فتح حركة جماهيرية كبيرة , لها تاريخها المجيد ومقاومتها التي سجلت للفلسطينيين الحق في الوطن من جنوبه الى إلى شماله و من شرقه الى غربه , و فتح بجماهيرها و قيادتها عاشت مراحل عديدة وصعبة كان أصعبها اغتيال قائدها و قائد الشعب الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات , و محاولات شطبها عن خارطة النضال الفلسطيني ,ومحاولات إبقائها مجرد حزب سياسي لا أكثر ولا اقل, لكنها وبالرغم من هذه و تلك المحاولات بقيت الحركة الرائدة التي قادت و ستقود النضال الفلسطيني بكافة أشكاله حتى مرحلة التحرر الكامل و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ,و الحركة التي تتمترس وراء استقلالية القرار الفلسطيني ,و الثوابت الفلسطينية ,لذا فأن الحركة تعتبر صمام الأمان لكافة حركات التحرر الفلسطينية ليبرالية أو إسلامية أو حتى يسارية , و انهيارها لا يخدم احد و تفتتها لا يقوي احد و لا يجعل أحدا بديل عنها ,لكن البعض يريدها ضعيفة ولا يرغب في انهيارها بشكل تام ,و الجديد في فتح اليوم أنها تعاني صراع مع الذات و صراع أخر بسبب الحكم , و صراع الذات اليوم أصبح مخيفا و خاصة في غزة على خلفية إعادة هيكلة الأطر التنظيمية القيادية للحركة بالأخص أقاليم القطاع , و هذا ما يعكس صورة سيئة جدا لحركة فتح بين مناصريها ومؤيدها وهم يشاهدوا أبناؤهم يتصارعوا على المواقع التنظيمية والحركة في حالة لا تسمح بذلك , لكنى أقول أن مناصري ومؤيدي فتح أكثر إخلاصا للحركة ممن هم في المواقع التنظيمية المختلفة .
لان فتح غزة تيارات ثلاثة مختلفة تتصارع في الواقع على المراكز القيادية في الهرم التنظيمي , منها تيار الحرس القديم الذي يراقب عن كثب مجريات أمور الحركة ولا يتواصل معه احد من قيادة الحركة بسبب حالة التشتت القائمة ,و هناك تيار موالى لدحلان وهو تيار قوي بالحقيقة ,وتيار جديد ظهر على الساحة الفتحاوية بعد تشكيل الأقاليم الجديدة وظهر كتيار وسط يتقرب من كلتا التيارين السابقين ليتقوي بهم , ولان تركيبة فتح في غزة لا تتبع التنظيم الهرمي الواسع ولا تشمل جميع تيارات الحركة ضمن مثلثات هرمية معينة تمارس نشاطها الحركي العام داخل الهرم الكبير و في إطار مهام حركية تتبع فلسفة الحركة و تحقق أهدافها السياسية حتى و لو بمسميات جديد ة غير تلك المفوضيات التي حددت هيكلية كل مفوضية تبقي جميع أبناء الحركة المؤثرين في دائرة المسؤولية ولم يكن الإجراء الذي اتبع لإعادة هيكلة أقاليم قطاع غزة موفقا إلى حد بعيد بالرغم من أحقية التغير وفتح الطريق أمام قيادات جديدة لتصعد سلم الهرم التنظيمي , فقد كان الأولى أن تحل الأقاليم جميعها و يكلف عناصر جديدة و ذلك بعد دراسة حالة الحركة ودقائق أمورها وطبيعة التيارات الفتحاوية التي تؤثر في الجماهير و يلتف حولها الجماهير و يثق في عملها الجماهير و تحترمها كافة الأطر السياسية العاملة بالقطاع , و على خلفية حل الأقاليم تشكل أقاليم جديدة بأعضاء جدد و مهمات محدد كالتحضير لمؤتمرات الأقاليم تجهيزا للمؤتمر السابع للحركة و في نفس الوقت يقدم الشكر و الثناء لكافة أعضاء الأقاليم السابقين على جهدهم و عملهم خلال الفترة القاسية من تاريخ حركة فتح ,و بهذا تتفادى الحركة حالة الصراع الخطر الذي تعيشه الآن على خلفية هذا يبقي و هذا لا يبقي , و هذا شرعي و هذا غير شرعي .
منذ فترة ليس بسيطة و فتح غزة تئن من البيروقراطية الحركية ,فمن يشغل منصب قيادي يريد البقاء فيه إلى الأبد أو يصعد إلى أعلى السلم التنظيمي و من يولد صغيرا في فتح يبقي صغيرا و من يولد كبيرا يبقي كبيرا و يكبر يوما بعد يوم و هذه قاعدة أسست لحالة الصراع الحالية ,و منذ فترة ليست بسيطة و فتح تحاول الإنجاب و لم تستطيع أن تنجب ليس لكونها حركة عاقر و إنما رجالها لا يريدون الإنجاب حتى لا يرث أبناؤهم مناصبهم القيادية , و كل هذا يعتبر سوء في إدارة الحركة و عدم القدرة على الخروج بفتح إلى بر الأمان و خارج الزجاجة التي حبست نفسها بداخلها و بالتالي القدرة على خلق مؤسسات ترعي أبناء الحركة و توفر لهم الدعم الحركي الحقيقي لينمو و يتطوروا ,و مؤسسات يجد فيها كل عنصر بغض النظر عن موقعه التنظيمي مكانته و يعيش من خلالها باحترام و عزة نفس , و اليوم أخذت فتح تئن أكثر من تقليد مناصب حركية و تنظيمية خاضعة لمعاير شخصية و ليست لمعاير اللائحة الداخلية للحركة و هذا ما يزيد الطين بله , و ليس بله فقط و إنما ادخل أبناء الحركة في مرحلة صراع خطير قد تدفع على أثره الحركة الثمن مرة أخري , لهذا بات واجبا على اللجنة المركزية التدخل الفوري لوقف حالة الصراع بغزة و إنهاءها من منطلق أن فتح حركة للشعب الفلسطينيين و وجدت من اجل فلسطيني و ليس من اجل هذا القائد أو ذاك, و التدخل الفوري هذا لابد وان يضع بالحسبان دمج كافة التيارات الموجودة على الساحة في قالب واحد يعمل من اجل الكل الفلسطيني و يعمل من اجل مشروع الدولة الفلسطينية ونيل الاعتراف الدولي بهذه الدولة و عاصمتها القدس وانجاز المصالحة الفلسطينية التي ستعيد وحدة هذا الشعب إلى حالتها الطبيعية و التي ينشدها كل أبناء الشعب الفلسطيني دون استثناء .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت