الكشف في لبنان عن لوحات لفنان اغتيل قبل 84 عاما

بيروت – وكالة قدس نت للأنباء
كان طبيب العيون سمير الصليبي في الثانية من عمره عند اغتيال قريبه الرسام خليل الصليبي (1870-1928) فعاش بين رسوماته التي اشتراها والده إلى أن قرر منحها الى معرض الجامعة الامريكية في بيروت لتعرض للمرة الاولى امام الجمهور.

تفتحت عينا سمير الصليبي على رؤية جدران بيته وهي مزدانة بأبهى اللوحات الفنية التي اشتراها والده الدكتور شاهين الصليبي إثر مقتل الرسام خليل الصليبي مع زوجته في حادث اكتنفه الغموض."حسب رويترز"

وخليل الصليبي هو أحد مؤسسي الفن الحديث في لبنان ورائد من رواد الفن التشكيلي تتلمذ علي يديه كبار الفنانين اللبنانيين. درس وعمل وعرض أعماله في ادنبره وباريس والولايات المتحدة وهو معروف برسومه للأوجه واهتمامه بشكل الجسد البشري.

اشتهر الصليبي برسمه للمفكرين والنخبة والاكاديميين لكنه في المقابل برع في رسم أهل القرية بملابسهم التقلدية الجبلية وخصوصا الطربوش. ومن بين اللوحات المعروضة بورتريه لزوجته روز ومنظر للجامعة الامريكية في بيروت بالاضافة الى الطبيعة الجبلية وقريته بطلون في جبل لبنان.

ومن بين أعماله الثلاثين المعروضة في الجامعة الامريكية مجموعة من اللوحات لعراة من الرجال والنساء.

ويقول سمير الصليبي انه يشعر بالقلق تجاه مصير المجموعة بعد وفاته مفضلا بقاءها كمجموعة واحدة وعدم توزيعها على أولاده.

وقال لتلفزيون رويترز "لم اكن أعرفه. كان عمري سنتين عندما توفي ولكني اعرف انني عشت كل حياتي مع صوره لان صوره كلها كانت بمنزل أبي. ومنذ أن كنت طفلا كنت أراها حولي. قد أكون اعتدت من دون ان أحس انا وطفل إنني أتحدث معها.. كما لو كنت اسير في الاماكن نفسها التي صورها خليل."

أضاف طبيب العيون البالغ من العمر 86 عاما "الرسومات عاشت عندي وعند والدي اقل بقليل من مئة سنة. الان يمكن ان تعيش ألف سنة وتظل تحت المراقبة. وأنا لن أكون هنا لكي أحميها. لو كان باستطاعتي أن أحميها وآخذها معي بعد موتي لكان وضعا مختلفا ولكن لا أستطيع ولست نادما."

ومضى يقول إن فكرة منح هذه المجموعة إلى الجامعة الامريكية لم تأت فجأة "لقد تم التحضير لها منذ سنوات. لا أريد أن أبقي عليها في بيتي ولا أريد أن تتوزع على أولادي وكل واحد يأخذ قسما وتتناثر. حلاوتها في مجموعتها."

وقال رئيس الجامعة الامريكية الدكتور بيتر دورمان "يسعدني ان أرى مجموعة خليل الصليبي تعرض للمرة الاولى أمام الجمهور هنا في بيروت. هذه المجموعة الفريدة تشكل جزءا مهما من الميراث الثقافي اللبناني والجامعة التزمت بحفظه للاجيال المقبلة. وهذه خطوة أولى من مخطط بعيد المدى لجعل الحرم الجامعي حاضنا للفن الحديث والمعاصر."

أضاف "في التفاتة كريمة ونادرة في مجتمعنا العربي أهدى الدكتور سمير الصليبي الجامعة الامريكية في بيروت ما يزيد عن 60 لوحة فنية قيمة لتشكل معرضا دائما ضمن جناح باسم "روز وشاهين الصليبي".

وقال "في إحدى جلساتنا المطيبة بأحاديث الفن والادب بادرني الدكتور سمير الصليبي بالقول أريد يا صديقي إهداء مجموعتي من اللوحات والكتب والمعدات الطبية الى مؤسسات تستطيع الاعتناء بها وعرضها على الجمهور ليتمتع بها ويستفيد كما تمتعت انا طوال عمري."

ويقول هنري ريكو فرانسيس الذي يدرس تاريخ الفنون في الجامعة الامريكية في بيروت "هذه المجموعة مهمة للغاية إذ يعتبر خليل الصليبي واحدا من رواد الفن وواحدا من الذين يعتمدون الاسلوب الاوروبي في لبنان."

وأوضح فرانسيس أن أي شخص ملم بالفن التشكيلي اللبناني يعرف هذا الاسم جيدا ولكن لوحاته غير معروفة الى حد كبير كونها كانت في منازل وضمن مجموعات خاصة ولذلك لم تعرض في أماكن عامة حتى الان.

وقالت سارة طقوش طالبة التصميم الجرافيكي في الجامعة الامريكية "هناك اشياء في لوحاته. يمكن ان نشعر بضربات الفرشات. يمكن ان نشعر ان دراستها مثيرة للاهتمام. وهناك اشياء لا يمكن ان نفهمها بشكل صحيح فنقف بالقرب من اللوحات ثم نرجع خطوة الى الوراء ونعود ونفهم ما هو الموضوع."

افتتح معرض الصليبي في العاشر من يونيو حزيران الجاري ويستمر حتى نهاية العام في الجامعة الامريكية.

ولد خليل الصليبي في قرية بطلون اللبنانية وبدأ الرسم في سن مبكرة مستعملا رؤوس عيدان الكبريت ثم ريشة الحبر والفحم الحجري والرصاص. وفي عام 1928 حين كان في الثامنة والخمسين من عمره قتل هو وزوجته اثر خلاف على حقوق المياه النابعة من أرضه.