( 1 )
هل يمكن لاى حزب سياسي أن يعبر عن مصالح كل الناس وكل الطبقات؟؟!!!
أي حزب سياسي نريد ؟؟؟
صرخة دوت بجرأة، في قاعة مؤتمر السوفيتيات الأول لعموم روسيا في حزيران 1917 ،أطلقها لينين زعيم الثورة الاشتراكية وقائدها " نعم يوجد حزب كهذا " عكست هذه الصرخة اصرارا وحزما دون تراخ أو ميوعة تنظيمية ،وانضباط واع على تصميم الحزب الثوري المسلح بالفكر الماركسي، والمرتبط بالشعب وبالجماهير المسحوقة على قيادة الثورة حتى النصر ،ارتجت لها كل جدران القاعة وسقفها زلزلت الأرض تحت أقدام التحريفيين ،وأهالت التراب على كل التيارات الانتهازية التي عارضت زعامة الطبقة العاملة للثورة ،ووقفت ضد تحالف العمال والفلاحين، ودعت بعودة الثورة إلى البورجوازية وطالبت بتصفية حزب الطبقة العاملة الثوري والتخلي عن النضال ،وتحويل الحزب إلى ناد دون شروط للعضوية الحقيقية ،ولكن النصر كان للبلاشفة والثوريين ،وسقطت الثورة البرجوازية لأجل الثورة الاشتراكية ،ضد الأغنياء لأجل الفقراء ،ضد المستغِلين لأجل الكادحين ،من اجل مجتمع خال من الاستغلال الرأسمالي والحروب ،وحق الأمم في تقرير مصيرها.
ان أبسط اسس المعارف السياسية لعضو الحزب الثوري ،معرفته بقوانين تطور المجتمع ،وإدراكه لمفهوم السياسة باعتبارها تعكس العلاقة بين الطبقات المكونة للمجتمع ،ولان السياسة هي خبز الشعب الفلسطيني وهواؤه فلا بد من معرفة أي حزب سياسي يعبر عن أهدافه الطبقية ومصالحه الوطنية والاقتصادية والاجتماعية ،ولما كان المجتمع الفلسطيني يتكون من طبقات وشرائح اجتماعية مختلفة ،متبلورة ام في طريقها للتبلور من العمال والشغيله والفلاحين والمزارعين والطلبة والمرأة التي تشكل نصف المجتمع ،ومن مهنيين ومثقفين ومفكرين ،ومن برجوازيين صغار وكبار ورأسماليين واحتكاريين ومهمشين ،فهل هذا الطيف المتناقض طبقيا وفكريا ،يمكن لحزب مهما كان ديمقراطيا وحضاريا أن يعبر عن مصالح كل هذه الطبقات والشرائح فهل يمكن أن يدافع عن العامل والبرجوازي الكبير في نفس الوقت ،ويحمل بطيختين في كفه واحدة ؟؟؟ فهل تحول الحزب الى سفينة نوح بإمكانه أن يحمل هذا التنوع الطبقي ؟؟.
وبنظرة فاحصة لخارطة العالم السياسية الحالية ،نجد بلدان النظام الرأسمالي تقوم على اساس الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ،واقتصاد السوق ،يقبض على زمام السلطة فيها الطغمة المالية والعسكرية من الرأسماليين والاحتكاريين ،والصيارفة وكبار الشركات المتعددة الجنسيات ،وتجار السلاح ،هؤلاء يمتلكون الثروة والسلطة ،ثرواتهم نهبوها وكدسوها من كدح العمال والفقراء ،ومن نهب خيرات الشعوب التي استعمروها واستعبدوا أهلها . وللحفاظ على سلطتهم وثرواتهم ينشئون أحزابا سياسية تدافع عن مصالحهم وتضمن استمرارهم في السلطة ،كالحزب الديمقراطي ،وحزب المحافظين في ا لولايات المتحدة الأمريكية زعيمة هذا النظام ،وحزب العمال وحزب المحافظين وحزب الأحرار في بريطانيا ،وكلها أحزاب تدافع عن مصالح الاحتكاريين والماليين ،مستخدمين الجيش والشرطة والاستخبارات والسجون والتعليم ،ووسائل الاعلام والاتصال والتكنولوجيا التجسسية ،وتجند المنظرين والمروجين لنظامها السياسي ،وكل مؤسسات الدولة بما فيها الدين ،وويل لمن يتعدى حدوده من الكادحين والفقراء !!! وتحل مشاكلها الاقتصادية عبر الحروب وبيع السلاح ،ونشر القواعد العسكرية ،وتستخدم الحرص على الديمقراطية وحقوق الانسان للتدخل في البلدان وخلق الصراعات العرقية والأثنية والطائفية ،ودعمها للحكومات الديكتاتورية ،ويمارس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتدخل دورهما في فرض التبعية على هذه البلدان التي ترزح تحت ثقل الديون والعجز في الميزان التجاري ،وحاجاتها للتعمير والتنمية. وفي ظل الرأسمالية يتفاقم النضال الطبقي ،ويناضل العمال والمسحوقون والفقراء من أجل ظروف للحياة أفضل ،يتجلى في تشكيل احزابها السياسية
ونقاباتها العمالية التي تخوض نضالا مريرا ضد الرأسمال عبر الاضرابات والمظاهرات والانتفاضات الشعبية.
وبلدان أخرى ،انتهجت طريقا مغايرا للنظام الرأسمالي ،يقوم على أساس ملكية وسائل الانتاج ملكية جماعية ،ينهي استغلال الانسان لأخيه الانسان ،وسعت لبناء نظام سياسي من نوع جديد هو النظام الاشتراكي ، وقادت الثورات الاجتماعية والانتفاضات الجماهيرية والمسلحة في بلدانها أحزاب شيوعية وماركسية وديمقراطيات شعبية ،ضد الرأسماليين والاحتكاريين والحكام المستبدين ،وبانتصارها في الثورة أقام بعضها دولة العمال والفلاحين ،أوقفت نهب ثرواتها ،وأعادت الاعتبار لقيمة الانسان ،وعملت جاهدة على توفير الحاجات الأساسية للمواطنين من العمل والصحة والتعليم والأمن ،واستلمت مقاليد السلطة أحزاب الطبقة العاملة مهمتها الحفاظ على النظام السياسي الجديد ،والدفاع عن مصالح العمال والفلاحين والمرأة والشبيبة، وتصدت لكل محاولات اعادة العجلة الى الوراء ،ونجحت في الخطوات الأولى على طريق بناء مجتمع جديد برغم المصاعب الداخلية والخارجية ،وانتكس بعضها وتراجع عن الخط الاشتراكي الى عالم الرأسمال بسبب ابتعادها عن الجماهير ،والالتهاء بقضاياها الخاصة ،وسوء الادارة واستشراء الفساد ،وبعضها استفاد من تلك التراجعات وبد أ يعيد بلورة النظام الاشتراكي على اسس وقواعد جديدة تتلاءم مع طبيعة المرحلة والصراع العالمي ،والتنافس القائم بين المعسكرين الذي تخطى الصراع السياسي والأيديولوجي والعسكري الى صراع اقتصادي أكثر تعقيدا ومنافسة ،ووضعت نصب اعينها واهتمامها القيمة الحقيقية للإنسان ،ومطالبه العادلة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ومجموعة بلدان العالم الثالث التي تحررت ،وحصلت على استقلالها السياسي من الاستعمار القديم والحديث ،ونالت العضوية الكاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ،وهي تخوض صراعا مع التركة الثقيلة الذي خلفها الاحتلال الطويل لهذه البلدان ،طال حياة الملايين من البشر ،من العمال والمزارعين والمرأة الذين تعرضوا للاستغلال والقهر ،وفقدوا أبسط حقوقهم الاساسية حقهم في الكرامة الانسانية والعمل والرعاية الصحية والتعليم والسكن والمياه النظيفة ،وحقوقهم الانسانية والديمقراطية ،وتخوض أحزابها السياسية ،معارك ضد الاشكال الجديدة من النيوكولونيالية ،والعولمة ألمتوحشة وتسعى جاهدة للفكاك الكلي من التبعية السياسية والاقتصادية ،وحل المشاكل المستعصية التي تواجه هذه البلدان ،وخصوصا حل مشاكل الجماهير الكادحة والمسحوقة والفقراء ،واللحاق بركب الحضارة والتقدم ،وتتصارع مع ألأحزاب السياسية للقوى المحلية الرجعية المرتبطة مصالحها بالشركات ألاحتكارية وبالرأسمال الأجنبي والمعادية للتقدم . ويتصاعد الصراع الطبقي بين القوى والطبقات المكونة للمجتمع ،وتتدخل القوى الامبريالية والرأسمالية في توجيه الثورات والانتفاضات الجماهيرية كما حصل في العالم العربي ،فالجماهير الشعبية قد انتفضت على حكامها ،ورفعت شعارات الكرامة والخبز والحرية السياسية والديمقراطية ،ورفضت الاستبداد والتبعية والهيمنة الامريكية. ان هذا الصراع الطبقي يحتاج لحزب سياسي معبر عن مصالح الجماهير ألكادحة ومطالبها العادلة ،وطبيعة المرحلة تحتم رص صفوف كل القوى الديمقراطية والتقدمية ،وتشكيل الجبهات الوطنية المتحدة لمواجهة القوى الامبريالية وعملائها الرجعيين .
لقد شكل نشوء الاحزاب في المجتمعات الطبقية ،حاجة وضرورة موضوعية ،عكسها طبيعة الصراع القائم بين هذه الاحزاب على المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،وهو تعبير حقيقي عن نضال الطبقات السياسي. ان الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين الثوريين ،هم بحاجة لحزب سياسي ذو هوية طبقية وهوية فكرية يقود نضالها ،ويصل بها الى السلطة السياسية ،وان اى محاولة لتغييب الوصول الى السلطة يعكس فهما مغايرا لنشأة وبروز الأحزاب ،ولا ينفي هذا القانون الاجتماعي في مرحلة ما ،العمل على تشكيل الجبهات الوطنية ،وخلق تحالفات مع العديد من القوى اليسارية والديمقراطية ،وحتى الليبرالية الوطنية تلتقي مصالحها في الدفاع عن الحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي ،وحقوق الانسان وبناء المجتمع الديمقراطي الحديث ،والتصدي لقوى التخلف والرجعية ،ومع ذلك فمهما كانت قوة الحزب وجماهيريته فلا يمكن أن يعبر عن مصالح كل الناس وكل الطبقات ،ولا يمكن تجاهل القانون الذي يعكس
وحدة المضمون والشكل للحزب السياسي ،خصوصا اذا كان حزب الشعب الفلسطيني هو امتدادا لتاريخ الحركة الشيوعية في فلسطين ،ويعتمد في تحليله للواقع والمجتمع المنهج المادي الجدلي ،ويستلهم في ممارسته النظرية والعملية التراث الفكري الماركسي والاشتراكي ،وكل ما هو تقدمي وإنساني في التراث الفكري العربي والعالمي ،وينطلق من مبادئ وقيم وأهداف الاشتراكية العلمية.
طلعت الصفدي غزة – فلسطين
الأحد9/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت