تأسس في 18/5/2012م
اليوم نرسل لكم الرسالة الثانية للتجمع الثالث ليطلع عليها من فاتته فرصة متابعة الحوارات الجارية على صفحة التجمع، وفي سياق الرسائل سنطلعكم على كل مساهمات الفلسطينيين بشأن الرؤية والأهداف وللتذكير بدوافع انطلاق هذا التجمع الشعبي الاحتجاجي الضاغط على المنقسمين للرضوخ لإرادة الشعب الفلسطيني واستعادة حقه المستحق منذ عامين ونيف في انتخاب قيادته وممثليه التي صادرها المنقسمون وأدخلوا شعبنا في زوايا ضيقة شخصية وحزبية مقيته قد تودي بالمشروع الوطني الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني في مرحلة خطيرة على قضيته ومستقبله، وعليه استخلاص العبر وإطلاق الربيع الفلسطيني للتغيير بطريقته السباقة دائما .. لقد جلست الأحزاب والفصائل الفلسطينية ردحا من الزمن على صدر الشعب الفلسطيني حتى أوصلته لحالة من أخطر حالات التاريخ والتي قسمت ظهره كما قسمت وحدته وفي مثل هذا المنعطف الخطير الذي يطيح بالقديم، دائما وحتما يولد الجديد .. فهل نرى الجديد بعنفوان الشباب لطي صفحة أحزاب فاشلة وفاسدة لم تنقل شعبنا خطوة واحدة للأمام، وعلينا واجب وطني وأخلاقي للسعي لتوحيد هذا الوطن ..
في اعتقادنا أن هذه هي مهمة كل فلسطيني، نعم نقول في التجمع الثالث في فلسطين وفي سياق استكمال العدد مائة ألف عضو للنزول للشارع والميادين كقوة ذات وزن وحجم مؤثرين ومعهم الشعب الرافض للعبث بإرادته وقضيته ومتطلبات حياته الحرة والكريمة وللتذكير فقد بدأنا منذ الدقيقة الأولى لإطلاق "التجمع الثالث في فلسطين" التساؤلات والحوار عبر الشبكة العنكبوتية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وعلى الهواء مباشرة لكل من يدخل صفحة التجمع فإن اقتنع بالفكرة يصبح عضوا في التجمع، وهذا هو الجديد الذي رسخ في قناعتنا بعد فشل كل محاولات شعبنا المتفرقة في إنهاء حالة الانقسام والصفحة مفتوحة لكل الفلسطينيين للمشاركة من هو راغب في عضوية التجمع ومن لا يرغب ويقدم النقد والأفكار. في هذه الرسالة سوف نقدم لكم مساهمة الأخوين محمد أبو مهادي والأخ ماجد كيالي ونتبع في رسائلنا مساهمات أخرى للأخ عماد الفالوجي والأخ محمد مشارقة والأخت إكرام زيادة والأخ بسام جودة والأخ مهند عبد الحميد و طلال الشريف وإخوة آخرين ساهموا بالحوار على صفحة التجمع:
مسودة أولية تقديم محمد أبو مهادي
التجمع الثالث في فلسطين
نحن أبناء الشعب الفلسطيني، المؤمنين بهدف التحرر الوطني والاستقلال، الطامحين في مجتمع تسوده قيم الحرية والعدالة الاجتماعية وتصان فيه حقوق الإنسان في ظل توافر ظروف العيش الأمن والكريم ، وثقافة وطنية تستند إلى احترام الآخرين من مختلف المعتقدات والأعراق، والعمل على تطوير المواطن الفرد من منطلق الإيمان بأن المواطن قادر على الإبداع الخلاق وإنتاج الكثير مما يحتاجه مجتمعه على طريق البناء والتحرر.
إننا نؤمن بأن هدف التحرر الوطني والاستقلال وبناء المجتمع الذي تسوده قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، لا يمكن تحقيقه في ظل حالة التشظي والتجزئة السياسية التي فرضتها صراعات فئوية، وقادتها ونظّرت لها مجموعة من الفصائل أوصلت الجميع إلى مراحل صعبة الاحتمال، وفرضت واقعاً مريراً يتقاطع مع الواقع الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي على مدار العقود المنصرمة.
واستكمالاً للتحركات الشعبية التي خاضها الشباب الفلسطيني في مواجهة الانقسام، وتعزيزاً لهذا الجهد الوطني الحريص، فقد قمنا بعدة محاولات سابقة من أجل إنقاذ الحالة الفلسطينية الراهنة، إلا أن هذه المحاولات قد جرى قطع الطريق عليها بوسائل مختلفة، وقد رأينا أن واجبنا الوطني يحتم علينا استكمال ما بدأنا به من جهد، على أمل أن يتطور هذا الجهد ليصل ذروته بجهود كل المخلصين من أبناء شعبنا، وكل الرافضين لممارسات قادة الانقسام والمتضررين من سلوك الفصائل الفلسطينية الذي يعيد كل مرة وجهاً جديداً لهذا الانقسام حتى في ظل تنفيذ ما عرف "باتفاق المصالحة".
إننا نؤمن بأن الشعب الذي يستحق الاستقلال يجب أن يصنعه، ويقاتل من اجله، في نفس الوقت نؤمن أن الجماهير الفلسطينية يجب أن تتوحد في الدفاع عن نفسها ومصالحها وحقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية عبر المشاركة الفاعلة في تقرير مصيرها، والخروج من حالة الصمت السلبي إلى حالة الحراك الواسع سواء كان هذا الحراك داخليا باتجاه إعادة البناء وتطوير النظام السياسي وخلق التوازن المطلوب لعملية التغيير، أو كان كفاحياً نحو الخلاص من الاحتلال وتحقيق الاستقلال التام في ظل دولة فلسطينية ذات سيادة على أرضها وبحرها وسمائها وحدودها.
وعليه فإننا نطرح هذه المبادرة كنواة للتجمع الثالث في فلسطيني لحشد الطاقات الفلسطينية وتجميعها في إطار جهد مشترك وعلني ومفتوح أمام كل الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم يساهمون فيه كل حسب طاقته والمجال الذي يمكنه الإبداع فيه بعيدا عن الصالونات المغلقة وثقافة الكولسة التي تم ترسيخها خلال الأداء المتردي للفصائل الفلسطينية، تجمع يرفض كل أشكال التعصب الفئوي والجهوي والجغرافي والأيدلوجي، ويحترم عقول الناس ويدافع عن اجتهاداتهم المتنوعة وحقهم في المشاركة السياسية وإر ساء قواعد العمل الديمقراطي الشفاف والمسئول والتعددية السياسية، طامحين إلى الشراكة مع أكثر من مئة ألف فلسطيني راغبين في إحداث التغيير المنشود.
الهدف العام للتجمع الثالث في فلسطين
إخراج الشعب الفلسطيني من حالة الإحباط والارتباك الناتج عن الانقسام السياسي وإحداث التوازن السياسي المفقود للوصول إلى التغيير الايجابي الساعي للاستقلال الوطني والخلاص من الاحتلال.
طريقنا للهدف العام
حشد الجماهير الفلسطينية للتعبير عن قضاياها ومطالبها عبر وسائل العمل السلمي المختلفة بما فيها استخدام الوسائل التقنية التي تكفل حق المشاركة المتساوية لكل من يقتنع بفكرة التجمع الثالث في فلسطين.
وجهتنا
حيث يكون المواطن شريكاً حقيقياً في صناعة مستقبله وتأمين حقه في الحياة والعمل والسكن والتعليم والصحة والرأي والتجمع وقبل كل ذلك حقه في أن يعيش حراً كريما بعيداً عن أي شكل من أشكال الاستعباد ومصادرة الحقوق.
خاتمة
إن ما سبق لا يعد وصفة جاهزة مكتملة، ولكنها رؤية لا زالت قيد النقاش المفتوح قابلة للتعديل والتطوير من مساهمات مختلف أعضاء التجمع.
رؤية سياسية للنقاش مقدمة من الزميل الكاتب ماجد كيالي
إعلان مشروع تأسيس
رؤية سياسية فلسطينية جديدة
*مدخل:
شكّلت حركة التحرر الفلسطينية مرحلة تاريخية مهمة في صياغة واستنهاض وطنية وهوية وكيانية الفلسطينيين، في وجه محاولات التغييب والإلغاء، التي تعرض لها هذا الشعب، نتيجة اقتلاعه من أرضه (1948)، بفعل المشروع الصهيوني، وفي مواجهة واقع المنافي والاحتلال، والحرمان من الهوية والوطن.
وفي ضوء ذلك كله استطاع الشعب الفلسطيني ان يستعيد حضوره وان يصنع وحدته على الرغم من عدم تواصله الجغرافي. وكان لنضال هذا الشعب دور كبير في اثارة علامات شك حول اسرائيل ومبررات وجودها، وكشف طابعها كمشروع استعماري عنصري، وفرض قضية فلسطين على الأجندة العربية والدولية. وفوق ذلك استطاع هذا الشعب ان يفرض وجوده كلاعب أساسي في المنطقة، ما يشكل أحد أهم المنجزات الوطنية، بعد تجربة اللجوء والشتات.
لكن هذه الحركة، وبحكم تعقّد الظروف الموضوعية والذاتية، لم تستطع تحقيق مهماتها الوطنية (التحررية والبنائية) المنوطة بها، بشكل الناجز. وهي تبدو، بحكم ترهّل بناها وتآكل دورها، غير قادرة على صون المنجزات التي حققتها، بل إنها بجمودها وإصرارها على الاستمرار ببناها وطرق عملها وعلاقاتها السائدة، تهدّد ذاتيا بتبديد التضحيات التي بذلها الشعب الفلسطيني، طوال أربعة عقود.
لقد تضاءلت كثيرا قدرة هذه الحركة في مجال الصراع ضد إسرائيل، ومقاومة سياساتها العنصرية والعدوانية والاحتلالية. وثمة ارتهان كبير لعملية التسوية التي فقدت معناها، وجدواها، بعد ان بات واضحا رفض إسرائيل لها، من الناحية العملية، بإمعانها في الاستيطان والتهويد وبناء جدار الفصل العنصري وإضعاف كينونة الفلسطينيين في الأرض المحتلة، بالإضافة إلى عدم توافر المعطيات الدولية والعربية الملائمة لفرض التسوية.
أما المؤسسات الجامعة للشعب الفلسطيني، أي منظمة التحرير (والفصائل) والسلطة، والمنظمات الشعبية، والمؤسسات الكيانية، فباتت في حالة تراجع، بسبب فقدان فاعليتها، وضعف إمكانياتها، وتخلف إدارتها وتضاؤل التفاف الناس حولها.
نحو هدف وطني موحِّد:
إن حال الضياع التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والتعقيدات التي استجدت على المستوى الإقليمي والدولي، وعدم نجاح حركته الوطنية في خياراتها السياسية، والتباس صورة قضيته دوليا (وحتى عربياً، وذاتياً)، واستعصاء حل الدولة المستقلة، بسبب إصرار إسرائيل على استمرار الاحتلال واغتصاب الحقوق، مستغلة الخلل في موازين القوى والمعطيات الدولية والعربية والدعم الأمريكي.
إن كل ذلك بات يفرض إعادة صوغ هدف وطني موحِِِّد، يعيد للقضية اعتبارها كحركة تحرر وطني، تكافح ضد الاستعمار والاستيطان والإحلال، وكل سياسات إسرائيل العنصرية والعدوانية والوظيفية. هدف يسهم ببلورة رؤية سياسية تعزز وحدة الفلسطينيين، وتعبر عن تطلعاتهم الآنية، وحاجات تطورهم المستقبلية.
ولأن الحلول المطروحة غير قادرة على معالجة الأسباب العميقة للصراع، ولأن خيارات المواجهة غير قادرة على تحقيق الانجازات الوطنية المطلوبة والممكنة، فإن أي رؤية سياسية، يجب ان تنطلق من الحفاظ على وحدة الشعب، فهو صاحب الحق وغايته، وهو ما يجب ان تعود اليه السياسة، بوصفه هدف أي سياسة، ومغزى أي انجاز، وليس مجرد وسيلة من اجل انجاز الأهداف. فالبشر هم الهدف النهائي للسياسة، وليسوا محرقة لها. وعلى هذا الأساس فإن السياسة الموحدة للفلسطينيين يجب ان ترى الهدف الوطني في الأرض الفلسطينية ارتباطا بالشعب الفلسطيني، حيث الحرص على الشعب لا يقل أهمية عن الحرص على الأرض.
في هذا الإطار، مثلا، ما عاد التشبث بخيار الدولتين الذي تم تبنيه منذ 34 عاما مسألة عملية خصوصا في ظل الوقائع التي تفرضها إسرائيل، والتي لا تقود إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع المحتلين منذ عام ,1967 فضلا عن ان ذلك لا يفترض حلا عادلا لقضية اللاجئين، ولا يفتح أفقا سياسيا مستقبليا، يتم عبره ملاقاة فلسطينيي ,48 علما أن الشعب الفلسطيني قدم الكثير من التضحيات، والعديد من التقديمات السياسية في سبيل هذا الخيار، من دون أن يجد إلى ذلك سبيلا.
إن هذا الوضع يفترض من الفلسطينيين طرح تحدي تسوية الصراع في بعده الفلسطيني ـ الإسرائيلي، على المجتمع الإسرائيلي، وعلى العالم، بالتحول من حل الدولتين إلى حل الدولة الواحدة، ومن الصراع على أساس الإفناء أو الإلغاء المتبادل، إلى الصراع من اجل التعايش المشترك، على أسس إنسانية وديمقراطية وعلمانية، تنفي الطابع العنصري والاحتلالي والهيمني في علاقات الفلسطينيين والإسرائيليين، وعلى أساس المساواة الكاملة في الحقوق الفردية والجماعية؛ وبما يكفل للشعب الفلسطيني رفع الجور التاريخي عنه، وحصوله على الحقوق التاريخية، التي ضمنتها له الشرائع الدولية والإنسانية، بوصفه شعب من حقه أن يحظى بالحقوق الجماعية والفردية التي يحظى بها أقرانه في العالم اليوم.
ان حل التعايش في دولة واحدة يكفل تذويب مختلف الجوانب الرمزية والحادة في الصراع ضد المشروع الصهيوني في بعده الفلسطيني ـ الإسرائيلي (اللاجئون، الحدود، القدس، الاستيطان)، الذي هو جوهر الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ويضمن بقاء أساس وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة أرضه التاريخية.
وفي هذا الإطار ليس المطلوب من هذه الرؤية المصادرة على أي خيارات تاريخية يمكن أن تجد حلا للصراع، كما ان طرح هذا الخيار لا ينفي ولا يقطع مع أي خيارات تمهد له، او أي خيارات تدرجية او توسطية، تصل إليه، كهدف إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع مثلا. وبغض النظر عن إمكان تحقيق ذلك (بشكل او بآخر)، من عدمه، فإن هذا الهدف يحتاج، أيضا، إلى أفق سياسي أوسع، ورؤية استشرافية، تأخذ في اعتبارها التطورات الموضوعية والمستقبلية، عندنا وعندهم. خصوصا أن قيام دولة مستقلة لا يحل مختلف مظاهر الصراع في بعده الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا يحل قضية اللاجئين، كما انه لا يفتح أفقا لمستقبل مشترك مع فلسطينيي ,48 فضلا انه لا يسهم تماما في حل مشكلة إسرائيل كدولة يهودية (دينية) عنصرية وعدوانية ذات دور سياسي وظيفي، بحكم علاقتها الإستراتيجية بمشاريع الهيمنة الأميركية في المنطقة.
بناء على ذلك فإننا نعتقد أن خيار الدولة الواحدة (الديمقراطية والعلمانية) هو الحل الأصوب والأمثل، والأقل تكلفة للطرفين، قياسا على الصراع ألإفنائي والإلغائي المتبادل. وهو الذي يخلق المجال لنضال مشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضد الطابع الغيبي/ الديني والعنصري والعدواني لهذه الدولة. كما نؤكد أن أي خيار وطني لا بد ان يتأسس، وأن يقود، إلى تقويض الطابع الصهيوني/ الاستيطاني والعنصري والوظيفي لإسرائيل في المنطقة العربية.
إن هذه الرؤية تنبي على تحرير اليهود من الادعاءات الصهيونية العنصرية والخرافية والاستعلائية، وتحرير اليهود الإسرائيليين من هيمنة الخطابات والمؤسسات الاستعمارية والاستيطانية والأمنية، لشق طريق نحو تعايش سلمي ديمقراطي، في دولة واحدة، تقوم على المساواة الكاملة بين الأفراد والجماعات.
أما بالنسبة إلى قضية اللاجئين وحق العودة فإن هذه الرؤية تفترض إخراج هذه القضية من دائرة التجاذبات والتوظيفات السياسية الداخلية والإقليمية، وعدم اعتبارها مجرد قضية أمنية، والتعامل معها في إطار الحقوق الفردية والإنسانية، والانتماء لأمة عربية، إضافة الى كونها أساسا قضية مدنية/فردية، وقضية حقوق جماعية، مع التأكيد على ضرورة احترام إرادة اللاجئين أنفسهم، وإيجاد توسطات او تمثيلات ملائمة لهم في إطار العملية الوطنية، البنائية والتحررية.
وبالنسبة إلى فلسطيني 48 فإن رؤيتنا هذه تنظر بعين التقدير للتجربة الغنية التي يخوضها هذا الجزء من الشعب، وفق ظروفه ومعطياته الخاصة، وهي تجربة أثرت التجربة الوطنية الفلسطينية. لذلك فهي رؤية تبنى على التطلع إلى مستقبل مشترك، يتم من خلاله إعادة الاعتبار لمفهوم الشعب الفلسطيني كشعب واحد.
فوق ذلك كله فإن هذا الحل يستوعب، ويتساوق، مستقبلا مع مجمل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المنطقة العربية، خصوصا في المشرق العربي، بما في ذلك التجاوب مع إمكان توحد او اندماج كياناتها السياسية، على أساس المصالح المشتركة والمتبادلة، وبالسبل الديمقراطية والسلمية المنبثقة من إرادة الناس والمجتمعات في هذه المنطقة.
ولا شك في أن هذا الحل الوطني والإنساني والديمقراطي للصراع في المنطقة، يفترض إدخال تغييرات على بنية الحركة الوطنية الفلسطينية وعلاقاتها الداخلية وأشكال نضالها.
في أشكال النضال:
طوال العقود الأربعة الماضية قدم الشعب الفلسطيني تضحيات كبيرة لكنها لم تترجم إلى انجازات مستدامة وعميقة، بسبب تكلس الحركة الوطنية، وطريقة قيادتها، واتسامها، على الأغلب، بالمزاجية والتجريبية والعفوية والفردية، ما ضيع الكثير من التضحيات، وبدد العديد من المنجزات المتحققة. ففي كثير من المراحل والمحطات دخلت هذه الحركة في تجاذبات إقليمية، وفي صراعات جانبية لا تخدم العملية الوطنية. أما النضال ضد العدو، فقد اتسم غالبا بنزعة فوضوية وتجريبية وعاطفية، ولم يخضع لحسابات سياسية إستراتيجية، من ضمنها حسابات الجدوى، والاستثمار السياسي، وإثارة التناقضات في المجتمع الإسرائيلي، وجلب التعاطف على الصعيد الدولي.
إن الرؤية السياسية الجديدة تؤكد ترابط النضال البنائي (بناء الكيانية الوطنية)، بما في ذلك بناء الحركة الوطنية ومؤسساتها، مع النضال الوطني التحرري ضد مختلف التجليات الإسرائيلية العنصرية والعدوانية والاحتلالية والإحلالية.
إن هذا النضال الطويل والمعقد يحتاج إلى جهد الجميع، ويجب أن يتسع ليشمل الشعب كله، في الأراضي المحتلة وخارجها، بمعنى انه لا يقتصر على شكل بعينه، بل انه يمتد من النضال السياسي إلى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. وعلى هذا الأساس يجب أن تعود القضية النضالية إلى الشعب الذي يحدد أشكال نضاله، بدلا من بقائها في عهدة مجموعة من المحترفين والمتفرغين. ولقد كان من مفارقات العمل الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني بات يعتمد على حركته الوطنية بدلا من أن تعتمد هذه الحركة عليه.
ان هذه الرؤية تتوخى إعادة الاعتبار لمفهوم المقاومة الشعبية بجميع أشكالها ومستوياتها، التي أرست أسسها الانتفاضة الكبرى الأولى، ولمختلف مظاهر النضال المدني الديمقراطي الذي يخوضه شعبنا في مناطق 48 ضد العنصرية، ومن أجل الدفاع عن حقوقه المدنية/ الفردية، وحقوقه بوصفه مجموعة قومية (جزء من الشعب العربي الفلسطيني) في مجال الهوية والكينونة والسلام، ونزع الطابع العنصري والاستعماري والعدواني عن إسرائيل.
إن إعادة الاعتبار للمقاومة الشعبية، يمكن من إعادة بناء حركتنا الوطنية على هذا الأساس، ويعمق ارتباطها بالشعب، وينمي الروح المؤسسية الوطنية والتعددية والديمقراطية فيها. وهذا لا ينتقص من شرعية المقاومة المسلحة المنظمة والموجهة ضد مظاهر الاحتلال الاستيطانية والعسكرية في الأراضي المحتلة عام ,1967 والتي تتوافق مع معطيات الشرعية العربية والدولية، ومع التطورات التي تفرضها العملية الوطنية، وضرورات الدفاع عن الذات، ومواجهة عنف الاحتلال، والتي تمكن من فسح المجال أمام تصاعد النقاش الداخلي في المجتمع الإسرائيلي حول جدوى الاحتلال والاستيطان في هذه الأراضي.
حول الأشكال السياسية وإعادة البناء
إن هذه الرؤية تنطلق من ضرورة مراجعة الحركة الوطنية لبناها وأشكال عملها وعلاقاتها الداخلية وأشكال نضالها.
إن تدهور حال الحركة الوطنية، على مستوى المنظمة والسلطة والفصائل والمنظمات الشعبية والمؤسسات الجامعة، بات يتطلب إعادة صياغة المشروع الوطني، يما يؤدي إلى إعادة بناء الحركة الوطنية، على أسس ومعايير:
ـ وطنية، ذات صلة بالقدرة على إنجاز العملية الوطنية التحررية، بمعزل عن الحسابات والتجاذبات والتنافسات الفصائلية الضيقة.
ـ نضالية، منزهة عن علاقات المحسوبية والزبائنية، ومرتبطة بالقدرة على حمل مهام الشعب الفلسطيني، البنائية والتحررية.
ـ مؤسسية، تستطيع توظيف العقل الجماعي الفلسطيني من خلال المؤسسات التي يجب أن تشكل المرجعية، بعيداً عن المزاجية والعفوية والتجريبية والآنية.
ـ ديمقراطية، وتمثيلية، تعيد لهذه الحركة روح التنوع والتعددية، النوعية، البعيدة عن التعددية الكمية، والمستندة لمعايير التمثيل النسبي، في كل المجالات.
ـ شاملة، تستوعب مختلف التجمعات الفلسطينية، وتنظم طاقاتها، مع مراعاة التباين في الظروف والأولويات، مثلما تستوعب الأفراد والمجموعات، وتؤطر عملهم في صيغ تمثيلية، تعزز المشاركة الديمقراطية والتنوع في الحركة الوطنية.
كان على الحركة الوطنية الفلسطينية، منذ زمن بعيد، أن تراجع تجربتها وتنتقدها، لتعزز من وضع قضيتها (لا من أجل جلد الذات)، وما زالت هذه المراجعة ضرورية وملحة، لإعادة وضع القضية والشعب والحركة الوطنية على سكتها الصحيحة، وإخراجها من دائرة الخطر..
لقد باتت الحركة الوطنية بحاجة ماسة إلى استعادة طابعها كحركة للشعب الفلسطيني كله. لذا فإن مسألة التغيير تقع على عاتق كل القوى الوطنية الحية والمسئولة في الشعب الفلسطيني، من داخل المنظمة ومن خارجها، داخل الفصائل وفي إطار المجتمع الواسع، أفرادا وجماعات، إنها مسؤولية الجميع..
إننا ونحن نتقدم بهذه الرؤية الجديدة التي شارك في صوغها عدد من الكتاب والناشطين المعنيين بالفكر السياسي، والمشغولين بالهم الوطني، في كافة أماكن وجود شعبنا الفلسطيني، في محاولة لوضع القضايا الرئيسية في موقعها الحقيقي، فإننا نطرحها للنقاش العام.. لعل ذلك يسهم في الخروج من دائرة التدهور، ومن إسار الاستعصاء الوطني المزمن، ويفتح الأمل على غد أفضل، ومستقبل واعد.
* هذا نص مشروع طرح في تموز 2008 ونوقش في عديد من الصحف في الأيام الفلسطينية وفي السفير والنهار والبيان والحياة في الخارج
** في نهاية رسالة التجمع اليوم نذكر بأن التجمع هو حراك جماهيري مطلبي وسيتحول ببنائه المتين للمشاركة السياسية في حال نجاحه في مهمته، وبعد التوافق بين أعضائه. وسيتواصل الحوار لوضع برنامج وأهداف ورؤية التجمع في حال المشاركة السياسية، والعمل جار على تكوين تجمع شعبي يصل عدده المائة ألف عضو للنزول للشارع.
3/6/2012م
[email protected]
[email protected]
[email protected]
صفحة التجمع عالفسيبوك
http://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=238785672903437&id=228967033885301&ref=notif¬if_t=like
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت