ليلى خالد رمز النضال الفلسطيني

بقلم: جادالله صفا


لا اعتقد ان هناك من لا يسمع بليلى خالد الذي اقترن اسمها بالعمليات الخارجية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ نهاية عقد الستينات، ليلى هي تلك الشابة الفلسطينية التي ارادت بمحض ارادتها ان تكون بصفوف الثورة الفلسطينية وبالمواقع الامامية بمواجهة العدو الصهيوني الذي سلب منها ومن الشعب الفلسطيني ارضه فلجئت الى مخيمات الشتات، فأبت ليلى الا ان تذهب الى حيفا برا او بحر او جوا، فكان لها الجو لتحلق بسماء مدينتها التي وقعت بايدي العصابات الصهيونية عام 1948.

التقيت ليلى خالد ببيتها بالاردن يرافقني احد اقاربي المقيم بالاردن، وبعد انتهاء الزيارة وعلى مدار يومين وجهت لقريبي نفس السؤال اكثر من 30 مرة، هل حقيقة اننا كنا مع ليلى خالد؟ وهو مصاب بالذهول وانا احاول ان اقنع نفسي انني لم احلم ولم اكن بالخيال، كنت بالواقع امام فلسطينية يعرفها العالم اجمع دخلت التاريخ من اوسع ابوابه من اجل فلسطين، كانت هي المرة الاولى التي التقي بها بشخصية فلسطينية مناضلة بهذا المستوى، الكثيرون الذين يتمنون ان يلتقوا ليلى خالد او ان يشاهدوها من خارج محطات التلفزة او اليوتوب، لان اللقاء مع ليلى هو اللقاء مع الوطن والمقاومة.
لن اخص مقالي هذا عن تاريخ ليلى ودورها النضالي، لانني بالواقع غير قادر ولن اتمكن من اعطاء هذه المناضله حقها بالكتابة، ليلى فلسطينية فريدة من نوعها.
دعوة ليلى للمشاركة بنشاطات دولية لها علاقة بالموضوع الفلسطيني والتضامن مع الشعب الفلسطيني بنضاله العادل، يعبر بالاساس عن اولا ان الخط الثوري والسياسي الذي تمثله ليلى ما زال يحظى بتقدير واحترام القوى الداعية والمنظمة للنشاط، وثانيا ان وجود ليلى له معاني سياسية بهذه المرحلة بالذات التي تشهد بها القضية الفلسطينية سياسة تموهية واوهام تحاول بعض القوى والافراد زرعها بعقول البشر، يوهمون البشر باننا امام مرمى حجر لتحصيل الحقوق الفلسطينية، ليلى تنقل االقضية الفلسطينية بطريقة اخرى اكثر مصداقية واكثر واقعية.

ان تتحرك القوى الصهيونية ضد ليلى خالد لزيارتها لهذه الدولة او مشاركتها بهذا النشاط او ذاك ليس مفاجأه، وهذا التقدير محسوب عند الجهة الداعية والقائمة على النشاط، فالحركة الصهيونية من خلال مؤسساتها وممثليها تعمل جاهدة من اجل تشويه النضال الفلسطيني ورموزه امثال ليلى وغيرها من خلال لصق اسمائهم بالارهاب ووصف النضال الفلسطيني ايضا بالارهاب، والتنكر للحقوق الفلسطينية، وهذا طبعا حصل بالبرازيل عندما شاركت ليلى بنشاطين الاول بالمنتدى الاجتماعي العالمي الخامس الذي عقد بمدينة بورتو اليغري البرازيلية عام 2005، والثاني مشاركتها باللقاء الاول للتضامن مع الشعب الفلسطيني نهاية العام الماضي والذي عقد بمبادرة من حركة بدون ارض البرازيلية ومشاركة العديد من القوى البرازيلية والعربية والفلسطينية.
اما ماذا عن الجانب الفلسطيني والعربي؟ والذي هو دفعني للكنابه، كيف تعاطى الجانب الفلسطيني والعربي مع زيارات ليلى خالد للبرازيل؟

مشاركة ليلى خالد بالمنتدى الاجتماعي العالمي الخامس المنعقد بمدينة بورتو اليغري البرازيلية عام 2005 اثار عدة مواقف لفلسطينين بين مؤيد ومعارض لهذه الزيارة، الذين عارضوا الزيارة هم السفارة الفلسطينية واتحاد المؤسسات الفلسطينية ومن التف حولهم بتلك الفترة، فالسفير الفلسطيني فسر حضور ومشاركة ليلى بالمنتدى بانه سيرفع من وتيرة الهجوم على الفلسطينين ووصفه بالارهاب، لان ليلى لها علاقات بالعمليات الخارجية واختطاف الطائرات وان ماضيها غير مخفي وواضح، اما الموقف الاخر الذي تبناه رئيس الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية سفير فلسطين الحالي بفنزويلا، واتفق معه بعض الاطراف بالجالية الفلسطينية على دعوة شخصيات فلسطينية مواقفهم السياسية تتعارض كليا مع خط ورؤية ليلى خالد وان مشاركة ليلى بالمنتدى مطلوب اتفاق بين الاطراف الفلسطينية بالبرازيل، حيث اتفقوا بان يتم استبدال ليلى باخرين، وهذا الاتفاق جاء تحت مسمى العمل المشترك والوحدوي للجالية، فانتصرت ليلى بموقفها وخطها الثوري والمقاوم، وشاركت بالمنتدى الاجتماعي العالمي وبدعوة رسميه مع تغطية كل تكاليف رحلتها واقامتها كاملة، وبنشاطها كانت كل امريكا اللاتينية معها.

اما زيارتها الثانية للبرازيل جاءت تلبية لدعوة للمشاركة باللقاء الاول للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكان حضورها المميز قد اثار حفيظة الحركة الصهيونية، وبمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني شاركت ليلى ببعض النشاطات التضامنية الاخرى، فالقت كلمة ببرلمان ولاية ساوبولو اكبر الولايات البرازيلية واهمها واكثرها تاثيرا، وكلمة اخرى ببرلمان ولاية برازيليا الذين احيا مناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، والملفت للنظر ان اثناء وجود ليلى ببرازيليا العاصمة حيث تم اعلام القائمين بالسفارة الفلسطينية ببرازيليا بزيارة ليلى للسفارة ، فما كان من المسؤولين بالسفارة الفلسطينية الا مغادرة السفارة واغلاق هواتفهم النقالة، مما حال دون توجه ليلى للسفارة وحتى هذه اللحظة لم تعطي السفارة اي توضيح حول هذا التصرف.

البرازيل وفلسطين منهمكات بالتحضير للمنتدى الاجتماعي العالمي – فلسطين حرة، فستشهد البرازيل نهاية العام الحالي تظاهرة عالمية مميزة ونوعية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية الغير قابلة للتصرف، ففي ظل هذا الحراك تخرج بعض الاصوات تطالب بعدم دعوة ليلى للمنتدى، واخرون يرون بتوجيه الدعوة للرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر للمشاركة بالمنتدى، بان حضوره سيسلط الاضواء على المنتدى، وسيكون للمنتدى صدى اعلاميا على الصعيد الدولي، بالواقع هذا الطرح يصب باتجاه تفريغ المنتدى من مضمونه الوطني، فما معنى منتدى عالمي مناصر لفلسطين بدون مشاركة الخط الثوري والمقاوم الذي تمثله ليلى خالد؟ وماذا سيقدم كارتر لفلسطين بمنتدى لا يشارك به الا القوى اليسارية والتقدمية العالمية المصطدمة اساسا مع الامبريالية والصهيونية؟ وهل حركة السلام الان التي لا تعترف بالقدس عاصمة فلسطينية ولا تعترف بحق العودة للاجئين الفلسطينية ستعيد النظر بموقفها من تنكرها للحقوق الفلسطينية؟ ومن جانب اخر تعمل بعض الاطراف والقوى على ضم احد الاتحادات العمالية البرازيلية والتي تربطها علاقات مع الهستدروت لضمها الى اللجنة التحضيرية البرازيلية للمنتدى، قي ظرف تتوسع فيها حملة المقاطعة للكيان الصهيوني، فما زالت نفس الاطراف المشبوه والمشكوك بوطنيتها تمارس سياستها العفنة باسم المؤسسات الفلسطينية بالبرازيل لفك العزلة عن الكيان الصهيوني، فلا اشك اطلاقا والقوى البرازيلية تشاركني الرأي بان الصهيونية وحلفائها لن يكونوا جزءا من اللجنة التحضيرية للمنتدى، وهنا لا بد الا ان ارمي اتهاماتي الى اتحاد المؤسسات الفلسطينية المطبع مع المؤسسات الصهيونية بالبرازيل وبعلم السفير الفلسطيني بكل هذه التفاصيل.

عندما ترى ليلى فانت ترى فلسطين، ووجود ليلى بالمنتدى هو وجود للثوابت الوطنية الفلسطينية، وجود للخط الوطني والثوري الفلسطيني، وجود ليلى هو تاكيد على فلسطينية حيفا ويافا واللد والرملة وصفد وعسقلان وبئرالسبع ورام الله ونابلس والخليل وغزة، وجود ليلى يؤكد على تمسك الفلسطينيون بحق العودة للاجئين الى ديارهم التي شردوا منها، فليلى هي الوطن هي فلسطين، فكما قال احد الاطفال على صفحة الفيس بوك: "بين نهر فلسطين وبحر فلسطين لا يوجد الا وطن واحد اسمه فلسطين"

جادالله صفا – البرازيل
03/06/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت