من الواجب الوطني والأخلاقي ،لعناصر وقيادات الأجهزة الأمنية الفلسطينية كونهم جزءا اصيلا من المجتمع الفلسطيني ،وأبناء عائلات محترمة ،قدمت الشهداء والمعتقلين والجرحى في معارك النضال الوطني التحرري ،والاجتماعي والديمقراطي ،من الواجب عليهم ان يؤدي رسالتهم الحقوقية والإنسانية في حماية الوطن ،والسهر على أمن المواطن ،من الخارجيين عن القانون ،ومن اللصوص وقطاع الطرق ،وتجار السموم ،والمشعوذين ودعاة التخلف والجشعين والمرتبطين بالاحتلال وبهدف حماية الأمن السلمي والمجتمعي للشعب الفلسطيني ،والعمل على خلق قاعدة ضرورية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ،بل وفي حماية الوطن والشعب من العدوانية الاسرائيلية اليومية التي ينفذها جنود الاحتلال ومستوطنيه ،والتعامل بحكمة وبشجاعة مع الاقتحامات والاجتياحات اليومية لأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية ،وليس كما يتوهم الاسرائيليون والأمريكيون بأن دورها فقط الحفاظ على الأمن الاسرائيلي وملاحقة الوطنيين والمناضلين .
وانطلاقا من هذا الفهم لدور الأجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة بما فيها جهاز الشرطة ،فان توصية لجنة التحقيق الرئاسية في مصادمات يومي ألسبت والأحد 30/6 و 1/7/2012 ، بمدينة رام الله التي شهدت تعديا سافرا من بعض أفراد الشرطة والمباحث الجنائية وبعضهم بالزى المدني على المتظاهرين والمحتجين الذين جاءوا للتعبير عن رفضهم لزيارة مجرم الحرب شاؤول موفاز لمدينة رام الله ،كأحد المشاركين في جريمة محاصرة الرئيس ابو عمار في المقاطعة ،والاعتداء عليهم بالضرب والأذى وسوء المعاملة ،وبهذه الانتهاكات لحرية الرأى والتعبير والتظاهر ،وعرقلة مهمة الصحافيين فقد ارتكبوا جريمة بحقهم ، وبهذا فقد تجاوزوا مهمتهم ،وخالفوا القانون .
لقد عكست سرعة تشكيل لجنة تحقيق رئاسية لمعرفة تطور الأحداث ،وحيادية لجنة التحقيق بعدا ايجابيا واهتماما بارزا ،عكستها استنتاجاتها الموضوعية التالية :-
1- أكدت تجاوز بعض أفراد الشرطة للقانون ،وإساءة السلطة الممنوحة لهم ومن هم بالزى المدني.
2- أن المستوى المسئول في شرطة رام الله كمدير شرطة رام الله ،ومدير شرطة المركز كانا يقودان عمليات المنع والعنف ضد المشاركين في المسيرتين السلميتين ويشاركون فيها بأنفسهم.
3- استخدام العنف والشدة غير المبررة والتعامل مع المسيرتين السلميتين ،برغم عدم وجود أى تهديد أو خطر على حياة أى من رجال الشرطة.
4- مشاركة بعض أفراد الشرطة وهم بالزى المدني بالعنف ضد المشاركين في المسيرتين ،وعدم ابراز هويات تعريفية بصفتهم ،ومنع الصحافيين والإعلاميين من القيام بتغطية الاحداث.
5- اعتداء رجال الشرطة ومن هم بالزى المدني على الصحافيين بالهراوات وبالأيدي والأرجل وبأجهزة اللاسلكي مما عرض بعضهم للإيذاء الجسدي والنفسي ،وتوجيه عبارات نابية اثناء تأدية عملهم.
لقد اصدرت اللجنة التوصيات التالية :
1- طالبت رئيس السلطة بإصدار تعليماته الى مجلس الوزراء ووزير الداخلية بالعمل على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون التجمع السلمي والعمل على الغاء المواد (6،7،9) التي تتحدث عن فض الاجتماعات العامة وتفريقها.
2- اصدار تعليمات واضحة لمنتسبي الاجهزة الأمنية بضرورة احترام قواعد القانون الأساسي وقواعد قانون الاجراءات الجزائية عند قيامهم بعمليات القبض والاعتقال.
3- تحويل جميع الافراد من منتسبي جهاز الشرطة والمباحث الجنائية ومن هم بالزى المدني الذين تثبت مشاركتهم بالفعل في عمليات الضرب والأذى الى الجهات القضائية المختصة لمساءلتهم ،وإيقاع العقوبات المناسبة فيمن تثبت ادانته.
4- مساءلة قائد شرطة محافظة رام الله ،وقائد شرطة مركز رام الله ومدير المباحث الجنائية بما جرى ،واتخاذ الاجراءات التأديبية والقانونية بحق الافراد الذين قاموا بالاعتداءات بعيدا عن النتائج التي تتوصل لها اللجنة الرئاسية أو أى لجنة اخرى.
5- منع مشاركة رجال الأمن الذين لا يرتدون الزى الرسمي في المشاركة في التعامل مع المسيرات والتجمعات بشكل مباشر .
6- ضرورة مشاركة الاعلام الرسمي في توضيح اهمية التجمعات السلمية كحق يمارسه المواطنون والدفاع عنه.
7- وجوب استخدام خطاب رسمي متوازن وموضوعي من قبل الناطقين الرسميين بعيدا عن لغة التحريض والتخوين للمشاركين في المسيرات والتجمعات السلمية.
8- ضرورة التزام منظمي المسيرات السلمية والداعين لها بالقانون في حالات التجمع السلمي والالتزام بإشعار الجهات المعنية بذلك.
وبهذه التوصيات تكون اللجنة قد أنهت استنتاجاتها ،لتتحول القضية الى جهة الاختصاص القضائية والقانونية ،فماذا بعد توصية لجنة التحقيق الرئاسية ؟؟ هل سيتم طي صفحتها وقذفها الى المجهول ؟ أم الاهتمام بجدية بتوصياتها ،وفي المقدمة منها تقديم كل المتورطين بالتعدي على المشاركين بالمسيرتين السلميتين من المواطنين والصحافيين سواء بالعنف الجسدي أو اللفظي وتقديمهم الى القضاء ؟؟ وإعادة تأهيل افراد الاجهزة الأمنية لتستمر في عطائها دفاعا عن الوطن والمواطن . الجميع ينتظر مدى جدية السلطة الوطنية الفلسطينية والقضاء الفلسطينيي للمحافظة كرامة الانسان الفلسطيني وحقوقه العامة والخاصة ،وليسجل القضاء الفلسطيني نقطة هامة في مساواة الجميع أمام القانون ، فلا دستور بدون قضاء مستقل خصوصا ما يتعلق بحرية التعبير والتظاهر السلمي ،ومن ينتهك القانون والدستور عليه ان يتحمل المسؤولية ،فلا تترددوا في تقديم المتورطين للعدالة .. حتى تختلف الديمقراطية الفلسطينية عن الديمقراطيات الاستبدادية في العالم العربي ،وهل تحتاج الديمقراطية وحرية التعبير والصحافة وحرية المرأة والعمل السياسي ،والتظاهر السلمي الى دم وحرب اهلية لتتحول الديمقراطية السياسية والاجتماعية الى منهج حياة ،تربية وممارسة وسلوك.
طلعت الصفدي
غزة – فلسطين
الجمعة 27/7/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت