ماذا يتطلب تطبيق الحد الأدنى للأجور في فلسطين..؟

غزة - وكالة قدس نت للأنباء
قال خبير و محلل اقتصادي فلسطيني إن "تطبيق الحد الأدنى للأجور يتطلب مراعاة التباين في مستوى المعيشة حسب المناطق الجغرافية, والتباين في نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة" , موضحا بأن تطبيق الحد الأدنى للأجور سوف يؤدي إلى زيادة في تكاليف الإنتاج والخدمات والتي تشكل أجور العاملين فيها ما نسبته من 20% إلى 30% من التكلفة الكلية للإنتاج , مما سوف يساهم في انخفاض القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية التي تعاني كثيرا من القيود و الإجراءات الإسرائيلية.

وقال ماهر تيسير الطباع مدير العلاقات العامة بالغرفة التجارية الفلسطينية لمحافظات غزة "في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن قضية تطبيق الحد الأدنى للأجور للعمال وتم عقد العديد من اللقاءات حول هذه القضية خلال الأشهر السابقة, مضيفا وهنا لابد من السؤال "هل نحن جاهزون لتطبيق الحد الأدنى للأجور في فلسطين..؟ ".

وتابع القول إن "كافة الأطراف ذات العلاقة و الممثلة بالحكومة وأصحاب العمل و ممثلي العمال على قناعة تامة بأهمية تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور والذي يهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية , و الحد من معاناة العمال و تأمين متطلبات عيش كريم لهم وتحسين أوضاعهم المعيشية بما يتناسب مع مستويات المعيشة واحتياجاتها الأساسية " مضيفا "و لكن يجب أن نقر بأن الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها كلا من الضفة الغربية و قطاع غزة صعبة و مأساوية في ظل القيود المفروضة من الجانب الإسرائيلي على حرية حركة البضائع و الإفراد وتكاليف النقل المرتفعة , و الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من خمس سنوات و الحرب الأخيرة على قطاع غزة وما دمرته من منشآت اقتصادية".

وقال الطباع " كل ذلك أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة , حيث بلغت معدلات البطالة 23.9% وفقا لمركز الإحصاء الفلسطيني و حسب نتائج مسح القوى العاملة لدورة الربع الأول لعام 2012 وبلغ عدد العاطلين عن العمل 261 آلف شخص في الضفة الغربية و قطاع غزة , وبلغت نسبة البطالة في الضفة الغربية 20.1 % وبلغ عدد العاطلين عن العمل 147 آلف شخص , أما في قطاع غزة ونتيجة للحصار فبلغت نسبة البطالة 31.5 % وبلغ عدد العاطلين عن العمل 114 آلف شخص".

وتساءل الخبير الطباع بالقول هل الحديث مُجدي عن الحد الأدنى للأجور في ظل وجود أكثر من ربع مليون عاطل عن العمل ...؟ , معتبرا بأنه من الأجدر الحديث عن حلول ووضع خطط لتخفيض نسب البطالة المرتفعة من خلال مشاريع مستدامة وفتح الأسواق العربية أمام العمالة الفلسطينية , وبعد ذلك يتم الحديث عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.

وقال إن "تطبيق الحد الأدنى للأجور في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة و في ظل ما يعانيه القطاع الخاص الفلسطيني على مدار 12 عام , سوف يؤثر بالسلب على المنشآت الصغيرة و المتوسطة و التي تشكل ما يزيد عن 90% من القطاع الخاص الفلسطيني , حيث أن هذه المنشات لا يوجد لديها القدرة الفعلية لتطبيق مثل هذه السياسات".

وزاد قائلا "هذا بالإضافة إلى أن تطبيق الحد الأدنى للأجور سوف يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة و الفقر نتيجة استغناء أصحاب العمل عن بعض العاملين الغير مهرة أو الذين لا يشكلون أهمية في العملية الإنتاجية , كما سوف يؤثر بالسلب على توظيف الخريجين الجدد و فئة الشباب التي تعاني من نسبة بطالة 41.2% حيث أنهم لن يحصلوا على فرص عمل بسهولة".

وبين بأن تطبيق الحد الأدنى للأجور سوف يؤدي إلى زيادة في تكاليف الإنتاج والخدمات و التي تشكل أجور العاملين فيها ما نسبته من 20% إلى 30% من التكلفة الكلية للإنتاج , مما سوف يساهم في انخفاض القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية التي تعاني كثيرا من القيود و الإجراءات الإسرائيلية.

وقال الطباع " لتطبيق الحد الأدنى للأجور يجب دراسة الحد الأدنى للأجور في الدول المجاورة لنا, حتى لا تفقد المنتجات الفلسطينية القدرة التنافسية في الأسواق المحلية والعربية , و فرص الاستثمار المتاحة , فالحد الأدنى للأجور في المملكة الأردنية الهاشمية 190 دينار أردني أي ما يعادل 1025 شيكل , و يبلغ الحد الأدنى للأجور في جمهورية مصر العربية 700 جنية مصري أي ما يعادل 440 شيكل ".

واستخلص مما سبق قائلا إن "تطبيق الحد الأدنى للأجور يتطلب عقد العديد من ورش العمل واللقاءات بين كافة الأطراف ذات العلاقة و الممثلة بالحكومة وأصحاب العمل و ممثلي العمال لدراسة كافة النواحي الايجابية و السلبية والتوافق على الآليات المتعلقة بذلك لضمان تطبيق عادل واستقرار علاقات العمل وتحقيق الشراكة الاجتماعية والتزام تام من كافة أطراف العلاقة بالتطبيق على أرض الواقع".

وقال "كما يجب مراعاة التباين في مستوى المعيشة حسب المناطق الجغرافية , و التباين في نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة , مع دراسة إمكانية تطبيق الحد الأدنى للأجور على مراحل أو بشكل جزئي بحيث يبدأ تطبيقه على حسب مهارة وخبرة وسنوات الخدمة الخاصة بالعامل , مع التأكيد على أن فرض حد أدنى للأجور بشكل متوازن و معقول سوف يساهم في تطبيقه بالشكل المطلوب".