نُصْرَةُ النبي محمد صلى الله عليه وسلم حقٌ على كلِّ مؤمن ، وخلقٌ كريمٌ وعملٌ واجبٌ على كل منصفٍ ولو لم يكن من المسلمين ، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو نبيُّ الإنسانية كلها ، إذ ابتعثه الله بالرسالة رحمةً للعالمين ، وأمته هي خير أمة أخرجت للناس ، والمسلمون هم خير الناس للناس ، وقد وسع المسلمون غيرهم من الأمم ، إذ لا زال مواطنونا من أهل الكتاب وغيرهم يعيشون بيننا موفورين الكرامة كما أمر بذلك اللهُ عز وجل ورسولُه صلى الله عليه وسلم ، بينما لم يسع المسلمين غيرُهم من الناس كما وسعوهم ، فقتلوا من المسلمين من قتلوا ، وحملوهم على تبديل دينهم حملا ، وسلبوهم أدنى حقوقهم سلبا ، والتاريخ حافلٌ بذلك ، والوقت الحاضر شاهدٌ بما يؤذي المسلمين من جراء التعصب الديني أو العرقي في كثير من البلاد ، وما حصل ويحصل بين الحين والحين من الاستهزاء بالقرآن أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالعدوان على المساجد بيوت الله وكذلك المصلين فيها لهو أبلغ دليلٍ على ذلك ، ويستمر اعتداء المعتدين حتى يصل إلى برامج ومنابر الثقافة والإعلام في الصحف والمجلات والكتب والأفلام السينمائية ، وليس العجب من هذه الأفعال الشائنة أهلها ، بل العجبُ ممن يعتبرها من باب حرية التعبير ، أو الفن ، أو حرية الرأي ، والأعجب ممن يحميها ويشجع عليها ، وإنه لمن المستغرب أن هذه الأعمال الخبيثة إنما تمس جانب المسلمين على الخصوص في كل الأحوال ما علمنا منها وما لم نعلم .
عباد الله ، أيها المسلمون :النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله ، بشرٌ ولد في خير العرب ، قال الله تعالى : { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}(الكهف: 110) .
وقد فُضِّل بالنبوة والرسالة ، فلا نقول فيه صلى الله عليه وسلم ما قالت النصارى في نبيها عيسى أنه ابن الله ، ولا ما قالت اليهود في العزير أنه ابن الله ، على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ، بل نقول إنه عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله ".
( لا تطروني) من الإطراء ،وهو الإفراط في المديح ومجاوزة الحد فيه،وقيل:هو المديح بالباطل والكذب فيه،(كما أطرت النصارى ابن مريم) أي بدعواهم فيه الألوهية وغير ذلك .
وفي الحديث عند ابن ماجة عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : ( أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل فكلمه فجعل ترعد فرائصه فقال له : " هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد " ) اهـ .صححه الألباني .
اصطفاه الله بالرسالة والنبوة كما اصطفى إخوانه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، إلا أنه قد ختمت به النبوة ، وأمرت العرب وجميع الأمم بالإيمان به واتباعه عند مبعثه، فلا يقبل الله أحداً يعاديه وينكر نبوته صلى الله عليه وسلم ، فهذا عيسى عليه الصلاة والسلام يقول الله تعالى عنه في (6/سورة الصف) :{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)}.
وهكذا كل الأنبياء عليهم السلام وجب عليهم وعلى أتباعهم من بعدهم الإيمان بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ونصرته ففي سورة آل عمران الآيات ( 81، 82، 83) قال الله جل وعلا : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) }.
وفي مسند أحمد ومصنف ابن أبي شيبة واللفظ للإمام أحمد قال : حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ :
" أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ،لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي " اهـ .
إخوة الإسلام وأتباع الإيمان :
* الاتباعُ الخالصُ للرسول صلى الله عليه وسلم ولدين الإسلام وعدمُ الابتداع هو النصرة الحقيقية للنبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى في سورة الأعراف الآيات ( 157، 158) : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) }.
والاتباع يكون بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا بمعصيته ، في الاعتقاد والعبادة والمعاملة والأخلاق ، وبالإنصاف مع الأعداء ، وبالإحسان مع المسلمين والناس أجمعين ، سواءً في حال الرضا وفي حال الغضب ، لا نخرج عن الشريعة ولا عن السنة ، وقد سئلت عائشة رضي الله عنها وهي زوجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد قال رحمه الله : حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : ( أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }، قُلْتُ : فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ قَالَتْ لَا تَفْعَلْ أَمَا تَقْرَأُ :{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }، فَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ ) اهـ .
، ولذلك لم يعهدوا عليه صلى الله عليه وسلم إلا محاسن الأخلاق والأعمال ، وكريم الصفات والأفعال ، بل كان لا يزيد مع الإيذاء إلا صبراً ، ولا مع إسراف الجاهل إلا حلماً، وكان كما تقول عائشة رضي الله عنها، لا ينتقم لنفسه أبداً، وقد كان من دعائه ماحكى الإمام النووي في شرحه على مسلم قال : ( ..ولم يكن – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - فاحشًا ولا متفحشًا ولا لعّانًا ولا منتقمًا لنفسه، وقد قالوا له: ادعُ على دَوس فقال: " اللهم اهد دوسًا " وقال: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " ) اهـ .
وقد كانت دوسٌ كافرة وقد كان قومه مشركين ومع ذلك دعا لهم ولم يدع عليهم ، فالدعاء على الكافرين دائماً الدعاء بالهلاك والمحق والسحق والفناء ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن لا يتمنى أن يسحق الناس كلهم من أهل الكفر بل يتمنى لهم الهداية ويتمنى لهم الرحمة ويتمنى لهم المغفرة أما السحق والتدمير والإهلاك فبيد الله لا بأيدنا وبأمر الله لا بأمرنا وما بعثنا الله لنسحق الأمم بل بعثنا لنحيي الأمم بإذن الله عزو جل الحياة السليمة المؤمنة الكريمة ، وإن لم يكونوا مؤمنين يكونوا في ظل الإسلام وأهله يعيشون كرماء حتى يروا عدل الإسلام ورحمة المسلمين وحينئذٍ يدخل من يدخل منهم في الدين عن طواعية فلا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
عباد الله :ولذلك لما كان يوم الفتح لم ينتقم صلى الله عليه وسلم ممن عادوه وآذوه بل كان موقفه صلى الله عليه وسلم من قومه يوم فتح مكة يدل على هذا، فقد عفا عنهم، وجاء في رواية البيهقي في السنن الكبرى: ( .. ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ أي النبي -صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذَ بِعِضَادَتَىِ الْبَابِ -حلقتي الباب باب الكعبة - فَقَالَ :« مَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ » -يخاطب أهل مكة -. قَالُوا : نَقُولُ ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٍ رَحِيمٍ قَالَ وَقَالُوا ذَلِكَ ثَلاَثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" }. قَالَ فَخَرَجُوا كَأَنَّمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ فَدَخَلُوا فِى الإِسْلاَمِ ) اهـ ، لما رأوا حسن المعاملة ومقابلة الإساءة بالإحسان من النبي -صلى الله عليه وسلم- خرجوا وكأنما نشروا من القبور من خوف الموت والهلاك وحينئذٍ دخلوا في الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن هذا الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أيها المسلمون : هذا هو إسلامنا ، وهذا هو نبينا صلى الله عليه وسلم ، وهذه هي شريعته ، فأين من يزعم أنه من الدعاة إلى الدين وهو ينفر ويبغض الناس في الإسلام بما جمع من الجهل بحقيقة الدين ، وسماحة التشريع ، إضافةً إلى سوء الفهم وجور القصد ، والغلو والتنطع والتشدد فيما ابتدعه هو من العدوان السافر على حرمات المسلمين بل والناس أجمعين من استباحة الأعراض والأموال ، بل وانتهاك الحدود التي حدها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وتتبع العورات بغير حق ابتغاء نصرة النفس والهوى الفتاك المردي ، خرج الإمام أحمد من حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإن من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته " ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الغيبة فقال ذكرك أخاك بما يكره قال أرأيت إن كان فيه ما أقول فقال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " يعني افتريت عليه.
عباد الله ، أيها المؤمنون:
ألا يا أهل فلسطين : على الله وحده فتوكلوا ، وبه سبحانه فثقوا ، وعليكم السنة السنة والسبيل السبيل ، سنة محمداً صلى الله عليه وسلم وسبيل المؤمنين كما قال الله تعالى :( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فهل نحن من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا كان كذلك بل نتمسك ولنعض بالنواجذ على سنته صلى الله عليه وسلم وسبيله ولنحمل كل سبيل وكل طريق وكل قول وكل فعل وكل أمر وكل نهي على سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ، فما كان منها فنعم وما لم يكن منها فندعه خلف ظهورنا لنسلم فمن اتبع فقد سلم ومن ابتدع فما حجته أمام ربه سبحانه وتعالى ، ألا بيض الله تلك الوجوه من أهل الإخلاص والاتباع والمسئولية والصدق فيها الذين يذودون عن حدود الله أن تنتهك ، ودماء وأموال وأعراض المسلمين أن تستباح ، ودين الله أن يفترى عليه ، ووفق الله أولئك العاملين على هداية ورحمة وإنصاف لم تصرفهم الصوارف الجامحة بأهلها عن الطريق المستقيم ، عرفتم فالزموا ، لعل الله أن يجعلنا وإياكم والمسلمين من أهل النفوس الزاكيات الراضيات الصابرات ، وأنتم أيها الفلسطينيون آن الأوان لأن تلتئم جراحكم العميقة بفضل الله تعالى ثم صبر الصابرين على أداء الأمانات إلى أهلها وإن كلفهم ذلك ما كلفهم ، ويا من ألم بما ألم من خطايا آن لكم أن تنيبوا إلى ربكم وتتراجعوا لترجعوا إلى صفكم الذي افتقدكم أيها الإخوة الأعزة والرجوع إلى الحق فضيلة ، وهو خير من التمادي في الباطل، وخصوصاً في هذه الأيام التي نرى فيها تلك الحملة المسعورة على حرق بيوت الله وعلى حرق القرآن الكريم ، هناك حملة مسعورة من أولئك القاسطين عن الطريق المستقيم قتلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يستبيحون الدماء ويستبيحون الأعراض ويستبيحون الأموال الحرام ويعتدون على بيوت الله فمتى يا عباد الله ..؟! إنها والله مسئوليتنا جميعاً مسئوليتنا أن نطهر بيوت الله ونحررها ونعظمها وخصوصاً التي بين ظهرانينا ، بيوت الله التي حوالينا وبين ظهرانينا ، نقيم فيها العبادة كما أمر الله بها وشرعها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه لولا أننا نحن قصرنا في بيوت الله ما اعتدى عليها أولئك الظالمون لولا أننا نحن الذين قصرنا فنعظم بيوت الله كما أمر الله بذلك وكما أمر رسوله لما جرؤ أولئك العابثون المعتدون المحتلون أن يحرقوا تلك المساجد وكلما حرقوا مسجداً انتقلوا إلى غيره من المساجد إنها والله مسئوليتنا أن نعظم المساجد وأن نعظم كل راكع أو ساجد وأن نعظم كل راكع أو ساجد من المسلمين سواء كان من الحزب الفلاني أو من الحزب العلاني فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، لا حزبية في الإسلام المسلمون كلهم أمة واحدة ومن هنا لا بد أن نرجع إلى المعاني القرآنية والنبوية التي جعلها الله في كتابه أو نطق بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن نرجع عن المعاني الحزبية الخالصة التي خالفت كتاب الله وخالفت سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا باسم وطن ولا بسم دين ، فلا دين بلا وطن ، ولا وطن بلا دين، ولا دنيا بلا أخرة ، ولا أخرة بلا دنيا ، ولا سياسة بلا دين ، ولا دين بلا سياسة ، كل هذه المعاني جاء بها الاسلام في شرع الله عز وجل ووضع حد من الحدود وأوضح من المفاهيم ودعانا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون والأئمة من بعده بالتمسك بهذا الدين ناصعاً غضاً طرياً ، " تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها " هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم .
فلنتبع عباد الله ولنكن كما قال الله تعالى : ))فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)) نسأل الله تعالى أن نكون منهم .
و يا عباد الله : فلتصلوا ولتسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، فقال : {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. اللهم فصلِّ وسلم على محمد وآله الأكرمين ، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت