ولا يستثني أحدا من الشعب الفلسطيني بل قد – وهذا مطلوب – يدخل للنقاشات والتحليلات شخصيات مثقفة غير فلسطينية من الأشقاء العرب والمسلمين المنتشرين في كافة أصقاع الأرض كون الفكرة مطروحة على الشبكة العنكبوتية التي لا تعرف حدودا أبدا ، وهذا سيجعلهم يمتلكون حجما مهولا من الأفكار والاقتراحات تستوجب وجود جاهزية كاملة توازي هذا التحرك الكبير لدى القائمين وكذلك الصبر على الجمع بين الأفكار والمقترحات التي قد تتناقض في طرحها لأن العقول مختلفة والقضايا المطروحة معقدة ، وبقدر التوسع والانتشار يكون حجم المتناقضات والاجتهادات أكبر وأوسع .

وأما السلبيات التي لامستها لدى بعض المناقشين لفكرة التجمع فهي في الأساس حجم الهجوم الكبير وأحيانا غير الموضوعي على الفصائل الوطنية والإسلامية بأسلوب – أحيانا – يحمل طابع الاستفزاز وهذا خطأ كبير قد يقع فيه بعض أبناء هذا التجمع لأن البداية يجب أن تنطلق من منطلق حب الجميع وتقدير من تختلف معه وعدم إنكار تاريخ طويل أبدعت فيه كل الفصائل وقادت الفعل الوطني والنضالي وقدمت أغلى ما تملك من قياداتها وكوادرها وأبناءها شهداء على طريق الحرية واسترداد الكرامة الوطنية ، وإذا كان للفصائل بعض الأخطاء والاجتهادات الباطلة فهذا لا يعني الهجوم عليها وإنكار تاريخها ، وكذلك فإن الهجوم المباشر على الفصائل سيدفع أبناء تلك الفصائل للدفاع عن ذاتهم ويكون العناد والصدود عن مجرد الاستماع لما يطرحه التجمع من أفكار وهذا سيجعل التجمع في بداية مشواره في حالة صدام مبكر وهذا بالتأكيد لن يخدم الفكرة المطروحة للتجمع والتي تدعو لاستيعاب الجميع والاستماع من الجميع ، خاصة أن الكثير من أبناء الفصائل يبحثون عن البديل الأفضل وهناك أصوت تنادي بذلك ولكنهم في ذات الوقت يفخرون بما قدموه من خلال أحزابهم وفصائلهم .

الأصل في التجمع أن يستمع جيدا لكل الأفكار التي تصله وأن يعبر عن ذاته ويشرح أفكاره ويقدم النموذج الذي تنتظره الأغلبية من الشعب دون التعرض المباشر للآخرين ولعل اللغة العربية من أغنى اللغات وتحتوي على الكثير من المفردات التي يمكن من خلالها إيصال الفكرة ونقد الآخر دون استفزاز أو تجريح أو تحقير أو اتهام للمخالف ، لاشك أن النقد للواقع الحالي مطلوب والعمل على رفض الانقسام الأسود والإشارة الى المتسببين والمنتفعين منه ويجب فضح كل من يعمل على تأخير تحقيق المصالحة ولكن النقد المبني على معلومات صحيحة ودقيقة ، والأصل في العمل ليس إجهاد الذات في اتهام طرف بعينه بقدر إبراز البديل المطلوب وإيجاد حالة الضغط الشعبي حتى في حالة تحقيق المصالحة فإن الشعب الفلسطيني بحاجة الى حالة شعبية تراقب وتتابع تطور الأحداث وتعمل على فضح كل ممارسة سلبية من أي طرف وتكون حارسة للوفاق الفلسطيني ، وعمل بكل قوة لعدم السماح لأي طرف بتكرار ما حدث وحماية المستقبل الفلسطيني .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت