نهج السلام الذي يسير به الرئيس ابومازن مستعينا برئيس حكومته سلام فياض، قد وصل إلى طريق مسدود، بعد اتهامه بممارسة (الإرهاب السياسي) ضد إسرائيل، والاتهام صدر من صُلب الحكومة الإسرائيلية، ليس مجرد تصريحات فردية من معارض أو متطرف، بل اتهام تُرجم على شكل مذكرة رسمية موجهة للجنة الرباعية الراعية للسلام، مما يؤكد على انسداد أفق عملية التسوية مع إسرائيل، فالرئيس ابومازن كان قد قرر أن يمشي "مع الكذاب لباب الدار" وها هو وصل إلى باب دار، وبان الكذاب بأنه فعلا كذاب فما الحل؟
الرئيس ابومازن يستخدم خياره الآخر وهو الخيار الدولي معتمدا على التأييد الواسع الذي يحظى به في الأمم المتحدة والذي لم يبتعد عن نهجه السلمي في إيجاد الحل وذلك بناءاً على إيمانه بعدم توفر أي حل عسكري، كما يشير الواقع إلى ذلك، فلا يوجد هناك أي طرف دولي مستعد لدعم حقيقي للخيار العسكري ضد الاحتلال، ولا تتوافر الإمكانيات الذاتية الفعالة للسير في هذا النهج، ولكن إذا عدنا للوراء ودققنا في سياسية الشهيد ابوعمار، سنجد انه ما كان " يمشي مع الكذاب لباب الدار"، بل كان يتصرف مع الكذاب على انه كذاب وكان يُطَعم نهجه السلمي بقليل من العنف الذي لم يترك مجال لأحد من الحكومات الإسرائيلية بان يصل به الحال إلى اتهامه بممارسة (الإرهاب السياسي)، فقد استطاع إدارة الصراع مع الاحتلال بحرفية عالية زاوج فيها بين مقاومة مشروعه أوجعت إسرائيل وعمل سياسي عراهم وفضح كذبهم، ومع ذلك والى آخر لحظة بحياته لم تتجرأ إسرائيل على الاستخفاف بسلطته فكانت تدرك قدرته على التحكم في مستوى العنف داخل فلسطين، فلم يستأصل أداوت العنف بل سيطر عليها وتحكم بها، ماعدا بعض الشذوذ الغير متوافق مع المصلحة السياسية الذي كان يصدر عن حركة حماس كعادتها،
وكانت أقصى هموم إسرائيل آنذاك تعبر عنها في اتهام الشهيد ابوعمار بدعم (الإرهاب) والذي لم يجرأ احد بعالم على اتهامه بذلك، أو إدانته على ذلك، أما الآن فتهمتنا هي ممارسة الإرهاب السياسي والتي أيضا لم يجرأ احد بالعالم على أدانتنا على ذلك لمشروعية (الإرهاب السياسي) مثله مثل مشروعية مقاومة الاحتلال باستخدام العنف، ولكن الفرق بين التهمتين إن التهمة الأولى يتبعها استجداء بوقف العنف أما التهمة الثانية فيتبعها تهديد ووعيد بالخنق والحصار، ومع إدراكنا بان ثمن ممارسة العنف هو الأكبر ولكن يدفع ثمنه الطرفين، ليس طرف واحد، وان الشهيد ابوعمار دفع حياته ثمنا لتلك المعادلة التي استطاع أن يقارع بها الاحتلال دون ان تهتز شرعية سلطته ودون أن يتجرأ احد على التهديد أو الضغط عليه ماليا،
فلذلك يجب إعادة النظر بنهج السلام الذي وصل إلى حد سماح قوات الاحتلال لمئات الآلاف من أهل الضفة بدخول إسرائيل، وهو أمر جيد ولكن ليس بدون حل سياسي، فنحن نريد الانفتاح على إسرائيل كونها أراضينا المحتلة والتي سنبقى مرتبطين بها روحيا وجسديا، ولكن ضمن تسوية سياسية ننال بها ما رضينا به من حقوق منقوصة، فلذلك يجب على الرئيس ابومازن بان يسمح بل ويؤسس بشكل غير مباشر ولكن تحت سيطرته التامه مجموعات مقاومة عسكرية تتخصص في مكافحة قوات الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية بما فيها القدس، وان تظهر تلك المجموعات إعلاميا لتعلن بأنها تساند قيادتنا السياسية (بإرهابها السياسي لإسرائيل) ولكن إذا كان العمل السياسي السلمي بطبيعته، سيتحول إلى أن يُوصف بعمل إرهابي وسندفع ثمنا لذلك، فمن الأولى أن نمارس (الإرهاب) الحقيقي الذي سيدفع ثمنه الجميع، ووقتها سنكون مستعدين لدفع الثمن.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت