ان لعبة الصراع المحتدم في رقصة الموت والحياة مع الكيان الاسرائيلي ترسم مظاهر التراخي احيانا ، مما ينعكس سلبا ويضعف قدرة وحفز الطاقة الفلسطينية ، في جولات السجال التفاوضي مع الاحتلال ، فيما الشعب الفلسطيني ما زال يتطلع الى الدولة المنشودة وحق العودة .
نتوقف اليوم امام زمن المتغيرات المتسرعة ، زمن الانتفاضات والثورات العربية ، والهزات والاحتجاجات الشعبية ، والتي تنطوي على لحظات مصيرية ، وهذا بكل تأكيد يتطلب منا ان نكون اكثر الحاحا باتجاه وحدتنا الوطنية ورسم استراتيجية وطنية تستند الى المقاومة بكافة اشكالها ، لأن التجارب تعطينا حافز بان استعادة الارض وتحرير الانسان لا يمكن ان يتم من خلال نهج المفاوضات لان الشعوب التي هزمت الاحتلال وحررت الارض عرفت كيف تقاوم بشكل خلاق ، وان عناصر القوة تشكل حافز لنا نحن الفلسطينيين من خلال لوحة المتغيرات الراهنة في المنطقة والعالم ، فهل نستجيب لشعبنا وتطلعاته بدلا من الذهاب الى لقاءات ومفاوضات ترتسم عليها كل الابتسامات في الغرف المغلقة ، وبالنهاية تذهب مصالح الشعب الفلسطيني العليا الى الجحيم .
السؤال اين نحن من حقائق تفرض اليوم علينا من خلال تغيير جفراافية فلسطين تهدف الى مواصلة الاحتلال والاستيطان والحصار ، ولماذا لم نوظف امكانياتنا في العمل من اجل نقل ملف القضية الوطنية الى هيئة الامم المتحدة ومنظماتها المعنية والى قوى الديمقراطية والتقدم والسلام والانسانية جمعاء لوضع دولة الاحتلال موضع الادانة والمحاسبة والمقاطعة والردع تحت طائلة نزع الشرعية واعتبارها مارقة وخارجة على القانون.
ان ما يجري اليوم من محاولة اسرلة وصهينة التعليم في مدينة القدس، ،من خلال تطبيق المنهاج الفلسطيني المشوه والمحرف ، يؤكد أن الاحتلال،يريد الصهينة والأسرلة الكاملتين للمنهاج التعليمي ،فالاحتلال يريد أن يحتل وعينا ويقزمه،وان يشطب ذاكرتنا الجمعية ويسيطر عليها،يريد أن يفرض روايته الصهيونية الكاملة على منهاجنا وتاريخنا، وهذا يتطلب منا التصدي له بكافة الوسائل الممكنة .
لذلك نرى ان المطلوب مراجعة نقدية لسياسة التفاوض التي مر عليها عشرون عاما دون نتيجة ، حيث اصبحت هذه المراجعة حاجة مصيرية للشعب الفلسطيني ، وحتى تنتقل الحالة الفلسطينية من محطة التراقب والانتظار الى محطة فرض قواعد اللعبة في سياسات المنطقة ، بما يرسم خارطة جديدة وفي القلب منها فلسطين شعبا وكيانا ودولة .
ان الحاجة الى فهم العناوين الجديدة لمنطقة لم تعد من باب الاجتهاد والتحليل وحده ، بل من خلال صورة ميدانية تتأصل يوما بعد يوم كلما حدث تطور مميز فيها ، وما حمله خطاب الرئيس المصري الجديد من رسالة تطمئن الادارة الامريكية واسرائيل والدول الغربية تؤكد على ان هذه الرسالة لم تبدد المخاوف لدى شعوب المنطقة العربية وخاصة الشعب الفلسطيني .
ومن حقنا في فلسطين ان نتريث ونحاول ان نفسر اللغة المزدوجه التي انطوى عليها خطاب الرئيس محمد مرسي حول القضايا ، ولكن اصبح واضح ان تجا هل القضايا العربية والفلسطينية على وجه التحديد ، تؤكد ان الخطاب جاء استجابة لمتطلبات الولايات المتحدة حول رؤيتها للمنطقة واستجابة لضرورات المرحلة التي تجتازها المنطقة عموما وفلسطين خصوصا ، مرحلة مصيرية حيث غابت فلسطين عن الخطاب .
ومن هنا يمكن القول ان الاوضاع في الساحة الفلسطينية تتهيألانتفاضة ثالثة ، فالسكون الظاهري يخفي تحته غليانا كبيرا ليس اقله مما يجري بحق الاسرى ، اضافة الى ما يجري من عدوان وعمليات تهويد للارض والمقدسات واستيطان عنصري .
وعليه فان الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة الى استنهاض طاقاته من خلال اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية والتصدي للمشاريع الصهيونية العنصرية التي تستهدف تصفية الحقوق الوطنية ومسح عروبة القدس وشطب حق العودة .
ان منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ووطنه المعنوي وقائدة نضاله يجب ان تتوقف امام هذه المرحلة من اجل الحفاظ على البرنامج الوطني الذي يشكل اجماع وطني فلسطيني ، كما يتطلب من كافة القوى والفصائل والقوى الحية في امتنا العربية توحيد الموقف تجاه الصراع مع الاحتلال باعتباره صراع وتناقضا اساسيا وليس صراعا او تناقضا ثانويا .
ختاما : لا بد من القول نحن بأشد الحاجة الى وحدة وطنية فلسطينية وانهاء حالة التشرذم والتمزق ، وخاصة لمواجهة المخاطر التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية ، والتمسك بكافة اشكال الكفاح ضد الظلم والاضطهاد والحفاظ على مسيرة الشهداء من أجل تحرير الأرض والإنسان.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت