فلتقطع الأيدي التي تمتد على شعبنا الفلسطيني

بقلم: طلعت الصفدي


يكتشف الشعب الفلسطيني كل يوم ،حجم مأساته ومهزلته التي يعيشها، وعقم الاستراتيجيات والتكتيكات والسياسات الهابطة التي تنتهجها كل من سلطة الشمال في رام الله وسلطة الجنوب في غزة ، وفشل القيادات المتنفذة وقواها السياسية والمجتمعية في تحقيق الحد الأدنى من حقوقه المشروعة على الرغم من التضحيات الهائلة التي قدمها شعبنا الفلسطيني ولا يزال من الشهداء والجرحى والمعتقلين والتشرد والإبعاد منذ أكثر من قرن.

وإذا كان دور الاجهزة الأمنية المختلفة في أى بلد، هو الحفاظ على السلطة والحكم ومصالح الطبقة الحاكمة وحزبها السياسي مستخدمة كل أدواتها وأجهزتها القمعية المختلفة من الشرطة والمخابرات والأمن الداخلي والجيش والسجون وكافة المؤسسات الثقافية والتعليمية، متسلحة بكافة أشكال القسر والقهر ضد الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة والقوى المعارضة ، فان هذا يجب أن يتوقف لانه يتنافى مع أى شعب ارضه محتلة وثرواته منهوبة، ويناضل من أجل التحرر الوطني والاجتماعي والديمقراطي ، وعليها أن تكون جزءا من الحركة الوطنية وواجبها الدفاع عن الوطن والمواطن وحمايته من الاعتداءات المتكررة لجنود الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنيه، والتوقف ضد الاجتياحات المتكررة للمدن والقرى والبلدات التي تتم على مرأى ومسمع منها والتي لا تحرك ساكنا كابي الهول تماما ، لا أن تشحذ كل طاقاتها القمعية ضد مواطنيها ، وتمارس أبشع اشكال القمع لأبسط قواعد وحقوق الانسان ، وتعتدي على حرية الرأى والتعبير والتظاهر السلمي والتي تتعارض مع الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ووثيقة الاستقلال عام 1988 والدستور الفلسطيني مستعينه بمجموعات من البلطجية والشبيحة والزعران والفلول، لتضيف لرصيدها المشبع بالفساد السياسي والإداري والمالي والاستبدادي المهيمن على كل مناحي الحياة ، وبكل صراحة فان النظام السياسي الفلسطيني ليس إلا صورة مصغرة عن الفساد والاستبداد المستشرى في كافة الأنظمة العربية ، ولن يخفيها عن الحقيقة الشعارات الزائفة من الوطنية والديمقراطية والليبرالية ، ولن نستثني نظم الاسلام السياسي التي تدعي تطبيقها الشريعة الاسلامية .

الثورات والاحتجاجات التي فجرتها القوى ألشبابية في بعض البلدان العربية تحت شعارات رفض الواقع المذل والتبعية، والتخلص من انظمة الاستبداد والتخلف والفقر ،وإعادة الاعتبار لقيمة الانسان ولكرامته وتعزيز دوره كمواطن فاعل في بلده ، وتعزيز دور القضاء وسلطة القانون ، واستعادة حقوقها المغتصبة وحرياتها العامة ألسياسية ، حقها في التعبير عن رأيها دون ملاحقة ، وحرية التنظيم الحزبي والنقابي والمهني والمشاركة في الحياة ألسياسية .

ومع ضعف تنظيم وتشتت القوى الليبرالية والديمقراطية والتقدمية ودعاة الدولة المدنية ألحديثة وفشلها في تشكيل جبهة وطنية موحدة ببرنامج الحد الادنى ، فقد جرى الانقضاض عليها وسرقتها وحرفها عن هدفها الحقيقي، في محاولة لإعادة التاريخ الى الوراء ، ولعصور التخلف والظلامية وملاحقة كل دعاة التنوير والحداثة .

وبدلا من أن تتعلم السلطة من دروس الثورات العربية وحركتها المتجددة ، وتداعياتها ألمختلقة وتعي أن المطالبة بالخبز والكرامة والأمن لا تتناقض مع الديمقراطية السياسية والاجتماعية ،ومن حق المواطن عليها صيانة حقوقه وحرياته العامة ألسياسية ،كحرية الراى والتعبير وحرية الصحافة والتظاهر ألسلمي وحرية المرأة وحقه في المشاركة السياسية في ادارة الشؤون ألعامة وتشجيع مبادرات تنظيم المواطن والحفاظ على امنه وتوفير كل السبل لمشاركته في الحياة السياسية ، فان اسلحة الاجهزة الأمنية البتارة التي تتبلد عند مواجهتها لجنود الاحتلال تجد متنفسا للقمع الوحشي ضد اولئك الشبان والصبايا الذين شاركوا في المظاهرات والاحتجاجات ضد زيارة مجرم الحرب شاؤول موفاز.

ان المهمة العاجلة والملحة الآن تتمثل في انهاء الانقسام أولا ، ثم مواجهة عدوان الاحتلال ومستوطنيه ولهذا فان التعدي على المواطنين المحتجين سلميا يشكل هدية ثمينة لحكومة التطرف في إسرائيل، ولهذا فلتقطع أيدي المعتدين على شعبنا الفلسطيني ، والخزي والعار لكل المسئولين السياسيين والتنفيذيين المشاركين في هذه ألجريمة ولكل من تجرأ وحمل عصا او بندقية او أطلق نارا في الهواء لتفريق المحتجين والمتظاهرين ، وتصبح ضرورة تقديمهم للمحاكمة ،واتخاذ كافة الاجراءات لحماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية ومنع تكرارها حفاظا على دور وكرامة الانسان الفلسطيني فالمعركة مع الاحتلال لم تنته بعد.

طلعت الصفدي غزة – فلسطين

الخميس 5/7/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت