المناضل الفلسطيني والعربي عندما اراد ان يقدم روحه من اجل فلسطين كان يتطلع الى قضيته المركزية ، بعد ان حلت جريمة اغتصاب فلسطين على شعب بأكمله وكان ضحية اكبر مؤامرة عرفها التاريخ المعاصر على ابواب افول الامبراطوريات وانتهاء الاستعمار القديم ليبدأ استعمار استيطاني بغيض قام وما زال يقوم على تشريد السكان الاصليين عبر القتل والارهاب وتهويد الارض ، حيث تختل موازين القوى وتسود قوة الباطل وغياب الحق الذي لا قوة تسنده سوى استمرار صوته بنبرة عالية في مواجهة الاحتلال والاستيطان.
ان فلسطين قضية امة وشعب ولم تكن يوما من الايام قضية صراع على نسب مئوية هنا او هناك او مثار عطف واستجداء القوى العظمى لمنحة دولة ذات حدود مؤقتة .
ومن هذا المنطلق ان الشعب الفلسطيني ومعه المناضلين العرب واحرار العالم استطاع بمقاومته وثورته المعاصرة وانتفاضاته الباسلة ان يعيد اثبات وجوده على خارطة الامم بفعل التضحيات الجسام من شهداء وجرحى واسرى وهو ما زال مستمرا في مسيرته رافضا كافة اشكال التسويات التي تفرط بحقوقه وامانيه في الحرية والاستقلال والعودة.
وامام هذه الاوضاع يعيش المناضل اليوم في ظروف معقدة وهو يقوم بواجبه الوطني وهو ما زال يتطلع الى اهمية استنهاض الطاقات وتثويرها باتجاه الهدف الاسمى ، فهو من حمل السلاح من اجل تحرير الارض ، وهو من وقف مدافعا عن منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي وما زال يتطلع الى اهمية حماية المنظمة وتعزيز دورها ووحدتها واستقلاليتها باعتبارها الرافعة التي تنهض بالقضية الوطنية وبالسلطة الوطنية امام التعنت الصهيوني ، ولكن السؤال هل هذا المناضل لا يستحق التقدير على ما يقوم به الا عبر الواسطة التي يلجأ إليها بعض الأشخاص لاعتبارات مختلفة ، هل هذا المناضل يختلف عند القيادة الفلسطينية وعن مناضل اخر ، لان ابن هذا التنظيم وذاك هو من فصائل منظمة التحرير ، هل هذا المناضل يستحق ان يعيش ويتعلم ابنائه على حساب المنظمة بينما المناضل الاخر لانه من جنسية مختلفة او من الجنسية الفلسطينية انتمت للثورة وما زالت لا تستحق ، هل هذا المناضل يستحق ان يعالج في احسن المستشفيات ومناضل اخر لا يستحق ، اين العدالة الاجتماعية في ذلك ، نحن فعلا امام مرحلة تستحق وقفة لانها تعتبر مدخلا أساسيا من اجل تغييرالمعايير وانهاء المحسوبيات الذي تستشري وسط فصائلنا وفي مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، وحتى نقضي على الواسطة التي تشكل هبوطا في مسيرتنا من حيث قوة تغلغلها وما تلحقه من ضرر وغبن بحق مناضلين افنوا عمرهم في الثورة ، ونحن على ثقة بالقيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس بضرورة انهاء الظلم الذي وقع على العديد من المناضلين في فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وكما نحن نتطلع الى الامناء العاميين لفصائل المنظمة واعضاء اللجنة التنفيذية لتسوية اوضاع هؤلاء المناضلين ، فالتاريخ يجب ان لا يعود الى الوراء ، ولا يجوز ان يبقى عامل التمييز والتفرقة ومنح امتيازات وحقوق ومكاسب للبعض تفوق ما يحصل عليه الآخرون ، نحن مع القانون التي يتساوى أمامه الجميع أمن خلال حق التساوي في الحصول على تلك الحقوق والمكاسب والامتيازات, وحتى لا تبقىا تمنح للبعض حقوقا وامتيازات لا يستحقونها وعلى حساب المستحقين لها .
ان هؤلاء المناضلين الذين ترعرعوا على حب القضية الوطنية والذين أمضى حياتهم في فصائل الثورة ومنظمة التحرير , سطروا صفحات مجيدة وتاريخاً ناصعا في درب النضال لكافة أبناء شعبهم , واهتمامهم أكثر فأكثر بالوطن وبالقضية الوطنية .
ان هؤلاء المناضلين لم ولن ينسوا أرضهم ووطنهم , فهم من كان لهم دور كبير في الثورة الفلسطينية وبالحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية والتي تحولت بكفاح وتضحيات أبنائها إلى ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني .
لقد رحل قادة عظام ومناضلين احرار ،كل واحد منهم كان بمثابة مدرسة ثورية بحد ذاتها،وبرحيلهم تركوا فراغا كبيرا في الساحة الفلسطينية،بحجم الفراغ الذي تركه القادة الكبار وفي مقدمتهم الرئيس الرمز ابو عمار وفارس فلسطين ابو العباس و والحكيم جورج حبش وابو جهاد وابو علي مصطفي والشقاقي وياسين وابو احمد حلب وطلعت يعقوب وغيرهم من قادة شعبنا العظام، وكانت مواقفهم ذات تأثير في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني وحركة التحرر العربية .
ومن هذا الموقع اننا نقدر المناضلين العرب الذين انتمو للثورة حيث يقتخرون بهويتهم الفلسطينية العربية حيث كان لهم دورا من البطولة والإباء، ، إن التقدير العميق لبطولات وتضحيات المقاتلين الذين تركوا ديارهم وأهلهم وأعمالهم، وهبّوا للدفاع عن فلسطين ونجدة أهلها ، بعد ان بدأت الأنظمة الرسمية العربية في معظمها، تنأى بنفسها شيئاً فشيئاً عن قضية فلسطين، وأصبح من العسير على الشبان العرب أن يعثروا على القنوات التي توصلهم إلى النضال في صفوف فصائل الثورة الفلسطينية، للدفاع عن فلسطين التي تعبر بصدق عن البعد القومي ، وتشكل عنصراً جامعاً لهم.
إننا نعي مجريات الأمور توضح أن الاستعمار الأميركي والصهيوني يسعيان جاهدين لضرب الامة العربية، وشق تضامنها، وتفتيت وحدتها ، وتجزئة القضية الفلسطينية عن طريق مشاريع ومخططات صهيونية ومبادرات أميركية ، بسياسة الخطوة خطوة، التي تستهدف، تجميد الصراع مع العدو وفك عزلته الدولية، وإعطاءه فرصة جديدة لتدعيم وتثبيت وجوده على الارض، وتجميد دور بعض قوى التصادم العربي بهدف إخراجها من ساحة الصراع ومحاولة فرض التسوية الأميركية الصهيونية على المنطقة وتصفية قضية فلسطين.
ان الأخطار الكبيرة التي يحملها التحرك الأميركي الأخير باتجاه تحقيق الأهداف المشتركة للولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني في المنطقة، وفي ضوء قناعتنا باستمرار أميركا في مواقفها وسياستها المعادية لشعبنا والمنطقة من دعمها الكامل والمطلق ماديًا وعسكريًا للوجود الصهيوني، وإصرارها على تجريد القدس من عروبتها بتهويدها تحت ستار تدويلها، واستيطان وتهويد الضفة، وإعادة المنطقة إلى دائرة نفوذها، وتحركها المحموم لضرب التضامن العربي وتجزئته وشق صفوفه، والقفز على حقوق شعبنا الوطنية.
فإننا نشعر بأن المسؤولية التاريخية تحتم علينا، جميعًا، العمل بكل إمكاناتنا لدرء هذا الخطر وما يمكن أن ينتج عنه من آثار خطيرة علينا، وبالذات على شعبنا الفلسطيني خاصة، الذي تحاول القوى الاستعمارية والصهيونية الاستفراد به وتصفية قضيته.
ان وحدتنا الوطنية في هذا الظرف الحاسم والدقيق لنكون أمناء لأهداف ونضال شعبنا وتاريخنا يجب ان تتحقق مهما كانت الظروف والتحديات ، وهذا يتطلب من الجميع طي صفحة الانقسام والعمل على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية فهي سلاحنا الأقوى في مواجهة الاحتلال وصولاً لتحقيق أهداف شعبنا في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم , كما يتطلب منا الالتزام بالخط العام للقيادة الفلسطينية الذي انتهجته في لبنان وسوريا بتجنيب شعبنا عواقب التدخل في الصراع الداخلي القائم في هذا البلدان المضيافة, تحصيناً له و ضمانة لأمن وسلامة كل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان وسوريا .
فلسطين كانت ولا تزال "القضية"، ان هي تحررت كانت عنواناً للتحرير العربي، وأرضا للوحدة العربية، وتأكيدا للحضور العربي بعد غياب طال واستطال حتى أمكن للبعض التطاول على العروبة واعتبارها مزيجاً من الأسطورة والخرافة وشعر المناسبات الحزينة... اما إن صيّرها الاحتلال "إسرائيل" فمعنى ذلك ان التحدي سيظل مفتوحاً ينتقل من جيل الى جيل حتى تتحرر فلسطين لتكون عنوان مستقبلهم.
ان فلسطين تواجه اليوم "مصاعب كثيرة" من قبل الاحتلال، تتمثل باغتصاب الارض والانقسام الفلسطيني، وهي الامور، التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وهو يتمثل المبادئ التي من اجلها ضحى الشهداء ، وقضوا كل حياتهم مدافعين عنها .
ختاما :ان النضال الوطني الذي يرتكز بين حق شعبنا في العيش الكريم الآمن وحقه في مقاومة الاحتلال والنضال من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تضمن حقنا في اقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على كامل الاراضي المحتلة عام 1967، بعاصمتها القدس، وحماية وصون حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها، تتطلب من الجميع برنامج وطني عام يتطلع الى اهداف وتطلعات مناضلينا وجماهيرنا الشعبية في كل ما يخصها من القضايا الوطنية والمطلبية ا تتحقق فيه الحرية والعدالة الاجتماعية .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت