مع ساعات الصباح الأولى ليوم الخميس تنهمر قطرات الندى تغسل أوراق شجر اللوز وزهور الأقحوان ، ودموع الأمهات تنسكب عبر الأخاديد التي حفرتها هموم عشرات السنين على وجناتهن الطاهرة ، تنهدات الآباء تتصاعد من أعماق الصدور المثخنة بالأمل والألم، نظرات الأطفال الذين كبروا على سيرة إبائهم المشرفة ترنوا منذ صبيحة اليوم إلى الأفق بانتظار جثامين الشهداء الذين احتجزها الاحتلال منذ عشرات السنين بينهم شهداء عملية سافوي عام 1975 والعشرات من إبطال شعبنا الذين سقطوا على درب الحرية والعودة والاستقلال ، اليوم وبعد جهود مضنية على مدار سنوات طويلة وضغوط متواصلة كان أخرها التحركات التي رافقت الإضراب الأسطوري عن الطعام للحركة الأسيرة وما رافقه من تحركات يتمكن شعبنا من استعادة رفات العشرات من شهدائه المحتجزين بعد طول انتظار، اليوم يستقبل شعبنا بمهابة رسمية وشعبية كبرى جثامين هؤلاء الأبطال تلفهم الأعلام الفلسطينية التي سقطوا حاملين لوائها ، اليوم تستعيد عشرات العائلات ساعات حزن لم تفلح السنوات الطويلة بتغيبه رغم سنوات الاحتجاز الطويلة في مقبرة الأرقام ، اليوم يستعد والد الشهيد خميس جروان في نابلس لترميم قبر ولده جوار منزله حيث حفره بيده لحظة سماع استشهاده عام عام 2006، كما تستعد اليوم أيضا والدة الشهيد سامر حماد لتذرف بقايا من دموع الحنين التي حبستها على بقايا الرفات، واليوم يبر والد الشهيد العامودي في قطاع غزة بتقبيل عظمة كما قال من بقايا عظام ولده ،، اليوم تلبس فلسطين السواد حدادا على حزن متجدد على هؤلاء الشهداء الذين قدموا أرواحهم لأجل الوطن وكرامة أبنائه ، اليوم يسترد شعبنا عدد من شهداءه بعد أن حاول الاحتلال بساديته أن يقتلهم مرتين، لكنهم بقوا أحياء في قلوب شعبهم ينتظرهم بشغف ليواريهم الثرى بشكل إنساني كاب يليق بهم ، بقوا أحياء في قلوب أمهاتهم اللواتي صح بهن قول الشاعر ( أجمل الأمهات التي انتظرت أبنها وعاد مستشهدا فبكت دمعتين ووردة )، تحية للأمهات والآباء والأبناء الذين انتظروا أبنائهم الشهداء وهم يتحررون اليوم من مقابر الأرقام وتحية لشعبنا الوفي الذي لابد وان يستقبلهم بمهابة ويشيع جثامينهم بكرامة يستحقونه بكل تأكيد.
*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت