مع ساعات مساء يوم الجمعة الحادي والثلاثين من أب تنتهي أعمال القمة السادسة عشر لدول عدم الانحياز المنعقدة في طهران بحضور ممثلي أكثر من 122 دولة بينهم ثلاثين رئيس دولة الأمر الذي يضفي أهمية كبرى على هذه القمة علاوة على مكان انعقادها في طهران التي تتعرض لهجمة واسعة تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية ناهيك عن الظروف التي تعصف بالمنطقة مما يجعل أهمية هذه القمة تفوق سابقاتها من حيث الزمان والمكان بالإضافة لما يمكن أن تتمخض عنه القمة من مقررات ستشكل المعيار الحقيقي لمدى قدرة دول عدم الانحياز هذه لاسترداد عافيتها بعد أن أصابها الوهن خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية التي كانت تشكل السند الرئيسي لهذه الدول منذ نشأتها في أواسط القرن الماضي بزعامة الثلاثي عبد الناصر ونهر وتيتو وبنظرة سريعة لمكانة هذه الدول ومواقفها على مدار أكثر من نصف قرن يمكن القول أنها شكلت عنصرا مهما في دعم حركات التحرر في العالم خاصة دول أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وبفضل دعمها غدت حركات التحرر في تلك البلدان دول قائمة بسيادتها تجلس على مقاعد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة ، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي تراجعت مكانة دول عدم الانحياز وخفت دعمها وتأثيرها على المستوى العالمي لكنها حافظت على كينونتها كواحدة من اكبر المنظمات الدولية الأمر الذي يؤهلها للعب دورا أكثر تأثيرا في الظروف الراهنة ويمكن للقمة الحالية أن تضع خارطة طريق للقيام بالدور المنشود إذا تمكنت من وضع معالجات للقضايا المطروحة على جدول أعمالها وهي الموقف من الأزمة السورية وسبل دعم القضية الفلسطينية والموقف من حق الشعوب في امتلاك الطاقة النووية للإغراض السلمية بالإضافة للموقف من الإرهاب وسبل دعم العدالة على المستوى العالمي ،إن هذه القضايا كبيرة ومعقدة بدون شك لكنها مهمة بكل المقاييس وتكمن دول عدم الانحياز من وضع خارطة طريق للتعامل مع هذه القضايا سوف يقرر مصير هذه المجموعة الدولية ونعتقد أن دول عدم الانحياز بما لها من رصيد تاريخي بإمكانها أن تنجح في استعادة عافيتها خلال الحقبة القادمة من الزمن ، على أية حال المؤشرات التي لاحظناها في اليوم الأول للقمة تظهر مدى الارتباك الذي طغى على كلمات رؤساء الوفود وقد لوحظ الانحسار الإقليمي على خطابات البعض الأمر الذي يوحي بعدم المعرفة حتى الآن بدهاليز السياسة الدولية وعدم إدراك الدور والتأثير الهام الذي يمكن لدول عدم الانحياز أن تلعبه على الصعيد العالمي ، الفلسطينيون ينتظرون من هذه القمة ثلاث مسائل مهمة تشكل بالنسبة لهم معيار الحكم على جدية هذه القمة"-
الأول :- هو دعم دول عدم الانحياز لموقف القيادة الفلسطينية في التوجه للأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة للاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس على كافة الأراضي المحتلة عام 1967م.
الثاني :- هو المساعدة في إنهاء الانقسام الفلسطيني والإسراع في تطبيق المصالحة الوطنية وما يتطلبه ذلك من عدم التدخل بالشئون الداخلية والعبث بقضية التمثيل الفلسطيني .
أما الأمر الثالث:- فيتمثل باستمرار وقوف هذه الدول على جانب القضية الفلسطينية ومحاصرة اسرائيل وسياساتها العدوانية في كافة المحافل الدولية وتقديم الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني ودعمه في مواجهة سياسية الابتزاز الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، هذا ما ينتظره الفلسطينيون . وبدون شك فإن العرب وشعوب الدول التي تتكون منها دول عدم الانحياز تنتظر الكثير. هل ستنجح دول عدم الانحياز التي سترأس إيران دورتها للفترة المقبلة في تلبية مطالب الشعوب ؟! أو على الأقل عودة العافية والفعالية والتأثير الذي تميزت به دول عدم الانحياز في النصف الثاني من القرن الماضي ،،أسئلة الزمن كفيل بالإجابة عليها.
*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
30/8/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت