من منا لا يفرح بدخول هذا الضيف الكريم الذي تختلف فيه الحياة عن باقي أشهر السنة
شهر كألف شهر..وكيف لا وفيه ليله القدر .!
عبادة وتقرب إلى الله في أيام معلومات وقراءة للقران الكريم بخشوع كبير وفرح بأجر عظيم .
إنقطاع عن الطعام والشراب طوال النهار وإفطار بعد طول إنتظار ,مائدة رمضان الشهية مع الماء البارد والعصائر والقطايف , وصلاة التراويح التي تجمع المؤمنين رجالا ونساءً وأطفالا ً في عرس إيماني تحفه الملائكة لمزيد من الأجر والثواب , أطفال يمرحون ويتمتعون بما يضفي هذا الشهر عليهم من خلال متعة تجمع الأسرة والأقارب والأصدقاء على مائدة الرحمن , والسهر الجميل مع ذكر الله ونفحات الرحمة والغفران
وسحور يعطي إضافة نوعية محببة وصلاة الفجر ليبدأ يوم جديد
كحل هذا في الظروف الطبيعية وما درجت عليه العادة
"ولكن في غزة ومنذ سنوات يختلف الأمر تماماً "
وهذه الأيام مع ضنك العيش واشتداد حرارة الجو فالأمر رهيب ...
وضعٌ تقشعرله الأبدان كلما أتخيل الوضع العام في قطاع غزة , أشعر بالرهبة والحزن وحتى الرعب وقد دخلنا شهر رمضان المبارك شهر الخير والبركة والرحمة .
بعيداً عن الوضع السياسي الذي يعيشه الناس والذي يعتريه الألم وقد ضاع الأمل بعد التفاؤل الذي كان خلال فترات متقطعة في مد وجزر وقد تم تهريب المصالحة ربما عبر الأنفاق.. فلاوفاق ولا إتفاق وقد إزداد النفاق
نفاق في الداخل ونفاق من الخارج , حتى الأقربون في مصر وقد خُلع الظالم مبارك الذي كان يتامر مع الأعداء على غزة وأهلها وساعد على الحصار ,
استبشر الغزيون خيراً بالقادم العتيد , فإذا به يخضع من جديد
كانت البشائر تهل كلما إقترب رئيس مصر الإسلامي من تسلمه السلطة وإذا به يتعهد لأمريكا بأن يُبقي الحصار , هذا الحصار الذي استمر منذ سنوات ولم تتحرك مشاعر العرب والمسلمين وقد ماتت ضمائر العالم وخاصة الزعماء والقادة المدعين بأنهم حريصون على حقوق الإنسان
قلنا أن قيادة مصر الحديثة ستخطو خطوة ً شجاعة وتفاجيء العالم بأن عهد المذلة والخنوع قد ولى بعد أن تم إزاحة عهد الخيانة والركوع وها هو عهد جديد ولا يفل الحديد إلا الحديد
ولا يكسر الحصار إلا الأحرار هكذا كان الوهم , وهكذا أمَلت قيادة غزة ورئيسها العتيد وقد إحتفل بفوز صديقه وحليفه الاستراتيجي مرشح الاخوان محمد مرسي الذي قال فيه ما لم يقله في الفاروق عُمر . وكأني به سفتح أبواب رفح والعريش ويقول...لهيلاري كلنتون
وإنت مالك ..دي حدود بلدي وأنا حر فيها ويصرخ صرخة تطرب كل الأمة ..
(إنتهى عهد الحصار يا أحرار)
موضوعنا ليس سياسياً بل هو موضوع إنساني بحت يتعلق بالموت والحياة
لأن ما يعيشه الكثير من أبناء غزة الموت أفضل منه
فأهلنا في غزة هاشم يستحقون كل الخير فهم طليعة من قدموا أبنائهم على مذبح الحرية
فمنهم كان من أعظم قادة الأمة وإخوانهم في بقية الوطن الكبير فيهم الخير كله أيضاً
بدون أدنى شك أن أهلنا في غزة يختلفون عن الأهل في الضفة من حيث التحمل والصبر
ورغم أن ظروف الإحتلال لم تميز في القهر والظلم الذي عاشه شعبنا
والظلم الذي وقع على غزة هو نفس الظلم الذي وقع على الضفة دون أي فرق
ولكن قساوة الظروف التي يعيشها أهلنا في غزة أشد من الضفة بأضعاف المرات
فحرارة الجو مختلفة والأرض تختلف أيضا ,لأن الأرض في غزة صحراوية مما يزيد من قساوة الوضع
ولا ننسى المياه التي لا تكاد تكفي السكان ورغم ذلك فهي مياه مالحة غير صالحة للشرب
أما مياه المجاري التي تجري في وادي غزة فهو أمر آخر ولا داعي لذكر خطورتها ويكفي أن نتذكر الحشرات والبعوض الذي يلسع البشر وينقل لهم الأمراض الخطيرة
وخاصة الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكثر وحتى الكبار فلسع البعوض يمنع النوم ويصيب الناس بالضجر فيزيد البلاء بلاءا
ومع ضنك العيش وقلة الموارد , فالمواطن يحتاج إلا مال حتى من أجل أن يشرب الماء فقط , فما بالكم بمستلزمات الحياة الأخرى الضرورية .!
أما إنقطاع الكهرباء التي أصبحت عدواً جديداً يضاف للعدو الصهيوني الذي يحاصرهم ويقتل أبنائهم على مدار الأيام دون توقف , فانقطاع الكهراباء أيضاً قاتل .
تضاعفت معاناة أحبائنا الغزيين سواء في الشتاء أو الصيف , فلكل فصل متطلبات كهربائية ضرورية جدا ً وفيها ما يتعلق بحياة البشر وخاصة في المستشفيات
والمرضى الذين يحتاجون للكهرباء كحاجتهم للدواء
ندخل شهر رمضان المبارك وهو شهر الخير والبركات والثواب العظيم مع أجواء شديدة الحرارة إضافة لقسوة الظروف المعيشية جراء قلة الموارد وزيادة الإستهلاك وازدياد الحاجة ومتطلبات الصائمين من طعام وشراب وأهم من ذلك الماء البارد والمرطبات التي تحتاج لتواصل التيار الكهربائي على مدار الساعة
خاصة أن المتنبيء الجوي أفاد بأن الحرارة سترتفع بشكل كبير خلال هذا الشهر الفضيل
فما العمل غير الصبر والتضرع إلى الله عز وجل ..!
نتمنى أن يمن الله على أهلنا في غزة بمزيد من الصبر الذي هو الحل الوحيد الذي من خلاله
يعوض الله تعالى عليهم بالخير والسعادة والثواب العظيم ,وإذا كان الصائم له أجر وثواب,
فإن الصائم في ظروف غزة له أضعاف الأجر والثواب
فبالصبر يتأتى الفرج بإذنٍ من المولى عز وجل
وبالرضى تتعمق الثقة بالله الذي سيعوضهم بالشعور بالأمان والرخاء والسعادة وراحة النفس
1. إنكم يا أهلنا في غزة ضربتم أروع الأمثال في الصبر والصمود والتضحية ويا أهلنا في غزة أنظرو بشرى الله لكم وهو القائل ....
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
صدق الله العظيم
فيا أهلنا في غزة هاشم الصبر الصبر
وأعانكم الله على ما أنتم عليه وقدركم على تجاوز هذه المحنة القاسية
نسأل الله بعزته وجلاله أن تزول هذه المحنة بزوال الحصار وعودة الكهرباء وصفاء النفوس
وإنهاء الإنقسام ونول الحرية وعودة الحقوق وتحرير فلسطين
والله على كل شيء قدير
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ...صدق الله العظيم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت