دعوات لتعزيز ثقافة الشراكة الوطنية في المجتمع الفلسطيني

غزة - وكالة قدس نت للأنباء
أوصي مثقفون وسياسيون، ورجال دين وقيادات فصائلية فلسطينية،اليوم السبت، بضرورة تعزيز ثقافة الشراكة الوطنية الفلسطينية، من أجل النهوض بالواقع الفلسطيني وإنهاء ملف الانقسام، والتفرغ إلى المصالح الوطنية العليا والكشف عن الممارسات الإسرائيلية اليومية بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد المشاركون في المؤتمر الوطني الأول (الشراكة الوطنية وسبل تحقيقها في المجتمع الفلسطيني) الذي نظمه منتدى الأمة للتنمية، بقاعة فندق الكمودور على شاطئ بحر مدينة غزة، على ضمانات الشراكة السياسية دينياً ووطنياً، وفقاً لمبدأ الحوار الثقافي والحضاري واحترام رأي الآخرين.

وشددوا على اعتماد ثقافة التسامح في الدين الإسلامي وهو الذي يوفر ويحافظ على أجواء الشراكة الوطنية، إضافة إلى الالتزام بالمحافظة على السلم والأمن والوساطة والاعتدال ونبذ التطرف، والدعوة الدائمة للتعايش داخل الوطن والعمل على تشكيل هيئة اتفاق وطني.

واعتبر رئيس المؤتمر ورئيس منتدى الأمة للتنمية سيد بركة خلال حديثه لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر أن النهضة والتحرير والوحدة كلمات استهلكت من الأمة العربية قائلاً " نحن أمام مشهد عربي وما يصح على العرب يصح على الفلسطينيون لأن مصيرنا واحد ومسئوليتنا كفلسطينيين أكبر من غيرنا لأننا نقدم أنفسنا كطليعة هذه الأمة".

ويرى بركة أن حالة الانقسام وحصار غزة يعبران إلى حد كبير عن حالة الانقسام الذي يعيشه العالم العربي، وقدر الفلسطينيين إما أن يكونوا ملهماً أو لا يكونوا ، قائلاً" لن نكون ملهمين إلا إذا استحضرنا سنة محمد صلى الله عليه وسلم فهو وحده لم يفرق وأشعل شعلة النور والحرية وجعل من القبائل أمة".

ويصف بركة الواقع الفلسطيني بالقبيح لأننا نتعامل بتمني وليس باكتشاف قوانين الواقع من أجل مستقبل الأجيال، مشيراً إلى أن هناك خلاصات لتجارب الشعوب، والخلاصة من السلطة الفلسطينية انها وهمية وليست حقيقة وهي ما وجدت إلا كفخ للمقاومة وإعفاء للعدو من التزامه اتجاه الشعب الفلسطيني،مبيناً أن أول الخطوات لاستمرار وجودنا تكون بالشراكة الوطنية الواحدة بعيدا عن الحسابات الضيقة.

غاية الأهمية...
من جانبه بين د.سلمان عودة المحاضر بجامعة الأزهر في غزة في كلمته عن اللجنة التحضيرية الذي دفعهم لعقد هذا المؤتمر الوطني الأول " الشراكة الوطنية وسبل تحقيقها في المجتمع الفلسطيني" قائلا إن "الشراكة الوطنية مطلب في غاية الأهمية وأساس ثابت يمكن من خلاله تحقيق أهداف هذا الشعب والصمود في وجه التحديات التي تستهدف وحدته الوطنية".

وتساءل عودة إلى متى تكون هيمنة ثقافة إقصاء الآخرين هي السائدة والشراكة الوطنية غائبة عن الواقع الفلسطيني، مؤكداً على ضرورة احترام مبدأ الشراكة الوطنية والخروج به من دائرة التصريحات إلى الفعل الحقيقي قائلاً " نحن معنيين بتحقيق هذا المبدأ العظيم بتقديم المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى شخصية أو فئوية وأن نخرج من تجربة الانقسام إلى تجربة الشراكة الوطنية بكل أبعادها السياسية الثقافية والاجتماعية".

الضروريات المقدسة ...
هذا ويؤكد القيادي في حركة فتح يحي رباح أن حركته نظرت إلى الشراكة الوطنية على أنها من الضروريات المقدسة فنصف الشعب تحت الاحتلال والنصف الآخر مطرود خارجه، والضرورات الملحة ستكون شعب تحت الاحتلال الأولى به إزالت الاحتلال هذه الضرورة السياسية، وشعب مشرد يجب أن يتوحد ابتداءاً من الكفاح المسلح وانتهاءاً بأي وسيلة ممكنة تزيل هذا الاحتلال.

ويوضح رباح أن حركته عملت في الماضي مع فكرة الشراكة الوطنية وشاركت في المجلس الوطني الأول في القدس بعضوين ولم يسمع لها صوت، مبيناً أن فتح لم تكن لها عضوية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكانت تعمل وفق احترام الشراكة السياسية، مؤكداً أن فتح جعلت مكاتبها وإذاعتها وممثليها في كل الدول العربية والأوروبية تحت تصرف المنظمة ضمن سياسة الشراكة السياسية.

وتساءل " هل هناك حكومة من التسع حكومات التي شكلتها السلطة الفلسطينية منذ قدومها عام 1994 لم تكن ترغب بمشاركة الفصائل وقال " الفصائل هي التي لم تكن راغبة في المشاركة في الحكومة وعندما رفضت التيارات الإسلامية المشاركة عملت فتح على إقناع التيارات الإسلامي،مبيناً أن حركته شاركت بإجابية في كل الجهود لاستعادة الوحدة.

سقف الانقسام...
وتابع" وقلنا هناك مبدأين الأول تحت سقف الانقسام لم يحقق أي انجازات وكل ما يقال أنه انجاز تحت الانقسام هو نوع من الدعاية، والمصالحة ضرورية والمشاركة يجب أن تكون على قواعد فاعلة، واخترنا أن تكون من خلال الانتخابات، وعلينا أن لا نراهن على الآخرين وأنه ثبت بالتجربة أنه طالما لم يكن الفلسطيني اللاعب الرئيسي على مسرح الأحداث لن يستفيد من التطورات الايجابية في أي منطقة .

من جهته يوضح القيادي في حركة حماس محمود الزهار أن الاتفاق على الشراكة السياسية يكمن في الأهداف الأساسية المتعلقة في مصير الشعب الفلسطيني، كالقضايا الأساسية التي تربطه في الصراع مع إسرائيل، مشيراً إلى أن الاختلاف بالشراكة السياسية يكمن في الأدوات التي يطرحها كل طرف للوصول إلى الأهداف الأساسية.

تحقيق الأهداف...
ويبين الزهار أن هناك من يؤمن بأن تحقيق الأهداف الكلية يكون ببرنامج سياسي يؤمن بالمقاومة السلمية وبالمفاوضات وهناك من يؤمن بأن تحقيق الأهداف الكلية يأتي بالمقاومة المسلحة، وعندما نتفق على الأهداف الكلية نختلف في الوسيلة ومفهوم الشراكة يجب أن يقر أن هناك اختلافات في البرامج السياسية.

ويلفت الزهار إلى أن الشراكة السياسية هي ثقافة يجب إقناع الناس بها والكل الفلسطيني لديه برامجه السياسية يعرضها على المواطنين من خلال الانتخابات قائلاً " الكل لديه بضاعة سياسية فليعرضها ويصبح المراقب للشارع "، مؤكداً أن حركته مختلفة مع فتح من حيث البرنامج السياسي.
من ناحيته تساءل د. إبراهيم أبراش أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر قائلاً "هل هناك فرق بين المشاركة السياسية والشراكة السياسة والوطنية والمصالحة؟؟، وهل يعنى ذلك أن الشراكة السياسية تجاوز لمصطلح المصالحة؟ وهل أصبحت اتفاقات المصالحة منهية واعتبرت غير موجودة.؟.

حق القوى...
ويوضح أبراش خلال حديثه حول "رؤية المجتمع الفلسطيني للشراكة الوطنية" أن من حق القوى المشاركة في النظام السياسي ضمن الاحتكام إلى مبدأ الأغلبية، والشراكة مصطلح جديد لم يتم تداوله في القاموس السياسي إلا في العصور الحديثة واستعمل في الأمم المتحدة وكان الهدف منه الشراكة بين الدول وفيما بعد ظهر حديثاً في المشاركة السياسية من خلال حفاظ كل طرف على برنامجه السياسي؟.

مقومات لكي تنجح...
وبين أن الشراكة تحتاج إلى مقومات لكي تنجح أولها الثقة المتبادلة، والتعامل بمصداقيه بين الأطراف السياسية، مستفسراً إذا كانت الحالة الفلسطينية تحتاج إلى الشراكة السياسية، ولماذا برز هذا المصطلح خلال السنين الأخيرة، وهل نحتاج لبرنامج سياسي واحد، أو برنامج سياسي وطني، وسياسي إسلامي، وهل يجوز استمرار هذا الانقسام..؟

ويرى أبراش أن منظمة التحرير شكلت نموذجا للوحة فلسطينية وما ساعدها على ذلك هو أن القوى السياسية كانت متقاربة أيدلوجياً، واعترفت بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني لأن القيادة كانت واحدة متوحدة حول برنامج واحد، مبيناً أن الخلاف بدأ من خروج حماس خارج إطار المنظمة التي اعترف بها العالم.

ويوضح بأن هناك فرق بين الشراكة الوطنية على قاعدة إعادة بناء المشروع الوطني، والشراكة مع السلطة، مؤكداً أنه وحسب وجهة نظره فإن الانتخابات لن تحسم موضوع الشراكة وإنهاء الانقسام، لأنه لا يوجد من يضمن أن أي طرف سيخضع إلى نتائج الانتخابات بسبب أن كل فصيل لديه جيش مسلح، وهل ستكون غزة والضفة في إطار سلطة موحدة، مشيراً إلى أن الأمر إذا ترك إلى فتح وحماس فلن تكون هناك شراكة سياسية.

تعزيز الشراكة...
وحول " سبل تعزيز الشراكة الوطنية" يرى المحلل السياسي تيسير محيسن أنه في ظل الانقسام تعرضت الشراكة السياسية الفلسطينية لجملة من الأمور الخطيرة أولها الفصل الجغرافي بين غزة والضفة وعزل القدس عدم وجود تواصل إنساني، إلى جانب ضعف التفاوت الاجتماعي الهائل وارتفاع نسبة الفقر.

ويقول إن "البعض يرى أن المطلوب صلح اجتماعي وطني لأنه اقرب الحلول لمجتمع تقليدي، إضافة إلى تعزيز فكرة المواطنة والنظر لنا كبشر لنا حقوق وليس كرعايا وأن يتاح لنا الفرصة في المشاركة في الشراكة السياسية وأي محاولة من الانتقاص من حقوقنا يعنى انتقاص من فلسطينيتنا".

الانتخابات 2006 ...
ودعا محسين إلى ضرورة تطوير رؤية وبرنامج مشترك يضمن المشاركة السياسية الفلسطينية للكل، مشيراً إلى أنه في كل المرات التي جرت فيها اللقاءات المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية في القاهرة ومكة وقطر توجد ورؤية فلسطينية موحدة وحتى مرجعية تجمع بين التفاوض والمقاومة، كما جاء في الإجماع الوطني، وتساءل لماذا لا نفعل ذلك ، مشدداً على ضرورة أن تكون فلسطين هدفاً وأن يكون الحوار لغة بين الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصلحة الوطنية.

ويؤكد حمدي شقورة نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن القانون يكفل معاير الديمقراطية التي تقر بالتعددية السياسية والدينية وقبول الآخر واحترامه والتعايش معه ، موضحاً بأن جميع القوى السياسية تعمل على إقناع الجمهور لبرامجها السياسية، معتبراً أن المقومات التي وجدت خلال انتخابات عام 2006 كانت يمكن أن تساهم في وجود فرصة لشراكة سياسية حقيقة.