هل هو ربيع عربي حقيقي, أم أنه ربيع الدم العربي الذي أنعش الغرب الصهيوني المتعطش لكي يتسع نفوذها وتستغل مقدارت الوطن العربي وتسخيرها لإسرائيل التي كانت تعيش في غابة من الأسود العربية الذين إنقلبوا إلى وحوش تأكل بعضها بعضاً ..وهي تهدم وتبني وتتطور وتزدهر وتعلوا
كتبنا قبل عامين تحت عنوان (الزلزال هو الحل )
ولم يكن هذا تمني أو حلم , بل هو كابوس كان وما يزال يؤرقنا
واليوم أصبح لدينا قناعة أكبر أن الزلزال بدأ وله توابع بركانيه ستنفجر لاحقاً رغم أنوفنا
كنا كأمة عربية واسلامية في فترة تاريخية ,كنا نحن من يقرر مصير العالم ولكننا اليوم لا نعرف ما هو مصيرنا وإلى أين نحن ذاهبون ونحن نُساق إلى حيث هُم يريدون .!
كنا قبل عام ونصف نراقب ما يجري في ليبيا وقد كان الدمار والخراب وسفك الدماء في أوجه وقد قلنا حينها أن العمل قائم في ليبيا والعين على سوريا
واليوم نراقب ما يجري في سوريا وقد ضربها الزلزال المدمر وما زالت تداعياته تتفاعل بشكل رهيب ..ونقول اليوم بأن العمل في سوريا و العيون تتجه نحو الأردن وفلسطين
والعالم بقيادة أمريكا يعمل بجد ضمن مخطط مرسوم الهدف لتكريس إسرائيل سيدة للمنطقة لا بل قوة عظمى يلتف حولها كل ما تبقى من شراذم عربية متهالكة ستكون مضطرة للتحالف مع إسرائيل الدولة العظمى في المنطقة كما هو الحال أمريكا في الغرب ..!
المواطن العربي أُخذ بالثورات وانبهر بها وأيدها لأنه تواق للحرية , ولكنه سيدرك متأخراً أنه قد تم إستغلاله واستغفاله وسرقه طموحاته وأحلامه ( وكأنك يا ابو زيد ما غزيت )
من يقنعني أن أمريكا وتركيا وأوروبا واسرائيل يريدون لشعوبنا أن تنعتق من سطوة الحكام الذين هم حلفائهم الإستراتيجين والمطواعين ..! من يقنعني أيضا أن شيخ الموز في قطر يشكل مركز ثقل عربي لدعم الثوار ضد الطواغيط التابعين أصلاً لأمريكا .!
وهل ما زال خافياً على أحد أن المخطط شامل للمنطقة ونهايته تكريس وتثبيت الكيان الصهيوني
وتفتيت الشرق الأوسط لتسهيل إبتلاع ما تبقى من هذا الوطن العربي الذي أصبحنا فيه
كالأيتام على مأدبة اللئام..!
ولو نظرنا للنظام العربي بشكل شمولي لوجدنا أن الشعوب العربية حُكمت بالحديد والنار طيلة نصف قرن و ما يزيد وتم تجريدها من كل مقومات النمو والإزدهار والعلم وحتى الثقافة,
أللهم ثقافة الإستهلاك التي تجير لصالح المصانع الغربية وأغلبها صهيونية , وصار لدينا شعوب
مقهورة مظلومة مشلولة الإرادة لوقت طويل وكانت المفاجئة التي بدأت من تونس
فنزعت عن نفسها لباس الخوف فتساقط الطواغيط تحت ضغط الشعوب الغاضبة
أنظمة عربية فارغة من كل شيء إلا من قوة بوليسية جاهزة عند الطلب , قيادات بمعظمها وصلت للحكم بغفلة من الزمن أو بقدرة قادر وبقيت عقوداً من الزمن تحصد مقدرات بلادها
تحت سمع ونظر ورعاية دول الاستحكام العالمي ولم نسمع منهم نقداً أو تحذيراً لا بل دعماً وتأييداً ,وفجأة ينقلب الغرب على هؤلاء الحكام مع أول صرخة جماهيرية .
فتغيير الحكام ليس بجديد ولو عدنا الى الخلف لوجدنا ومنذ الستينات من القرن الماضي حصلت إنقلابات على الحكام الذين كانوا صنيعة الإستعمار , وبرعاية نفس الإستعمار وصل حكام جدد
وهم من إنقلب عليهم الغرب من جديد مع بداية ما سُميَ بالربيع العربي
كما قلت آنفا ً كان الحريق في ليبيا والعين على سوريا , وها هي سوريا تحترق
والشرر الملتهب يطال جيرانها في عملية تحضيرية لحرائق أخرى مجاورة لتكتمل الصورة
فاكتمال الصورة سيكون في فلسطين لأن الهدف النهائي فلسطين وتمكين إسرائيل من كل أرض فلسطين
يجب أن لا يغيب عن بالنا لبنان التي تنتظر البركان القادم والذي من الممكن أن يستمر أعوام حتى يقضي الكل على الكل , وأعتقد أن إسرائيل لن تشارك إلا بعد أن يأخذ المخطط حقه في إهلاك الحرث والنسل والشجر والحجر
هل الأردن الهدف قادم ..!
بكل تأكيد هو الهدف القادم ..
فالوضع في الأردن لا يختلف كثيراً عن أوضاع الدول العربية من حيث الفساد الذي ضرب أطنابه وقد بدأت نبرة الاحتجاجات تأخذ منحى شديداً و تصاعدياً لا بل هناك من يهدد رأس النظام علانية وعلى الفضائيات ومن قلب العاصمة ..!
نحن نعرف أن الأردن ليس دولة نفط بل هي دولة شفط , ولو بحسبة بسيطة نجد أن الأردن شفطت من خيرات النفط ما يكفي ليكون إقتصاده على الأقل آمناً ,إلا أن الشفط شمل حتى الموارد الأخرى لجيوب المتنفذين الذين ساهموا في تخريب كل شيء
فداخلياً الأجواء مشحونة ولا أحد راضٍ عن الحكومات المتعاقبة وكل ما أتت حكومة لعنت ما قبلها وقد تبين أن معظم الحكومات تركت خلفها قضايا سلب ونهب للمال العام أرجع الأردن للخلف في كل النواحي ووضعت الشعب في أدنى مستوى معيشي , وهذا بدون شك لجريمة كبرى بحق أمة وشعب لو توفرت له هذه الأموال المنهوبة لكان وضعه أفضل وحياته أيسر
ولكن على ما يبدو أن النهب ليس بقصد السرقة فقط ولكنه نهب منظم ليبقى الأردن خاضعاً خانعاً
كما هو الحال في جميع دول المنطقة
الوضع في الأردن معقد جداً ولكن لم يدخل بمرحلة الخطرالشديد لأن الجميع سواءً نظاما ً أو معارضة يتصرفون بحذروحرص خوفاً من أن ينفجر الوضع وأمامهم صور في بث حي ومباشر لما يمكن أن يكون عليه الحال لو تفجر الوضع
وللأسف فإن النظام لا يأخذ مبادرات جادة خاصة أن المطالب الشعبية والحزبية ليست بالصعبة
وخاصة إلغاء الصوت الواحد في الانتخابات ,والاصلاح السياسي أ ومحاسبة الفاسدين وما نراه (وكأن النظام يُحرض الناس ضده وهذا أمر في غاية الغرابة)
أما خارجياً فعلى ما يبدو أنه ما عاد هناك حرص وتقدير لدور الأردن كصمام أمان في المنطقة ولا حتى من أمريكا الحليف الأكبر , وهناك ضغوط جبارة على الأردن للمشاركة في الحرب على سوريا من خلال الحدود العريضة وفتح الباب لكل ما تيسر من إمكانات لوجستية,
والاردن يشعر بخطورة هذا الأمر وانعكاساته على الوضع الداخلي الذي هو أصلاً يغلي
أما إسرائيل فتنتظر حريق الأردن على أحر من الجمر , ورغم أن الشعب الأردني يتظاهر منذ عقد من الزمن أو أكثر لا بل سبق كل الشعوب العربية من خلال التظاهرات التي تطالب بوقف التطبيع وتلاها المطالبات بالاصلاح إلا أن الأمور لم تخرج عن المألوف من حيث التظاهر السلمي والمطالبات المحدودة التي لم تتجاوز تغيير الحكومات وقانون الإنتخاب والتطبيع , دون التطاول على رأس النظام وهذا الأمر جارٍ منذ خمسة عشر عاماً ,ولكن نرى اليوم تصعيداً وصل إلى رأس النظام نفسه
ولا أعتقد أن هذا صدفة ,و هناك ما هو مُعد ومخطط للأردن وموضوع الوطن البديل الذي أنكره بعض المسؤولين ورفضوا حتى الحديث عنه في الماضي القريب رغم أنه مخطط اسرائيلي مُعلن حتى أنهم بدأوا بالتلويح والتلميح والتصريح بأن أرض سيناء تتسع لسكان قطاع غزة , والأردن تتسع لباقي الفلسطينيين وهو أمر فيه تحريض لفئات من الأردنيين ضد فئات أخرى رغم أن لا أحد يقبل بجنة الأرض بديلا ً عن فلسطين المقدسة ,ولكن ما أسهل تحويل الإخوة إلى أعداء في الوطن العربي
فلسطين بين نارين
أما في فلسطين فالوضع أكثر غرابة وتعقيداً بعد أن أصبح الإنقسام أمراً واقعاً والشعب الفلسطيني سواءً في الضفة أو في غزة فقدوا الثقة بأي مستقبل وإسرائيل قد فرضت الأمر الواقع من خلال بسط نفوذها على كل شيء وخاصة القدس , وسلطة تحت الإحتلال لا تقوى حتى عن حماية نفسها أو الصمود أمام الضغوط المتعاظمة , ونحن نرى أنه حتى الراتب لا تستطيع تأمينه إلا بالقطارة التي يمسك بها بعض العرب والذين لا يفرجوا عن شيء إلا بأوامر أمريكا التي تريد أن تخنق الشعب الفلسطيني حتى يرضخوا لكل ما هو لصالح إسرائيل .
والخوف كل الخوف أن تشهد فلسطين صراعاً داخلياً نتيجة التحريض الذي عنوانه دائماً الفساد , ونحن نلاحظ الهجمة التي تلت موضوع إغتيال أبو عمار خاصة من محمد رشيد والراجل الواقف خلفه ( دحلان ) هذا المتخفي والصامت الذي ما زال له دور خطير ونحن في مرحلة خطيرة , أعتقد أنه من ضمن المخطط لأغراق الوطن بفتنة كبرى ولربما تكون إسرائيل بجيشها الاحتلالي الحاجز بين الفرقاء مع تدخل دولي يقرر ما يساعد على تثبيت المخطط الرهيب المرسوم لفلسطين
الوضع في سوريا هو الحد الفاصل بين التقدم في المخطط أو التوقف عند حدود سوريا
لأن الجميع ينتظر النتائج التي من خلالها يتقرر كل شيء
إذا ً نحن أمام ما هو معلوم وخطير ولكن المجهول أخطر
لا أدري هل لدى الحريصين على أمن واستقرار المنطقة وعدم دخولها في بحر الظلمات المراد إغراقنا به هل هؤلاء قادرون على وقف الإنزلاق في هذا البحر الضحل والعميق ..!
فلو كانت الثورات العربية ثورات شعبية فقط كما حصل في مصر على سبيل المثال لكان أهل مكة أدرى بشعابها , ولكن عندما نرى أن الثورات دخلت في متاهات ودهاليز السياسة العالمية التي جيرت تلك الثورات لأغراضها ومخططاتها وقد تم حشد طاقات البترول الخليجي والتكنولوجيا الغربية مع أسلحتها التي حولت الثورات إلى حرب دموية رهيبة
فلا نستطيع القول إلا أننا ذاهبون إلى حرب أهلية مدمرة ستأكل الأخضر واليابس لا قدر الله
وحينها فقط سيدرك الواهمون والمهللون للربيع العربي أننا أُخذنا على حين غرة
لدعم المشروع الصهيوني والذي لن يكون إلا على أنقاض وطننا العربي
وتثبيت وإعلاء شأن إسرائيل كدولة عظمى في المنطقة يكون فيها العرب عبيداً
فهل هذا ما نريد ..!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت