السرسك والرخاوي بطلان ليسا من ورق ...

بقلم: نشأت الوحيدي


11 حزيران 2012 ....... تسعون يوما من الكفاح والصمود والتحدي لظلام السجن وزنازين العزل والعزل الإنفرادي والإعتقال الإداري وما يطلق عليه حسب عنصرية الإحتلال الإسرائيلي بقانون " مقاتل غير شرعي " ..........

تسعون يوما من إرادة اللغة العربية بلهجاتها الفلسطينية على لغة قانون القتل الإسرائيلي المعروف بقانون شاليط الذي يهدف لإبادة الروح والجسد والذاكرة العربية الفلسطينية .

تسعون يوما والسجان الإسرائيلي يغرق في مياه الصرف الصهيوني الراكدة أمام نهضة الشعوب وثورات الربيع العربي التي لا بد وأن تلد ربيعا مختلفا يحمل على أجنحته نسيما من الحرية والحياة الكريمة .

تسعون يوما ومعركة الكرامة ما تزال تزحف لكسر القيد وأقفال الزنازين في السجون الإسرائيلية سعيا نحو الحرية الكاملة وانتزاع الحقوق الفلسطينية من أنياب السجان .

إنها لغة الثوار واللهجات التي حافظ عليها الأسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال الإسرائيلي كما حافظوا على لون وسمار وهوية الأرض فمنا إلى خضر عدنان موسى وهناء شلبي وكفاح الحطاب ومحمد التاج وثائر حلاحلة وأكرم وشقيقه شادي محمد عبد الله الريخاوي وسامر البرق ومحمود السرسك .... لهم منا ألف سلام ...

تسعون يوما ... كان لا بد وأن تنحني القامات والهامات فيها أمام تضحيات الأسرى الجسام الذين وظفوا الخلاف والإختلاف من أجل الهوية والقضية والحرية فلا مناكفات ولا تجاذبات ولا تصريحات سوى عن وسائل وأدوات وآليات إبداعية جديدة لمقارعة السجان الإسرائيلي .

تسعون يوما والسجان الإسرائيلي يجدد ألوان العذاب والقهر ويتفنن في حرمان الأسرى من النوم ومن تواصل أمعائهم الخاوية مع بعضها حيث التنكيل والإعتداء والتفتيش العاري والعدد وضجيج الجنائيين الإسرائيليين والإجبار على فحص d . n .aومنع مشاهدة القنوات الفضائية التي يعتبرها الأسرى كنافذة لمشاهدة وزيارة ذويهم والتواصل مع العالم الخارجي .

تسعون يوما كسر خلالها الرياضي الفلسطيني الأسير محمود كامل محمد السرسك بأمعائه الخاوية قاعدة السجان والقيد الذي لا يقهر مؤكدا في نضاله على أنه مقاتل حرية وكرامة وإنسانية .

تسعون يوما والأرض تتكلم عربيا رغما عن أنف اللغة العبرية التي تحاول شطب لغات العالم وخاصة الإنسانية منها وما تحمله من نصوص تساند حقوق الإنسان وتنتصر لها .

تسعون يوما والأسير محمود السرسك يحارب بأمعائه الخاوية وسائل وأساليب التعذيب والمكر والحقد الصهيوني الهادفة لكسر إرادة الأسرى في الحرية والإنتصار لكرامة الأمتين العربية والإسلامية وها هم اليوم أسرانا البواسل ينتصرون لمحمود ولشادي وأكرم وكفاح وسامر بإضرابهم ليوم واحد تأكيدا على أن الجسد الفلسطيني واحد وأن الهدف والقضية والمصير واحد .

تسعون يوما من عمر بحاله والأسرى محرومون في سجون الإحتلال الإسرائيلي من زيارة ذويهم ومن الحقوق الإنسانية التي كفلتها المواثيق والأعراف والقوانين والإتفاقيات الدولية فمن يرسم لهم ولأطفالهم ولأمهاتهم بسمة وفرحة بطعم الحرية والعودة أحياء .

لقد رسم الأسرى خارطة جديدة لمواجهة السجان والقرارات والقوانين العنصرية الإسرائيلية وصاغوا وثيقة العهد والوفاء بعد أن كتبوا ملحمة الوفاق الوطني في 26 حزيران 2006م وأعادوا الإعتبار لنضالات الأمة العربية والإسلامية في إضرابهم المفتوح عن الطعام في 17 نيسان 2012 .

تسعون يوما ومحمود السرسك يردد : على الأرض ما يستحق الحياة "

تسعون يوما والأسير محمود السرسك يقول : إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى .

تسعون يوما والأسرى ينشدون معا وسويا : دقت ساعة الغضب ........

تسعون يوما والأسرى يصرخون " يا وحدنا "

تسعون يوما والأسرى يطالبون القيادات بمختلف ألوانهم وأطيافهم بالتخلي عن يوم من الراحة وتنظيم مسيرة أو إعتصاما قياديا وحدويا لنصرة الأسرى .

تسعون يوما والخلايا النضالية في أجساد الأسرى تناديكم ولا تستجديكم ......

تسعون يوما والأجراس تقرع ولا زال الأسير يناديكم .................................


مهرجانات وتصريحات تجب ما قبلها من التصريحات وأسماء ومسميات كلاها يعتبر أنه الأفضل أو الأول ولا قطاف حيث تضيع وتتيه الكلمات والشعارات والفعاليات وصرخات الوجع الدائم في صحراء الحزبية والأنا .


تسعون يوما حقق خلالها الأسير محمود السرسك ما لم تحققه مهرجانات أو لقاءات واعتصامات وفعاليات خجولة لم ترقى لمستوى الحدث والقضية حيث المشاركة الباهتة من الكل في مختلف الفعاليات التضامنية والإسنادية للأسرى .

خرج الأسرى في مايو الماضي من إضراب مفتوح عن الطعام وبانتصار الأمعاء الخاوية على سيف الجلاد وإن أجساد الأسرى بحاجة إلى مواد غذائية غير الخبز كالعسل والتمر والحليب وما زالت حاجتهم ماسة إليها كما أن حاجتهم المادية كبيرة بعد أن قامت إدارة السجون الإسرائيلية بسرقة وسلب مقتنياتهم القماشية وملابسهم وتكسير مقتنياتهم وأدواتهم الكهربائية ولقد وجه الأسرى نداءا للجهات المختصة ولقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ...............

وهاهم الأسرى المحررين الذين قضوا أقل من 10 سنوات في سجون الإحتلال الإسرائيلي يستعدون لخطوات تصعيدية للمطالبة بحقوقهم واستحقاقاتهم ومتابعة أوضاعهم المعيشية والصحية فما هو الرد من قبل الجهات المختصة .


قلنا دائما ومنذ زمن بأن رسائل الأسرى هي إنذار مبكر ولم نهتم بالأمر فإلى متى هذا التجاهل وهذه المشاركات الباهتة في شؤون الأسرى والمحررين ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ؟


كانت هناك اليوم الإثنين 11 حزيران 2012 مسيرة للأطفال انطلقت باتجاه خيمة الإعتصام قبالة مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكان هناك طفل مشارك في المسيرة ولا يتجاوز من العمر 5 سنوات ..... كان يحمل بين كفيه الصغيرتين كرة رياضية تعبيرا عن تضامنه مع الأسير محمود السرسك وكأنه يقول للصليب الأحمر وللأمم المتحدة وللمجلس الدولي لحقوق الإنسان ولمنظمة الصحية العالمية وللبرلمان الأوروبي وللإتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا " ولجامعة الدول العربية انتصروا لتلك الأقدام التي تبعث الحياة والحرية والكرامة والنزاهة في الكرة الرياضية ومن يمارسونها من الأحرار .

كان الطفل الصغير ذو البلوزة الحمراء يمسك بالكرة بإتقان وعينيه تشعان نورا وحرية ونشيدا فيه تلك الكلمات الخالدة " أنا يا أخي .. آمنت بالشعب المضيع والمكبل وحملت رشاشي لتحمل من بعدنا الأجيال منجل ، وجعلت من جرحي والدما للسهل والوديان جدول .. دين عليك دماؤنا والدين حق لا يؤجل " .


إنها رسالة التضامن والصرخات الحقيقية التي يبعثها أطفال فلسطين لكل الرياضيين في العالم ولأحرار العالم وللأمم المتحدة لإنقاذ الأسرى والإطلاع على أوضاعهم وظروف اعتقالهم التي تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب الممارسات والإنتهاكات والجرائم الإسرائيلية ذات الوجوه العديدة .

الأسرى محمود السرسك وأكرم وشادي الرخاوي وسامر البرق هم أبطال ليسوا من ورق وأوجاعهم وآلامهم ليست من سيناريو على مسارح التمثيل ودمائهم ليست جراحا بفعل أدوات التجميل وإنما هم أبطال حقيقيون في زمن يولد فيه أبطال من ورق .

وعذرا السادة أبطال الورق فلم أجد حبرا يغفر لكم ما تقدم وما تأخر من تقاعس تجاه الأسرى ................

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت